الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرشوة تهدم المجتمعات وتبث النزاعات وتهدر الحقوق

الرشوة تهدم المجتمعات وتبث النزاعات وتهدر الحقوق
18 يونيو 2017 21:53
أحمد شعبان (القاهرة) يهدف الإسلام إلى بناء مجتمع سليم متماسك، يأخذ فيه كل إنسان حقه كاملاً غير منقوص، ولذلك حرم كل الصور التي من شأنها أن تعوق مسيرة الحياة وتزعزع الشعور بالثقة بين أفراد الأمة، وتمزق وحدتها، ومن هذه الصور الرشوة، وهي دفع مال لآخر للوصول إلى شيء غير مشروع، أو منع حق للغير. يقول الدكتور عبدالفتاح عاشور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر: هناك صور كثيرة للرشوة نشاهدها أو نسمع بأحداثها، أبطالها يأكلون أموال الناس بالباطل بدعوى الإكرام أو الهدية أو الخدمة، وهي ليست إلا سحتاً يملؤون بطونهم منه، وهم بذلك يتبعون سنن من كان قبلهم، فمن يتأمل في أحوالهم وصفاتهم التي أخبرنا الله عنها يجد أن من أهمها أنهم كانوا أكّالون للسحت، قال تعالى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ...)، «سورة المائدة: الآية 42»، ويقول جل وعلا: (وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، «سورة المائدة: الآيات 62 - 63»، والسحت هنا الرشوة. والمال من زينة الحياة الدنيا، وهو من الفتن التي تفتن القلوب وتأخذ بالعقول وتغير المفاهيم وتقلب القناعات، يحبه الناس حبا جما، ونتيجة لذلك الحب قام بعضهم بجمعه من أبواب الباطل وطرق الفساد غير معتبر بحله أو حرمته، ومن تلك الأبواب والطرق المحرمة الرشوة قال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، «سورة البقر: الآية 188»، فنهى الله تعالى عن الأكل الحرام عن طريق الرشوة التي تقدم إلى من تقضى على يديه حاجات الناس، فقد يكون عاملا أو موظفاً أو مشرفاً أو مديراً أو قاضياً أو غيرهم لإمضاء أمر ما أو إنهائه أو إنجازه لينال حق غيره ظلما وعدوانا. وورد تحذير شديد من الرشوة في الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله الراشي والمرتشي»، وروى عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أُهدي إلى، فقام النبي على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لك وهذا أهدي إلى، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا، والذي نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة، يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تعير»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً أي: منحناه مرتباً - فما أخذ بعد ذلك فهو غلول». والرشوة داء عظيم ومرض عضال ووباء فتاك وشر مستطير، وسبيل لزرع المصائب والملمات، وهدم المجتمعات، وبث النزاعات، وإشاعة الحقد والبغضاء والكراهية والعداءات، وهي ماحقة للأرزاق، ومفسدة للأخلاق ومهدرة للحقوق ومعطلة للمصالح، والرشوة تعلق الناس بحب الدنيا وتنسيهم الآخرة، وتسوق المجتمع إلى هاوية الخراب والدمار، والعبث بالأموال العامة والتصرف بها دون وجه حق وسلبها وإعطائها لمن لا يستحقها وحجبها عن من يستحقها عن طريق الرشوة وهي من أعظم الموبقات وأشنعها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)، «سورة الأنفال: الآية 27»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم محذراً كل من يتهاون في المال العام: «إن أقواماً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©