الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحكام الفلبين العرفية.. ومشاكل التطبيق

18 يونيو 2017 22:42
مضى ما يقرب من شهر منذ أن رد الرئيس «رودريجو دوتيرت» على موجة القتال التي اندلعت في مدينة ماراوي، الواقعة في قلب جزيرة ميندناو، وذلك بإعلان الأحكام العرفية. ولا يزال الجيش يكافح من أجل استعادة السيطرة على جزء من المنطقة من جماعة متمردين مسلمين. لكن كيف كان رد فعل المؤسسات الفلبينية على هذا الإعلان؟ إن الدستور الفلبيني الحالي، والذي يعود إلى عام 1987، يتضمن أحكاماً ترمي إلى منع تكرار «الانقلاب الذاتي» الذي نظمه «فيرديناند ماركوس» عام 1972، عندما أدى فرضه للأحكام العرفية إلى سنوات من الحكم الاستبدادي. ولمنع حدوث ذلك مجدداً، أدخل واضعو الدستور سلسلة من الضمانات، فالدستور ينص على أنه لا يمكن استخدام حالة الأحكام العرفية لإغلاق الكونجرس أو المحاكم، أو لحرمان الأفراد من حقوقهم التي يكفلها القانون، ووفقاً للدستور يمكن للمحكمة العليا مراجعة الأساس الواقعي للقانون العرفي حال قيام أي مواطن برفع دعوى مقابلة. ويطلب الدستور من الكونجرس الانعقاد فوراً إذا ما أعلنت الأحكام العرفية أثناء عطلة، وينص على أنه ينبغي للرئيس تقديم تقرير له، وإعطائه السلطة لإجراء تصويت، في جلسة مشتركة، على إلغاء حالة الطوارئ. وعندما فرضت الرئيسة «جلوريا ماكاباجال أوريو» الأحكام العرفية عام 2009، فعلت المؤسستان كما توقع الدستور منهما أن تفعلا: عقد الكونجرس جلسة مشتركة، وقبلت المحكمة العليا القضايا، لكن أوريو رفعت حالة الطوارئ قبل أن تقبل أي من المؤسستين أو ترفض هذا الإجراء. لكن عندما أعلن دوتيرت الأحكام العرفية في 23 مايو الماضي، حدث شيء غريب ومزعج، ففي تناقض صارخ مع تجربة عام 2009، تباينت آراء الفرعين الآخرين من الحكومة عند اتخاذ قرار بشأن ما يجب القيام به بعد ذلك، فقد آثر الكونجرس، الذي تسيطر عليه أغلبية موالية لدوتيرت، أن يتجاهل سلوكه الخاص قبل ثماني سنوات، بدلاً من تبني النظرية الجديدة ومفادها أنه ينبغي عقد جلسة مشتركة للكونجرس فقط إذا كان الكونجرس يعارض فرض الأحكام العرفية. وبدلاً من ذلك، أصدرت كلتا الغرفتين قرارات منفصلة تعبر عن الموافقة، وتنحي جانباً أحكام الدستور. أما رئيسة المحكمة العليا «ماريا لورديس سيرينو»، فكانت لها أفكار أخرى. فقد أوضحت موقفها وسجلت اعتراضاتها. كما ذكّرت المحاكم الثانوية بأن عليها الاستمرار في أداء عملها، وألقت خطاباً في حفل تخرج ذكّرت فيه الطلاب بالفترة المظلمة أثناء حكم ديكتاتورية ماركوس. والأكثر من ذلك هو أن إصرار المحكمة العليا على أن الأحكام العرفية لم تلغِ الحقوق المدنية، قد وجد صدى غير متوقع لدى نفس المؤسسة التي كان لها دور أساسي في تأسيس ديكتاتورية ماركوس: وهي الجيش الفلبيني. وقد سعى كل من وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان القوات المسلحة إلى الإشارة إلى أن كلاً منهما لم يوصِ بفرض الأحكام العرفية. وحتى مع تعهد دوتيرت بتنفيذ الأحكام العرفية مثل ماركوس (الرئيس الذي يعجبه أكثر)، أصدرت وزارة الدفاع تعليمات للقوات بتعداد الإجراءات المحظورة دستورياً، واكتسبت هذه التعليمات طابعاً رسمياً عندما وقّع دوتيرت أمراً عاماً يتبنى الخط العسكري، وهو تعداد تفصيلي للحقوق التي تتناقض مع خطابه العنيف. وأمضى الرئيس الفلبيني الشهور القليلة الأولى من توليه منصبه وهو يناشد الجيش، حيث كان يقوم بجولات في معسكراتهم لنيل إعجابهم، بيد أنه توقف في نهاية المطاف عندما بات من الواضح أن الضباط لديهم تحفظات بشأن سياساته المناهضة للولايات المتحدة والمؤيدة للصين وروسيا، علاوة على حرصه على تعيين شيوعيين رفيعي المستوى في الوزارات المهمة في الحكومة، وترويجه لمفاوضات السلام مع القيادة الشيوعية المتمردة في المنفى. ومن ناحية أخرى، رفض الجيش المشاركة في حرب دوتيرت على المخدرات، معلناً عن شروط كثيرة، من بينها المطالبة علناً بالحصول على أوامر مكتوبة. وفي الأيام الأولى لتطبيق الأحكام العرفية، أمضى الجيش وقتاً طويلاً في التقليل من أهمية تأكيدات الرئيس بشأن تسلل تنظيم «داعش» إلى ميندناو. ومن جانبه، حاول الرئيس اقتراح السماح للمتمردين المسلمين المشاركين في مفاوضات السلام بالانضمام إلى القتال، جنباً إلى جنب مع المتمردين الشيوعيين، وهي الأفكار التي رفضها الجيش علناً. وفي الوقت نفسه، ندد كل من الرئيس ورئيس مجلس النواب بالمحكمة العليا، وقالا إنهما سيتجاهلان القضاة إذا ما تجرؤوا على القول بأن الأحكام العرفية غير سارية، ولم تذهب المحكمة إلى هذا الحد، لكنها اختارت قبول قضايا عديدة تطعن على الأحكام العرفية. *كاتب عمود في صحيفة «فلبين ديلي إنكوايرر» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©