السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب التالية في سوريا... بين فصائل الثوار!

الحرب التالية في سوريا... بين فصائل الثوار!
14 ابريل 2013 22:03
ليز سلاي الرقة - سوريا بينما يخرج هذا الركن القصي من شمال شرق سوريا بسرعة عن سيطرة الحكومة، أخذ الكثير من السوريين يعدون أنفسهم لما يخشون أن تكون حربا أخرى بين المقاتلين المعتدلين نسبيا، الذين كانوا أول من حمل السلاح ضد الحكومة، والمتطرفين الإسلاميين الذين صعدوا إلى الواجهة مؤخرا بفضل قوتهم التي تحرك تقدم الثوار. الاستيلاء الشهر الماضي على مدينة الرقة، والتي تعتبر أول عاصمة محافظة سورية تسقط تحت سيطرة المعارضة، عزز مكاسب تشكيلة من المجموعات ذات النزعة الإسلامية في معظمها عبر ثلاث محافظات في الشمال الشرقي للبلاد. هذا بينما تتشبث القوات الموالية للأسد بعدد صغير من القواعد المتناثرة التي يمكن أن تُطرد منها في أي وقت. غير أنه بينما يواصل النظام المقاومة، بدأت تصدعات تظهر بين مجموعات الثوار المتباينة أيديولوجياً، وشكل الدولة السورية المقبلة، والسيطرة على الموارد المعتبرة المتركزة في هذه المنطقة المهمة من البلاد، والتي طالما عانت من الإهمال. وفي هذا الإطار، يقول أبو منصور، القائد في «كتائب الفاروق» التابعة للجيش السوري الحر، الذي اشتبك رجاله الشهر الماضي مع رجال «جبهة النصرة» في بلدة تل أبيض الحدودية، في واحدة من الحالات التي تطور فيها التوتر إلى عنف، يقول: «إن القتال أمر حتمي لا يمكن تجنبه»، مضيفاً: «وإذا لم يحدث ذلك اليوم، فإنه سيحدث غداً». «جبهة النصرة»، المجموعة التي صُنفت منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة للاشتباه في علاقتها بتنظيم «القاعدة»، واحدة من بين مجموعات مختلفة تتقدم في المنطقة، لكنها أخذت تصعد إلى الواجهة باعتبارها الأكثر إثارة للانقسام والأكثر قوة، مما يبرز التداعيات العميقة المحتملة لسقوط هذه المنطقة الواقعة في الشمال الشرقي بأيدي المتطرفين على مستقبل سوريا. وتُعتبر محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، والمعروفة معاً باسم الجزيرة نظراً لموقعها بين نهري الفرات ودجلة، تعتبر موطنَ الجزء الأعظم من الثروة الاقتصادية لسوريا، ومن ذلك جميع حقولها النفطية، واحتياطياتها من الغاز الطبيعي، ومعظم زراعتها (خاصة القمح والقطن). وتمتد منطقة الجزيرة حتى محافظتي نينوى والأنبار العراقيتين الغربيتين، حيث توجد جذور تنظيم «القاعدة» العراقي. كما تمتد الروابط العائلية والقبلية عبر الحدود أيضاً. وهناك تكرار للتعقيد الذي طبع النزاع الذي كان مستعراً في العراق خلال العقد الماضي، عندما قام العديد من الرجال القبليين السنّة الذين انضموا في البداية إلى حركة التمرد ضد القوات الأميركية، بتغيير ولائهم فحاربوا «القاعدة». وفي الأسبوع الماضي، قُتل مقاتلان تونسيان وثالث سعودي عندما حاول زعماء قبليون منع مقاتلي «جبهة النصرة» من دخول قرية المسرب في دير الزور. وفي الشهادي، وهي بلدة نفطية في إقليم الحسكة، فتح مقاتلو «جبهة النصر» النار على متظاهرين احتجوا على وجود التنظيم في بلدتهم في مناسبتين خلال الشهر الماضي، حسب ناشط محلي. ويرى زعماء ثوار أكثر اعتدالا أنه ليس من قبيل الصدف أن «جبهة النصرة» اختارت تركيز جهودها على المنطقة؛ حيث سيطرت المجموعة على قرابة 90 في المئة من آبار النفط السورية والمناطق المنتجة للحبوب ومخازن القطن، وشرعت في بيع قطعان الماشية لجمع المال، حسب نواف البشير، وهو زعيم قبلي. ويعد البشير معارضاً قديماً للنظام، وقد أصيب ابنه هذا الشهر بجروح في اشتباك بين الكتيبة التي يقودها ومقاتلي «جبهة النصرة» في قرية أخرى في دير الزور. وقال البشير في حوار معه في بلدة سانليورفا الحدودية التركية: «إنهم يسيطرون على الاقتصاد السوري، ويمتازون بالقوة، وبوسع المرء أن يرى أعلامهم السوداء أينما ذهب». وتدور شائعات تفيد بأن القبائل تأمل في تشكيل حركة «صحوة» شبيهة بتلك التي دعمتها الولايات المتحدة من أجل القضاء على «القاعدة» في العراق. لكن جزءاً كبيراً من محافظة الحسكة يقطنه الأكراد، الذين يتطلع الكثير منهم إلى الاستقلال والذين تختلف ولاءاتهم وتنقسم، مما يزيد من تعقيد الوضع في المنطقة. غير أن معظم السوريين يقولون إنهم لا يريدون قتالا، رغم أنهم يعترفون بالانقسام المتزايد. وفي هذا السياق، قال حامد العطا الله، المتحدث باسم «جبهة الجزيرة والفرات»، وهو ائتلاف من كتائب الثوار شُكل جزئياً بهدف التصدي لنفوذ المتشددين: «إن الجميع يعرف ما حدث في العراق ونحن نرغب في تجنب ذلك». وأضاف العطا الله يقول: «إن الثورة السورية انطلقت من أجل الديمقراطية؛ وجبهة النصرة لا تقاتل من أجل الديمقراطية... لكنهم سوريون، ونحن لا نرغب في أي صدام معهم». وفي مدينة الرقة الزراعية الهادئة، وعلى ضفاف نهر الفرات، تبدو أسباب نجاح «جبهة النصرة» واضحة وجلية، تماماً على غرار التحديات التي يواجهها التنظيم. والواقع أن المجموعة الإسلامية المحلية «أحرار الشام» هي التي تزعمت القتال هنا، ولم تأتِ وحدات «جبهة النصرة» إلا لاحقاً. لكنها لعبت دوراً كبيراً في تأمين البنية التحتية للمدينة وشركاتها ومتاجرها من النهب وفي تجنب مظاهر الفوضى والتسيب التي أثارت استياءً عميقاً من الجيش السوري الحر في أماكن أخرى. التنظيم المحلي التابع لـ«أحرار الشام»، وهو «لواء أمناء الرقة»، يتولى إدارة مركز قيادة مشترك مع «جبهة النصرة» في ملعب المدينة. ويصف قائد اللواء، أبو طيف، وهو رجل أعمال في الخامسة والأربعين من عمره من ضاحية ريفية، يصف نفسه بأنه معتدل ويقول إنه يرغب في أن تصبح سوريا دولة ديمقراطية وفق النموذج الماليزي والتركي، ويدعو الولايات المتحدة إلى فرض منطقة حظر جوي على سوريا لوقف الضربات الجوية اليومية القاتلة التي تظل المصدر الأكبر للخوف بالنسبة لسكان الرقة. لكنه يدافع بقوة عن دور «جبهة النصرة» في الثورة، إذ يقول إنه إذا كان المتطرفون آخذين في الصعود، فـذلك «لأن أميركا لم تقم بشيء لمساعدتنا»، مضيفاً: «وإذا طال أمد الثورة أكثر ولم يقدم العالم أي مساعدة، فإنني سأنضم إلى جبهة النصرة أيضاً». بعض الموالين السابقين للنظام يبدو أنهم أخذوا يحتضنون المتطرفين أيضاً. فالرقة، وباعتبارها واحدة من آخر المدن الرئيسية التي انضمت إلى الثورة وطردت الحكومة، سلمت من القتال الشديد الذي دمّر أجزاء أخرى من البلاد. كما أن المدينة لديها تاريخ قصير من معارضة نظام الأسد. والسكان الذين يعترفون بأنهم كانوا يدعمون الحكومة حتى الأمس القريب يبدو أنهم غيروا ولاءاتهم لـ«جبهة النصرة» بسلاسة وسهولة. وفي هذا الإطار، يقول ميرزا حسين (37 عاماً)، وهو تاجر ثري شرع في المساهمة بالمال لإحدى كتائب المجموعة: «إنني جد متقدم في السن حتى أشارك في القتال». وقال أحد أصدقائه، وسط مجموعة اجتمعت في متجر يبيع فساتين الزفاف على الشارع الرئيسي للمدينة: «إننا نرغب فقط في تجنب الحرب!». غير أن جهود «جبهة النصرة» لحظر السجائر، باعتبارها منافية للدين، لم تنجح، مثلما لم تنجح جهودها لإرغام النساء على تغطية الشعر، حتى في جزء من البلاد معروف بتقاليده المحافظة. وفي هذا الإطار، قال وائل فؤاد (27 عاماً)، وهو يبيع معدات الزراعة في مكان مجاور: «مثلما تروا بأعينكم، فنحن نتمتع بالحرية وندخن بدون مشاكل». ومن جانبها، قالت حنين مطر (28 عاماً)، وهي معلمة لا ترتدي الحجاب وتقول إنها شاركت في المظاهرات ضد الأسد: «لا أحد يفرض علينا شيئاً، ولا أحد سيفعل... لأننا قاتلنا من أجل حريتنا». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©