الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رومانتيكية زائقة

20 يونيو 2010 21:45
توقفت خلال متابعتي لأحد الأعمال الدرامية التليفزيونية عند حوار ذلك الشاب “المخضرم” الذي راح ينسج خيوط شراكه حول الفتاة قائلاً “أحبك.. لا حياة من دونك.. إلخ” من كلمات “القرع العسلي” والإسطوانات المشروخة إياها، وعندما قالت له إنها تفهم أن نهاية الحب الطبيعية هي الزواج، كان صاحبنا لبقاً أكثر من اللزوم وكأنه يتوقع أن تطرح عليه هذه النهاية، أو أنه اعتاد تشغيل هذه الأسطوانة المشروخة كثيراً وقال لها: نعم.. هذا طبيعي، ولكن الحب الحقيقي، والنوع الأسمى من أنواع الحب هو ذلك الذي يجعل من الإحساس به فقط غاية، فالحب غايته الحب، ولكن إذا جعل الحبيبان الزواج نهاية المطاف وهدفاً لهذا الحب، فإن شعلة الحب ستنطفئ فور الزواج.. وعندما أرادت مقاطعته، استمر في نصب شباك احتياله وطرح فلسفته الجاهزة قائلاً: “أما إذا جعل الحبيبان من الزواج وسيلة ومن الحب غاية.. فإن الحب سيستمر طوال الحياة”. هذا جانب من ثقافة جيل هذا الزمن، ومن المؤكد أن مثل هذه الإسطوانات المملوءة بكلام معسول تدخل على الكثير من الفتيات الساذجات اللاتي أوهمن أنفسهن بما يسمى “الحب” أو الرومانسية والهيام، ومن المؤكد أنهن يكتشفن نتيجة هذا الحب سريعاً في أقرب فرصة عندما تتحول هذه الرومانسية فجأة إلى شعور طبيعي تحكمه الغرائز، ولا تجني الفتاة غير الندم والخسارة والخيبة وتجد نفسها مضطرة إلى البحث عن إسطوانة أخرى حتى تصدق نفسها أنها خدعت في تجربة وعليها أن تثبت لنفسها صحة النظرية التي اعتنقتها طويلاً وتجد نفسها تكرر التجربة ولكن بسيناريو من نوع آخر. فإحاطة مشاعر الحب بهذه الهالة من السحر وإغفال جوانب المسؤولية مسألة في غاية الخطورة والضرر بالنسبة للشاب أو الفتاة، ولأن الحب بهذه الطريقة الساحرة المشوهة التي تصورها أفلام السينما كثيراً ليس موجوداً على أرض الواقع. إن الواقع يقول إن الحب قد يؤدي إلى زواج، نعم، والزواج يؤدي بالضرورة إلى حياة مشتركة وتحمل للمسؤولية ومواجهة لأعباء الحياة. الحب ليس تغييباً للوعي ولا ابتزازاً للمشاعر، وليس وسيلة رخيصة للتبرير أو التهرب أو التملص من المسؤولية في صور باهتة وممسوخة ومستهجنة تروج لها بعض الأقلام وتنشرها فضائياتنا في أعمال هابطة تبث سمومها في عقلية ومشاعر أبنائنا وبناتنا. وإننا كآباء وأمهات يجب أن نبذل مزيداً من الجهد لتوضيح هذه العلاقة لأبنائنا وبناتنا بوضوح وصراحة وموضوعية وشجاعة لتوضيح المسؤولية في الحب حتى لا يقعوا في فخاخ الرومانتيكية غير الحقيقية التي تنتشر هذه الأيام بين الشباب وأن نعلمهم أن الحب ليس هو الهروب من الحبيب إلى الجزيرة المجهولة بعيداً عن العيون، ولكنه يعني “استكشاف حقيقي لقدرة الإنسان على تحمل المسؤولية، وهكذا يمكن أن نزيل هذا الغموض من أذهان وعقول الجيل الجديد، ونصحح كثيراً من المفاهيم المغلوطة. المحرر khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©