الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف والإثارة والجنس

14 ابريل 2013 21:35
الصورة الكامنة في أذهان البشر عموماً عن العنف والشر بأشكالهما المختلفة ليست بشعة وقبيحة تماماً، قد تكون مخيفة ولكنها ليست رادعة كفاية لدرجة استبعادهما كلياً. في الأسبوع الماضي اهتمت العديد من الأوساط الأميركية والهندية بملصقات دعائية لسيارات تصنعها شركة فورد في الهند (فيجو) ونشرت على موقع «أدز أوف ذي وورلد» وتصور إحداها ثلاث نساء مخطوفات مقيدات اليدين والفم، وضعن بشكل مثير في المقعد الخلفي للسيارة في حين ظهر السائق شبيها جداً برئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيوو برلسكوني الذي لا زال متهماً في قضايا جنسية. أثارت الصور موجة من التعليقات والنقد شملت صاحبي الدعاية نفسيهما (الشركة المصنعة وشركة الإعلانات دبليو بي بي)، فأزالتا الصور من الموقع وأصدرت كل منهما بيان اعتذار وتنصّل ووعد بمحاسبة داخلية للمسؤولين عن تصميم الدعاية ونشرها. اللافت أن معيار الإثارة في الدعاية مثار الجدل ليس استياء من المشهد الإعلاني والإعلامي. ولو دققنا لوجدنا كثيراً من المشاهد على الشاشات الصغيرة والكبيرة والمواقع والأجهزة الثابتة والمحمولة والتطبيقات ما يفوق ملصق السيارة المذكورة. ولولا الضجة الاستثنائية التي شهدتها الهند مؤخراً بشأن قضايا الاغتصاب الجماعي، ولولا الإيحاء بشخصية معروفة عالمياً لما كانت صورة الملصق تعرضت ربما لمثل هذا الكم من التعليق والاحتجاج. لو دققنا أكثر لتيقنّا بأن إشكالية العلاقة بين جميع قنوات المعلومات والتسلية والترفيه وبين القيم والفضائل أصعب بكثير من أن تُعالج بقوانين ومعايير مهنية تنحصر في الإعلام. الحفاظ على الأخلاق قضية تشغل البشر منذ الأزل، والإثارة بكل أشكالها، «المقبولة والمرفوضة»، أصبحت محرّكاً يعطي الحياة طعماً تندر مقاومته. وفي ظل هذه البيئة «الكونية» تكاد فرص الانعزال عن الشهوات مستحيلة في زمن عولمة خانقة في زمن عولمة خانقة حاضرة في الغذاء والدواء والتجارة والقانون والمواصلات والاتصالات وتدفق المعلومات الهائل والعصر الرقمي؛ ففي الأخبار تحتل الحروب والجرائم وعمليات القتل النسبة الأكبر من المواد. على الشاشة، ويحتل العري والغزو والمصارعة الحيّز الأكبر من الكليبات والدعايات والأفلام والألعاب. وإذا كان لا مجال للشك بأن الإعلام وكل صناعة الترفيه بحاجة إلى الإثارة والتجارة (الربح)، يصبح التصدّي لهذه الظواهر البشرية مسألة مستعصية، وخاصة في ظل تناقض المعايير. ومكافحة الفساد الأخلاقي يتطلب تعزيز القيم والأخلاق، ما يتطلب عدم إنتاج أفلام ودعايات وكليبات تغري الفتيان بالسطو والسرقة والاغتصاب والخطف والقتل. إلى جانب الحاجة إلى الانسجام في المعايير. وعندما يتحقق ذلك تصبح محاسبة الإعلام وصناعة الترفيه سهلة. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©