الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد.. حنكة سياسية وحكمة أبوية

زايد.. حنكة سياسية وحكمة أبوية
8 أغسطس 2016 12:43
أبوظبي (وام) بين السادس من شهر أغسطس عام 1966، تولي الباني والمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، والثاني من شهر نوفمبر عام 2004 وفاته، محطات عامرة بالإنجازات.. فقد خط زايد الخير على الرمال مدناً كالأحلام، فحول الأحلام إلى واقع، وجعل الواقع أحلاماً بالنسبة لغيره. وبينما كان الغير يتباهى بإنجاز مشروع أو اثنين، كان زايد يبني في الصحراء دولة مع توليه مقاليد الحكم في الإمارة التي أصبحت عاصمة لدولة الاتحاد. ففي الداخل تحولت الصحاري، بصمت ودون ضجة، إلى واحات غناء وازدهرت الحياة، وقبل ذلك جرى بناء الإنسان لاستيعاب مئات بل آلاف المشاريع، سبقتها قرارات كانت مصيرية في سبيل قيام دولة الاتحاد ممهدة الأرض لبدء ملحمة بناء ممهورة بتوقيع زايد، رحمه الله. وتفتحت عينا الشيخ زايد وسط البيئة القاسية والحياة الصعبة التي عاشها سكان إمارة أبوظبي في قلب الصحراء، وعلى ضفاف السواحل في تلك المرحلة من تاريخها، حيث بدأ في الاطلاع على أصول الدين وحفظ القرآن الكريم، ونسج من معانيه نمط سلوكه ونهج حياته ورؤيته للمستقبل. الأمن والسلام وعرف عن الشيخ زايد، شجاعته وحكمته في بسط الأمن والسلام والنظام، ونظمه للشعر، واهتمامه بالزراعة والمياه والري، حيث بنى فلج «المويجعي»، مما أدى إلى ازدهار قرية «المويجعي» في مطلع الستينيات. فيما بدأت المرحلة التالية من حياته عندما انتقل من أبوظبي إلى مدينة العين، حيث أظهر شغفه المتزايد بالمكونات التقليدية التي يتصف بها البدوي الأصيل، كالصيد بالصقور، وركوب الخيل والهجن، وإتقان الرماية. فيما أمضى في العين وضواحيها السنوات الأولى من فجر شبابه، وترعرع بين تلالها وجبالها وصحرائها، واستمد الكثير من صفائها ورحابتها، واشتهر بشجاعته وإقدامه وهو لا يزال صبياً، وشكلت مكونات تلك الفترة بكل تجربتها وأبعادها خصائص زعامته الفذة وفلسفته في الحياة. وأتقن زايد عندما أصبح شاباً فنون القتال، وبدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً، فولع بالأدب والشعر والتاريخ، وأبدى اهتماماً كبيراً بمعرفة وقائع تاريخ العرب وأمجادهم.. فيما كان من أمتع أوقاته الجلوس إلى مجالس كبار السن ليستمع منهم عما يعرفونه من سير الآباء والأجداد وبطولاتهم، حيث بدأت الشخصية القيادية للشيخ زايد تتبلور وتظهر بجلاء خلال هذه الحقبة من بداية الأربعينيات. قدرات كبيرة أما حياته العملية.. فبعد أن عين حاكم المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي خلال عام 1946، أظهر الشيخ زايد قدرات كبيرة في إدارة شؤون العين والمناطق التابعة لها.. وكرس كل طاقاته وجهوده لخدمة المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية وتقدم صفوفهم في العمل، رغم شح الإمكانيات التي كانت متاحة. ولجأ زايد إلى تنمية الزراعة وحفر الأفلاج، وكان يشارك الرجال النزول إلى جوف الأرض ويرفع معهم التراب، حيث شهدت تلك الفترة عملية إصلاح زراعي محدودة أسهمت في تطوير المنطقة وازدهارها. واستحدث أول نظام للري ألغى به تجارة الماء التي كانت سائدة في المنطقة الشرقية، مؤكداً أن مياه الأفلاج الآتية من جوف الأرض يجب أن تكون من حق كل الناس الذين يعيشون فوق هذه الأرض. المدرسة «النهيانية» وافتتح أول مدرسة في العين خلال عام 1959، وهي المدرسة «النهيانية»، ثم أنشأ مستشفى العين وسوقاً تجارياً وشبكة محدودة من الطرق، نظراً لشح الإمكانيات المادية وقتها، واكتسب منذ ذلك الوقت حب مواطنيه وثقتهم فيه. ولم تتوقف طموحات زايد وتطلعاته عند ما أنجزه في مدينة العين، بل كانت نظرته الثاقبة للأمور وملكته الفطرية على استشراف المستقبل تمتد إلى أبعد من العين. وقد عبر عن طموحاته وتطلعاته لتحقيق هذه الأهداف بقوله: «كانت أحلامي كثيرة.. كنت أحلم بأرضنا تواكب حضارة العالم الحديث، ولكنني لم أستطع أن أفعل شيئاً، ولم يكن بين يدي ما يحقق الأحلام، ولكنني كنت واثقاً من أن الأحلام ستتحقق في يوم من الأيام». وشكلت أول رحلة قام بها زايد خارج البلاد خلال عام 1953 إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، والتي أعقبها بزيارات إلى عدد من الدول العربية والإسلامية.. رؤية واضحة زادت من قناعاته بمدى حاجة البلاد إلى التنمية والتطور واللحاق بركب الحضارة والتقدم. وتزامنت الجولة مع بدء جهود التنقيب عن النفط في إمارة أبوظبي والإعلان عن اكتشاف البترول بكميات تجارية في عام 1958، ومن ثم تصدير أول شحنة من النفط الخام المنتج من حقل أم الشيف البحري عام 1962.. وبرزت بعد هذه الجولات شخصية زايد القيادية وقدراته السياسية، ليكون رجل البلاد القوي المنتظر في إمارة أبوظبي. عمليات التشييد والبناء لم يسخر زايد المال فقط ويوظفه لإسعاد أمته، بل نذر نفسه لخدمتها، وأخذ يجوب البلاد طولاً وعرضاً يتابع بنفسه عمليات التشييد والبناء، ويتنقل بين الحضر والقرى والصحاري يتفقد مشاريع الإنماء والإعمار ويقود تحدياً غير مسبوق للحاق بركب الحضارة والتحديث والتقدم. وحققت إمارة أبوظبي خلال سنوات قلائل منجزات عملاقة تم تنفيذها في زمن قياسي، وشملت مخططات التطوير والتحديث لإمارة أبوظبي إقامة العديد من المدن العصرية الحديثة وتجميل المدينة بإنجاز معجزة التشجير والمسطحات الخضراء.. فيما كانت العين وأبوظبي تمهيداً لنموذج تنموي سيعم دولة الإمارات لاحقاً. رحم الله زايد، فما زرعه بالأمس يحصده أبناء اليوم مكانة مرموقة للوطن على الساحة الدولية، ومشروعات تنموية كبرى ونهضة طالت مناحي الحياة كافة. مرحلة تحول تاريخي قبل الشيخ زايد، منذ توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس من العام 1966حيث بويع حاكماً لإمارة أبوظبي، تحمل المسؤولية الجسيمة لتبدأ مرحلة تحول تاريخي في البلاد. وسخر منذ اللحظات الأولى لتوليه مقاليد الحكم عائدات الثروات النفطية لبناء تقدم الوطن وتحقيق سعادة المواطنين.. وقال «إذا كان الله عز وجل قد منّ علينا بالثروة.. فإن أول ما نلتزم به لرضاء الله وشكره هو أن نوجه هذه الثروة لإصلاح البلاد ولسوق الخير إلى شعبها». وكانت مدينة أبوظبي عندما تولى زايد مقاليد الحكم فيها تفتقر إلى أبسط الخدمات - وتأتي احتياجات الناس من السلع إلى أبوظبي بوساطة «الصنادل» التي تقوم بنقل هذه السلع من السفن الكبيرة التي كانت ترسو قبالة كورنيش أبوظبي الحالي، نظراً لعدم وجود أي موانئ أو حتى أي نوع من هياكل البنية الأساسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©