الهند تقدم سفرة عامرة بالأساطير المثيرة والبهارات الحارة

استطاعت المطاعم الهندية أن تغزو مدن الخليج العربي والعالم بأسره منذ القرن الماضي بفضل أكلاتها المتنوعة التي تشتهر بحرارتها على الرغم من ارتفاع أسعارها في المطاعم الراقية إذا ما قورنت بالمطاعم الأخرى. فوجبة مأكولات بحرية في أشهر المطاعم الهندية في العاصمة البريطانية لندن (بومباي براسيري) تصل قيمتها إلى ثلاثة آلاف دولار! وهكذا أثبتت المطاعم الهندية نفسها كإحدى الوجهات المفضلة لعقد اجتماعات الطبقات الثرية التي تفضل قضاء وجبات العمل في المطاعم الهندية المميزة بموسيقاها وأجوائها الشرقية الحالمة. ويتحدث الطاهي الشهير شوكت علي قريشي، كبير الطهاة في مطعم تابع لأحد فنادق الخمسة نجوم في دبي، عن كنوز من المطابخ الملكية في الهند التي كانت تعتبر سرا، فيقول: «الطعام الهندي يشكل ظاهرة ثقافية فقد ساهم كل من المهراجا والشاهنشاه والنواب والسلاطنة بصورة عظيمة في تطوير الموسيقى والمطابخ كل في منطقته الخاصة فتشكلت على مدى العصور قائمة طعام مذهلة تنهل من أعظم تقاليد الطهي في شمال وجنوب وشرق وغرب الهند لتضم أشهر الأطباق الشهية المحلية القادمة من ولايات لاكناو ودلهي وحيدر كلها معروفة بتراثها الثري في الموسيقى والطهي إضافة إلى أباد وراجاستان صاحبة التنوع التاريخي العظيم ونظرا لأنها العواصم الثقافية خلال الحقب المجيدة في تاريخ الهند، تفخر كل منطقة بامتلاك أسلوبها الخاص في الطهي». قبيلة الطهاة الملكيين يقول قريشي الذي ينتمي إلى قبيلة قريشي الأسطورية وطهاتها الملكيين، الذين يمتد تاريخهم إلى 200 عام، وتفخر بأنها الحارس الأمين على التراث الثري للمطبخ النوابي: «اشتهر ملوك حيدر أباد بالفخامة وغالبا ما كان طبق واحد يمكن أن يتكون من عدد من البهارات النادرة يصل عددها إلى اثنين وثلاثين نوعا وأطباق حافلة بالروائح المثيرة للشهية والألوان الحيوية، خاصة أن المطبخ الهندي يضم الكثير من المكونات الساحلية الشهية منها مجموعة مثيرة متنوعة من السمك والروبيان و(برياني حيدر أباد) الزاخر بالنكهة الشهية الأكثر شهرة في المنطقة». ويضيف قريشي الذي أتقن فن الطهي بأسلوب مميز خلال أربعين عاما من سنوات عمله ورحلته مع الطهي التي قادته إلى بعض من أشهر المطاعم الهندية ومنها مطعم بخارى العالمي الشهير إلى مطبخ العاصمة: «تتميز العاصمة دلهي الآسرة بمزيج من القديم والحديث حيث اشتهرت بطعامها المغولي وبوراني ديلي المأخوذة بلذة الكباب، لكنها معروفة أيضا بالكاري الشهي، واللحوم المشوية ومجموعة متنوعة من اليخنات الغنية بالبهارات أما في منطقة جارانا جيبور فتقدم مجموعة لذيذة من أطباق الكاري والمبتكرات المحلية المثيرة, والنكهات الرائعة المعطرة بأطيب المكونات الأصيلة في المنطقة تجتمع معاً لتقدم أطباقاً عديدة من الكباب الطري والكاري». دجاج تكا يتسم المطبخ الهندي بغموض يضفي عليه إثارة وروعة، كما تغلفه الأساطير التي تساعد على استثارة الشهية، ولعل قصة الطاهي الذي طهى الدجاج بطريقة (تكا) للملك الذي هدده بقطع رأسه إذا لم يقدم له طبقاً جديداً لزوجته ينال إعجابها، تعد مثالاً على ما يحيط بهذا المطبخ الغارق في توابله من أساطير. وبصورة عامة تعتبر التوابل مفيدة للصحة فهي منشطة للمعدة، وتساعد الجهاز الهضمي على القيام بعمله وحمايته من التكاسل وما يتبعه من تخمر وانتفاخ وقد أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن التوابل الحارة تساعد على اجتياز المرأة لمتاعب سن اليأس كما أن بعضها يساعد على ضبط المزاج وتعديله مما يجعل من تناول الطعام الهندي متعة ومغامرة. تنوع وخصوصية قارّية يمتاز المطبخ الهندي ببهاراته الحارة كما يعتمد بشكل كبير على الأرز والتوابل والبقول والفاكهة والخبز الذي يمتد لأنواع عديدة أشهرها البراتا والتشاباتي والنان والروتي الذي يعد من الدقيق الأسمر، ولكل منطقة في الهند خصوصيتها فبينما تشتهر كشمير بأكل اللحوم والحمّص تعرف دلهي بطعام التندوري المحضر في الفرن الهندي الشبيه بالتنور، ويشتهر إقليم البنغال بتنوع أسماكه وحلوياته كما تعرف منطقة مدراس بطعامها النباتي المصنوع من السميد والتمر الهندي وجوز الهند وتشكيلة كبيرة من الخضار والفاكهة والبقوليات. موطن البهارات صيني! يؤكد الهنود أن موطن البهارات الأصلي هو الصين، وأنها انتقلت إلى الهند منذ مئات السنين، وأن أهل الهند قد أدركوا حقيقتها وفوائدها للصحة إدراكاً متوارثاً عبر القرون فعلموا أنها علاج وغذاء، فغدا المطبخ الهندي بذوقه ونكهته جامعاً لطعم البهارات الخمسة ورائحتها ونكهتها وهي: الهال والقرفة والزنجبيل والقرنفل والفلفل الأسود، ثم ما لبث أن أدرك الهنود أن أرضهم أرض البهارات بكل أصنافها ذوقاً وتجارة، فجمعوا أشتاتاً في مسمى واحد وولد بذلك اسم «الكري». ومن العادات التي يجتمع عليها أهل الهند تناول الحلويات بعد الطعام، والحلويات الهندية مشهورة وهي تصنع من الحليب والسكر والسمن، أو من الحمص والسكر والسمن، ويحلو لهم وضع طبقة من رقائق الفضة على سطح الحلوى للتزيين. أطباق هندية شهيرة كباب التندوري: وهو طبق صحي يحتوي على لحم الضأن والزبادي الذي يساعد على ليونة اللحم، في حين يعد الثوم مفيداً للصحة وخافضا للكوليسترول بينما يعمل الخل مع الثوم على تقليل امتصاص الدهون الموجودة في اللحم أما الخضراوات والليمون فتضيف الألياف والفيتامينات والمعادن التي تكمل ما يحتاجه اللحم لكي تكون الوجبة شبه كاملة وتأتي التوابل لتضفي مذاقاً خاصاً للطبق وبشكل عام تعتبر هذه الوجبة مناسبة للمحافظة على الرشاقة وعدم زيادة الوزن. دال ماخني: (الدال) هو العدس ويستعمل منه في هذه الوجبة الأصفر والأسود وقد تسبب هذه الوجبة الضيق لمن يعانون من مشاكل القولون، لكن لا بأس بكل المكونات التي تجعلها لذيذة، عدا أنها مغذية ورخيصة الثمن مما يجعلها في متناول الجميع. السمبوسك البنجابي: قد يكون تناول القليل من هذه الوجبة مطلوبا، إذ أن قليها بالزيت العميق ليس صحيا تماما، خصوصا مع من يريدون الحفاظ على رشاقتهم لكن وجود التوابل التقليدية في هذه الوجبة يجعلها شهية ولذيذة الطعم. دجاج التكا والماسالا: هذه الوجبة الشهيرة واللذيذة التي تسمى المطاعم باسمها تعتبر صحية تماما، فهي مصنوعة من الدجاج الذي يحبه معظم الناس، والذي يتميز بسهولة هضمه وقلة دهونه وانخفاض مستوى الكوليسترول به كما أن مجموعة التوابل المستعملة في إعداد هذه الوجبة تكمل منظومة الطعم والرائحة والفائدة. حلو الجولاب جامون: لا تخلو الحلوى الهندية من البهارات أيضا مثل الهال والزعفران وهما من الأغذية المنكهة والمقوية للرجال بشكل خاص والمأخذ الوحيد على هذا النوع من الحلوى هو ارتفاع نسبة السكر ومع ذلك يمكن تناوله باعتدال لمن يريد الحفاظ على رشاقته.