الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مخطط مارشال»... ضرورة تنموية في باكستان

«مخطط مارشال»... ضرورة تنموية في باكستان
14 نوفمبر 2009 23:59
جلين هوبارد عميد كلية التجارة بجامعة كولومبيا الأميركية، ورئيس سابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض وافق الكونجرس الأميركي مؤخراً على منح 7.5 مليار دولار من المساعدات لباكستان من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ غير أن مشروع القانون هذا أثار جدلا محتدماً لأنه ينص على أن ترفع وزيرة الخارجية الأميركية تقارير إلى المشرعين حول ما إن كانت الحكومة المدنية في باكستان تحافظ على سيطرة فعالة وحقيقية على جيشها، وذلك لأن العديد من المراقبين يتهمون بعض الجهات في الجيش الباكستاني بالتسامح مع المتطرفين منذ الثمانينيات، بل وربما حتى مساعدتهم. والحال أن مشروع القانون نفسه ينبغي أن يطرح بعض الأسئلة، ومن ذلك: هل تعرف باكستان، أو الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أو أي وكالة أخرى ستنفذ المساعدات، كيف تنفق هذه الأموال بنجاح وفعالية؟ في مناطق أخرى من العالم، وبخاصة في إفريقيا، كانت المساعدات الخارجية وما زالت تمثل مصدر إخفاق كبير في تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويمكن القول إن مشروع القانون هذا يصب في ذات الاتجاه. لقد منحت الولايات المتحدة لباكستان أكثر من 10 مليارات دولار من مساعدات التنمية منذ 1954. فماذا كان مصير هذه الأموال؟ الأكيد أنها لم تساعد على خلق الاستقرار والرخاء من النوع الذي يساعد باكستان على منح شعبها بدائل للتطرف، مثلما أنها لم تنجح في إفريقيا، ولا شيء يشير بشكل قاطع إلى أن الـ7.5 مليار دولار ستأتي بنتائج أفضل. ولكن ما زال ثمة مجال للتحرك، ذلك أن صرف وإنفاق هذه الأموال سيستغرق وقتاً، وثمة فرصة لإعادة صياغة المساعدات على نحو واعد وعقلاني. بل إن ثمة مثالا للمساعدات الفعالة يمكن الاستفادة منه، ألا وهو مخطط مارشال لأوروبا خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذي ما زال يعد أنجح برنامج مساعدات في التاريخ. فقد قام مخطط مارشال على منح قروض للشركات، قروض كانت تسددها هذه الأخيرة لحكوماتها المحلية، التي كانت تستعمل تلك الأموال من أجل إنشاء البنى التحتية التجارية التي تساعد هذه الشركات نفسها وتعود عليها بالنفع. وكانت النتيجة نمواً اقتصادياً هائلا، ووظائف، وطبقة وسطى مستقرة عارضت الأحزاب الشيوعية عبر أوروبا. والواقع أن النموذج نفسه يمكن أن ينجح في باكستان، مع بعض التعديلات المبتكرة. واللافت أن المساعدات الاقتصادية لإفريقيا وباكستان تميل إلى أن تُخصص لمشاريع التنمية التي تديرها الحكومات. ومؤخراً، مولت مثل هذه المساعدات مشاريع تابعة لمنظمات غير حكومية أيضاً. غير أن كل البلدان التي تتمتع بالرخاء في العالم أصبحت غنية عبر نمو قطاع تجاري داخلي؛ ولعل الهند والصين أحدث مثالين على هذا الأمر. وبالتالي، فإن ازدهار قطاع التجارة والاستثمارات هو الطريق الوحيد المعروف للرخاء والازدهار. قد يجادل البعض بأن باكستان مختلفة جداً عن أوروبا ما بعد الحرب حتى ينجح فيها مخطط شبيه بمخطط مارشال؛ ولكن لنتأمل اليونان. فقد كانت بلداً فقيراً مزقته الحرب حين تم بدء تنفيذ مخطط مارشال فيها؛ ولكن بحلول الوقت الذي انتهى فيه المخطط، كانت اليونان في طريقها إلى الرخاء. والواقع أن النموذج نفسه يمكن إعادة تطبيقه حتى يناسب الوضع الباكستاني على أحسن وجه، إذ يمكن تنويع القروض بشكل كبير، ويمكن أن يتراوح إعداد البنية التحتية من تدريب المحاسبين إلى أمثلة تقليدية أكثر مثل إنشاء الموانئ والطرق. وعلاوة على ذلك، يصنف "مؤشر البنك الدولي للاستثمار وعقد الصفقات" البلدان وفق مدى سهولة قيام مواطنيها بإنشاء وإدارة المشروعات التجارية. ومن بين الدول الـ183 التي يشملها الترتيب، تصنف معظم بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في النصف الأسفل من الترتيب. أما باكستان، التي تحتل المرتبة الخامسة والثمانين، فتعد بيئة أقل تنفيراً بالنسبة للاستثمارات والمشاريع مقارنة مع معظم البلدان الفقيرة. وبالتالي، فإن هنالك فرصاً معقولة لنجاح مخطط على غرار مخطط مارشال هناك. وفي الوقت الراهن، لاشيء في الحزمة الأميركية يشير إلى أن هذه الـ7.5 مليار دولار ستكون أفضل من حيث نتائجها وتأثيراتها من مساعدات التنمية السابقة، وذلك لأسباب أهمها حقيقة أن مشاريع المساعدات التي تنفذها الحكومة والمنظمات غير الحكومية تجعل تجذر الرخاء واستدامته أمراً صعباً. إن من شأن برنامج على غرار مشروع مارشال أن يساعد جهود باكستان على تشجيع قطاعها التجاري المحلي، وخاصة أن إسلام آباد تبذل جهوداً حقيقية في هذا الباب. ففي أغسطس، أنشأ رئيس الوزراء جيلاني "مجلس رجال الأعمال" الذي يتألف من 53 عضواً من الشركات المحلية ويرأسه وزير المالية. ويلتئم المجلس كل شهر "من أجل تقديم توصيات بشأن تحسين مناخ الاستثمار وعقد الصفقات في باكستان وتطوير استراتيجية للبلاد بخصوص قطاع التجارة والأعمال". وهذا في الحقيقة تحول مهم مقارنة مع ما كان سائداً من قبل، حيث كانت لجنة التخطيط التابعة للحكومة هي الوحيدة المكلفة بالسياسة الاقتصادية. ولذلك، فإن المساعدات الخارجية يفترض أن تنجح في ظل هذا الجهد الجديد. وختاماً، فإنه إذا كان وزير الخارجية الأميركي السابق جورج مارشال قد اقترح محاربة انتشار الشيوعية في أوروبا من خلال الشركات والمشاريع المحلية، فإن تلك الاستراتيجية يمكن أن تساهم في الفوز في المعركة ضد التطرف الإسلامي. ولذلك، ينبغي تحويل حزمة المساعدات الحالية إلى مخطط مارشال خاص بباكستان قبل فوات الأوان. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©