الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل الحرب الطويلة

2 سبتمبر 2008 00:52
شكّل مساق دراسي عن تنظيم القاعدة وظهور الإرهاب الدولي أحد أكثر المساقات شعبية الفصل الماضي بكلية كينيدي في الحكم بجامعة هارفرد للنخبة؛ كان استاذ المساق ''بيتر بيرجن''، وهو الصحفي الذي عقد أول مقابلة وجهاً لوجه مع أسامة بن لادن على الـ''سي إن إن'' وألف كتاب ''أسامة بن لادن الذي أعرفه''، والمحلل المتخصص في شؤون الإرهاب· كانت الجلسة الأخيرة في المساق هي الأكثر بنّاءة، بعد أن وصلت وجهات نظر الأميركيين حول ''الحرب على الإرهاب'' مرحلة النضوج؛ فقد حدث تحول لديهم في الفكر من الرعب الشديد وعدم الفهم والإسراع إلى الاستنتاج بأنهم -أي القاعدة- ''يكرهوننا بسبب حرياتنا'' إلى النظر إليهم على اعتبارهم مجموعة متشظية يمكن تدميرها والتغلب عليها من خلال التلاعب والسيطرة على فروقاتها الداخلية· سار بيرغن جيئة وذهاباً في القاعة المدرّجة، يسأل طلابه حول توصياتهم لدحر القاعدة· كان على رأس الأجندة إصلاح نظام الاستخبارات وإعادة هيكلة البيروقراطية؛ وبشكل عام، اتجه الطلاب الأميركيون نحو حلول سطحية لكسب القلوب والعقول في العالم الإسلامي؛ وقد بدا وكأنهم يعتقدون أن عملية إعادة تغليف أنيقة للحرب على الإرهاب، أو إعادة تصفيف الكينونات البيروقراطية في وزارات الدفاع والخارجية سوف تحل المشكلة؛ فقد اقترح أحد الطلبة الأميركيين أنه يتوجب على حكومة الولايات المتحدة مواجهة القاعدة بأسلوب ''إنكار الاسم''، حيث يُمنع المتحدثون الرسميون باسم الحكومة والمسؤولون فيها من الإشارة إلى المنظمة باسمها بحجة أن ذلك سيحرمهم الدعاية الإعلامية، وبالتالي سينكمش الإرهابيون ويختفون عن الوجود! مازال الكثير من الأميركيين مترددين في الاعتراف أن التغليف الأكثر أناقة لن يجعل السياسات الأميركية مستساغة أكثر بين جمهور الشرق الأوسط أو تحسين صورة واشنطن في المنطقة؛ من الأمثلة على ذلك كارثة قناة الحرة التلفزيونية العربية التي أنشأتها وزارة الخارجية الأميركية؛ إلا أن تبريراً سطحياً كهذا يرن صداه على أعلى المستويات في الإدارة الأميركية؛ فقد أعرب وزير الدفاع الأميركي ''روبرت جيتس'' عن استغرابه لأن القاعدة ''تجيد إيصال رسائلها الإعلامية على الإنترنت بصورة أفضل من أميركا! فرسالة ''القاعدة'' المعارضة للغرب وللتدخل الأجنبي لاقت صدى واسعاً بين جمهور العرب والمسلمين الذين سئموا ما يرون أنه استعمار جديد يتدخل في شؤون المنطقة، وهو ما يعزز بالتغطية التلفزيونية اليومية للاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، والدعم الأميركي للنخب الحاكمة التي لا تتمتع بشعبية، ومحاولات إحباط الحركات السياسية الشعبية عندما تفوز في الصندوق الانتخابي· غامر طالب أوروبي وحيد بالقول: إنه لا يمكن إلا لتحول كبير في سياسة واشنطن تجاه المنطقة أن يؤتي بثمار حقيقية وأن يدفع محاولات الولايات المتحدة النجاح في صراعها ضد الإرهاب، وأقترح وقف الدعم غير الحرج لإسرائيل، لانه قد يتغلب على الشعور السائد في العالم العربي بأن الولايات المتحدة ''وسيط غير صادق''، ولكن ملاحظاته صمت تام· فهل سيصبح جيل جديد من خريجي كلية كينيدي للدراسات العليا بيروقراطيين فاعلين وجنوداً في الحرب الطويلة؟ وهل بإمكانهم توفير الوعي الثقافي لأميركا، الذي تحتاجه لدحر أعدائها على ساحات حرب الشرق الأوسط؟ يعتقد خبراء الإرهاب مثل ''مارك سيجمان'' أن القاعدة أصبحت معرضة لخطر الزوال؛ ولدى غيره، مثل عميل وكالة الاستخبارات الأميركية السابق ''مايكل شوير'' تفسيرات أكثر سخرية لما يوصف ''بالتحول المذهل''، فـ''شوير'' يعتقد أن إعلانات سابقة لأوانها عن انتهاء القاعدة ''قد يقصد بها تطمين الأميركيين إلى أن القاعدة هُزمت إذا كان من الضروري خلال الشهور القليلة القادمة أن تهاجم القوات الأميركية إيران''؛ بغض النظر أين تكمن الحقيقة، فإن خريجي كلية كينيدي لعام 2008 سوف يجري ذكرهم على أنهم الجيل الذي شكّلته الحرب الطويلة· أياسون أثاناسيادس زميل بجامعة هارفرد ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كومن جراوند'' الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©