الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأصالة والمعاصرة تتواصلان في لوحات الأبحر

الأصالة والمعاصرة تتواصلان في لوحات الأبحر
3 سبتمبر 2008 00:47
يجمع الفنان التشكيلي الدكتور أحمد الأبحر بين الفن التشكيلي والخط العربي باقتدار، فهو دارس لكليهما، مما ساعده على إنتاج مئات اللوحات الفنية التي تجمع بين جماليات الخط العربي وأصول الفن التشكيلي المعاصر، في محاولة لإنتاج أعمال فنية توائم بين الأصالة والمعاصرة بأسلوب خاص به· ورغم تعدد المراحل الفنية التي مر بها طوال 35 عاماً منذ احترافه، فإنه لا يزال مخلصاً لإعلاء قيمة الخط العربي، ووضعه في قالب فني معاصر· ويعود ارتباط الأبحر ''55 عاماً'' بالخط العربي إلى المرحلة الابتدائية حين كان مدرس اللغة العربية يكتب على السبورة بعض الكلمات بخط ثلث جميل، وكان الأبحر ينتظر هذه اللحظات بشوق ليرى كيف يتشكل جمال الحرف: ''كنت مشدوداً بقلبي وعيني إلى انسياب حرف السين وأناقة حرفي الصاد واللام''· وهذا العشق لجماليات الخط دفعه للالتحاق بكلية الفنون الجميلة ومدارس تحسين الخطوط، ليحصل على شهادة في الفن ودبلوم في الخط، ثم يروي ظمأه للخط العربي بحصوله على أول رسالة دكتوراه عن الخط العربي من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة بعنوان ''الحركة الهندسية كقيمة جمالية في الخط العربي وأثرها في الفن المعاصر''· ويقول الأبحر، الذي يشارك في حركة الفن التشكيلي المصري منذ السبعينات، إنّ للخط العربي سحراً خاصاً، ويشتمل على صورة تتميز بقوة التعبير الكامنة وراء الحرف وقوة الشخصية، التي كرست هدفها بعد أن هذبتها الأيدي الماهرة وأخرجتها مذاهب شتى· وقد تكشفت له قيمة هذا الفن بعد دراسته وتعمقه في فلسفة الفنون الإسلامية ومتابعته لحركات التطور العديدة التي مرت بالخط العربي والتي كانت قمتها في العصر العباسي، على حد قوله· وحول تجربته الذاتية مع هذا الفن، يقول إن بداية استلهامه للخط العربي في مرحلة تكوينه الفني، ظهرت في شكل نقوش خلفية للوحات التشخيصية، ثم انصهر الحرف العربي مع الأشكال الأخرى، وظهر كتطريز فني يغطي عناصر اللوحة كلها، ثم تطورت التجربة فاختفت العناصر التشخيصية من اللوحة واستقل الحرف العربي ليسيطر على اللوحة بشكل يظهر جماليات اللون والملمس والتكوين· ويضيف أنّه حدثت نقلة نوعية تحت تأثير دراسة الخط العربي واستيعاب أسلوب الجماليات الإسلامية في بناء اللوحة الخطية، فصارت الكلمات والحروف أكثر وضوحاً للاستفادة من قدرتها على حمل أكبر قدر من التعبير والديناميكية، فأضفت على اللوحات بعداً جمالياً خصباً مما يعمق العلاقة بين طرفي العمل الاإداعي لدى المبدع والمتلقي· ويوضح الفنان أحمد الأبحر أنه بمرور الوقت ونضج التجربة اتسعت الرؤية لديه ليقدم أعمالاً تتسم بالبناء والتشكيل وتخرج عن نطاق المألوف وخاصة توظيف عنصر الخط العربي، حيث اختار موضوع الحروف المقطعة في القرآن الكريم مثل ''الم، طسم'' لتجسيد رؤيته الإبداعية التي أصبحت تعتمد على ''إيحاءات رمزية يغلفها مناخ روحاني ينبعث من الفراغ غير المحدد، حيث يصعب تحديد الزمان والمكان اللذين تجمعت فيهما هذه الأشكال''· وتتألق اللمسات الفنية على أطراف وخلفيات الحرف للإيحاء بحركة السطح بفعل التباين الواضح بين الفاتح والقاتم وتنوع حركة الخطوط بين الاستقامة والانحناء· يوضح الأبحر أنه منذ احترف الفن التشكيلي كان يسعى لأن يقدم أسلوباً فنياً خاصاً به، وبعد محاولات عديدة تمكن من تقديم رؤيته الفنية، التي بدأت بدمج التشخيص مع التجريد وانتهت بالتجريد على حساب التشخيص، ''فتحولت الحروف العربية إلى أشكال تسبح على سطح اللوحة، وتتكامل مع بقية عناصر العمل الفني من لون وتكوين وخطوط''· ويعتبر أنّ الخط العربي يمثّل أحد الأبطال في لوحاته، فهو يوظفه مع العناصر الأخرى لينتج فكرة المزاوجة بين الأصالة والمعاصرة، إذ إنه كفنان تشكيلي معاصر يستلهم الحروف العربية للحفاظ على التراث ويستفيد من تقنيات العصر ليحافظ على القيمتين معاً: الأصالة والمعاصرة· ويضيف أنّ اللوحة الفنية التي يبدعها تمثل شكلاً ومضموناً، ويهمه أن يشعر المتلقي بجماليات الخط العربي سواء كان مقروءاً، لمن يقرأ الخط العربي، أو ليس مقروءاً للأجانب الذين ينبهرون بمثل تلك اللوحات كقيمة جمالية عندما تعرض أمامهم· ويرى أنّ هناك فرقاً كبيراً بين الفنان المسلم الأول الذي صاغ لوحاته الخطية على جدران المساجد، والفنان المعاصر، فالأول كانت أعماله وظيفية، تحمل طابعاً زخرفياً، بينما الفنان المعاصر يقدم أعمالاً معاصرة تستلهم الجماليات الموجودة بالتراث الإسلامي، ولكن بشكل مغاير، ولهذا يعتبر نفسه امتداداً للفنان المسلم الأول من جهة استخدامه أصالة الخط العربي فقط، مؤكداً أنّ أعماله الفنية تأتي في إطار إحياء الفنون الإسلامية ووضعها في قالب عصري·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©