الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين وإفريقيا

13 نوفمبر 2009 23:06
ينمو الوجود الصيني في القارة الإفريقية ويتزايد حتى أصبحنا نرى مؤتمرات دورية تجمع بين قادة إفريقيا والصين، وكان آخر هذه المؤتمرات الحاشدة ما عقد في شرم الشيخ (مصر) خلال يومي السبت والأحد الماضيين، وقد سبقه لقاء قمة مماثل عام 2006. ولا شك أن وجود الصين في إفريقيا تبعه تعزيز علاقات التنين الأصفر ببلدان القارة، إلى حد يصح معه القول إن نفوذ الصين يحل تدريجياً محل نفوذ الدول الأوروبية التي استعمرت القارة لنحو قرنين من الزمان، ثم جاء بعده النفوذ الأميركي محاولا أن يكون البديل... لكن الصين أصبحت منافساً ناجحاً لكل نفوذ أجنبي في القارة السمراء. ولعل النهج الصيني في إدارة العلاقات مع الأفارقة هو الذي هيأ لها كل ذلك التقدم. فالصينيون يلتزمون بمبدأ محدد هو "تبادل المنافع"، ولا يبدون أي اهتمام بنوع الحكم الإفريقي الذي يتعاملون معه، دكتاتورياً كان أم ديموقراطياً، ولا يلتفتون إلى قضايا الحرية في ذلك البلد، ولا يكترثون كثيراً إن كان الحكم الذي يتعاونون معه يعاني من فساد إداري أو غيره من أنواع الانحرافات.ثم إن الصين تعبر على الدوام عن تأييدها لمواقف الحكومات الإفريقية في المحافل الدولية التي لها فيها نفوذ. ونتيجة ذلك النهج أن صار للصين وجود في كل بلدان إفريقيا تقريباً، حتى وصلت استثماراتها لبلد مثل جمهورية الكونجو الديموقراطي التي كان خيرها وقفاً على الغرب وشركاته التي كانت تحتكر كل شيء في ذلك البلد الغني بالثروات المعدنية. وقد تضاعفت استثمارات الصين في إفريقيا خلال الأعوام الماضية الأخيرة. وقد أعطت الأولوية في اهتماماتها الاستثمارية لبلدان القارة المنتجة للنفط، وكان السودان واحداً من هذه البلدان، حيث صارت الصين في مقدمة المستثمرين الأجانب في النفط السوداني، تنقيباً وإنتاجاً وتسويقاً، ومثلت صادرات السودان النفطية إلى الصين حوالي 70 في المائة من إجمالي إنتاجه النفطي. ومن فضائل التعاون مع الصين أنها تقدم للبلدان الإفريقية قروضاً ومعونات دون فرض شروط، كما تفعل بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. وفي منتدى شرم الشيخ الأخير، أعلن رئيس وزراء الصين أن حكومته قررت رصد 10 مليارات دولار لتقديمها كقروض ميسرة لبلدان القارة الإفريقية خلال السنوات الثلاث القادمة. كما أعلن أن بلاده قررت إلغاء ديونها المستحقة على بلدان إفريقيا الأكثر فقراً. كذلك أُعلن في الأيام الأخيرة أن بكين وعدت بتدريب 15 ألف عامل إفريقي تدريباً مهنياً عالياً. وتدعي بعض الأوساط في الغرب أن ما تقوم به الصين في إفريقيا ليس إلا نوعاً من الاستعمار الحديث، لكن الأفارقة يدركون ما هو الاستعمار الحديث ولا يرون أن ما تقوم به الصين حيالهم يمكن أن ينطبق عليه ذاك الوصف. لقد كان السودان سباقاً إلى الاعتراف بالصين الشعبية. كان ذلك قبل 50 عاماً، وبذلك فقد سبق أغلبية الدول الإفريقية والعربية في هذا المضمار، وكان النظام السوداني الذي أقدم على ذلك القرار نظاماً عسكرياً أكثر ميلا إلى اليمين. ولهذا فإن الحكومات المتعاقبة على السودان يمكن أن تشهد لمصلحة بكين استناداً على ما تحقق من هذه العلاقة على مدى نصف قرن. ولا بد من القول هنا إن غياب الاتحاد السوفييتي الذي كانت له أساليب مقاربة للأسلوب الصيني في العلاقات مع البلدان النامية وبلدان مرحلة التحرر الوطني، خصوصاً من خلال معوناته غير المشروطة... لا شك أن ذلك الغياب أتاح للصين فرصة أكبر لمضاعفة علاقاتها بإفريقيا والدفع بها إلى الأمام. وأختتم مقالي هذا بحكمة تنبؤية أطلقها السيد علي الميرغني، إمام ومرشد الطائفة الختمية. فقد قال ذات مرة في لقاء مع أحد خلصائه إن المستقبل خلال العقود المقبلة سيكون للجنس "الأصفر" ليحل محل الجنس "الأبيض". وكانت الإشارة تعني الصين واليابان وكوريا ومجموع الدول الآسيوية حيث يغلب اللون الأصفر للناس على غيره. ومن يدري، فلعل تنبؤ ذلك الزعيم قد بدأ يتحقق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©