السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكاية الستين درجة

20 يونيو 2010 21:34
تقول الأجندة الفلكية إن اليوم أول أيام الصيف في الإمارات، رغم أننا نصطلي بلهب الحر منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، وإن كانت نهاية الربيع “فلكياً” تعني أن تصل الحرارة إلى ما يقارب الخمسين، فعلينا إذن أن نعذر الناس الذين يتخوفون من أن تصل الحرارة إلى 60 درجة في أول أيام الصيف! حكاية الستين درجة هذه حكاية غريبة، بدأت كتخوف عادي من ارتفاع الحرارة الموسمي صيفاً، وتصادف أن جاءت وكالة ناسا الفضائية لتغذيها بأخبار عن (عاصفة شمسية تضرب الأرض خلال عام 2013) الخبر الذين تناقلته المواقع بشكل سريع وصل عدد نتائجه على جوجل أكثر من 133 ألف رابط خلال عدة أيام، فشكل مادة خصبة لشائعة قوية انتقلت عبر كافة وسائل الاتصال وعلى رأسها طبعاً “البلاك بيري” إلى كافة أنحاء الخليج. الشائعة التي أكدت أن درجة الحرارة ستصل اليوم إلى 60 درجة لم تكن تستند إلى أي رابط أو اثبات حقيقي، لكنها كانت مزودة بنصائح لإتقاء الحرارة الشديدة ولتجنب إنفجار إطارات السيارة. الغريب أن بعض الصحف “الخليجية” قررت أن تنتهز الفرصة لاثبات الشائعة، فنشرت تقارير عن أن درجة الحراة قد تصل إلى 80 درجة مئوية في الصحراء، ما يعني أن بإمكاننا تحضير القهوة السريعة عبر الطاقة الشمسية بواسطة وضع الأبريق “في الحوش”. أخبار كثيرة مغلوطة يتم تداولها، وهذه الشائعة التي سببت ذعراً بين الناس ليست إلا واحدة من آلاف غيرها، لكن أن تأتي بعض وسائل الإعلام لتلعب على وتر الشائعة بما يساهم في تأكيدها، فهذه مصيبة أعظم من مصيبة الإذاعة. ربما تكون هناك عاصفة شمسية قادمة، هذا مجال لا يفتي فيه إلا العلماء، أما أن نستند إلى خبر “قد” يحدث بعد ثلاث سنوات لنقول إن الحرارة ستصل إلى مستويات قياسية اليوم فهذه مأساة حقيقة في عالم الإعلام. تأتي الشائعة “أي شائعة كانت” كتحد أمام الإعلام، يبرز دور الإعلام الصادق المحافظ في عدم نشرها أو محاولة تفنيدها، لتواجه الفشل الذريع بسبب عدم وجود ما يؤكدها أو ينفيها، وينسى الناس مع الوقت الخوض في تفاصيلها. أما الإعلام الذي يقتنص الشائعة ليجذب المزيد من القراء، فهو إعلام سلبي أناني، لأنه يفقد دوره المطلوب في ردم الشائعة، وإظهار الوضع الحقيقي لإزالة الالتباس على الجمهور، ويجري خلف المكسب المادي (سواء كان مبيعات أو صيتاً) عبر إضافة المزيد من البهارات على الشائعة حتى يتبين الناس الحقيقة، وتنتهي لتبقى تلك الصحف السلبية في انتظار شائعة أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©