السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما وسياسة «افتداء» الرهائن

7 أغسطس 2016 22:58
لعل الافتراض الذي يمكن للمرء أن يخلص إليه من متابعة قضية دفع إدارة أوباما مبلغ 400 مليون دولار لإيران في شهر يناير الماضي، والتي أثارت جدلاً واسعاً، هو أن دفع فدية لتحرير الرهائن هو فعل مستهجن. إلا أن هذا الافتراض خاطئ تماماً، أو على أقل تقدير، لا يكون سلوكاً سيئاً في كل الحالات. وذلك لأن مبدأ التفاوض وعقد الصفقات يعتمد على درجة القوة والنفوذ. ويشكل احتجاز الرهائن شكلاً من أشكال القوة، مثل المال والقوة العسكرية. وفي بعض الأحيان، يكون دفع الفدية هو الإجراء الأقل تكلفة والأكثر فعالية لبلوغ الهدف المتمثل في تحرير الرهائن. ويمكن القول إن دفع الفدية المالية لا يشكل في حقيقة الأمر حافزاً لمرتكبي الأفعال الخبيثة لاحتجاز المزيد من الرهائن، لأن هذا الحافز قائم بالفعل، ولا يجوز استبعاده من القضية لمجرد الإصرار على أن دفع الفدية هو عمل ينبغي على الولايات المتحدة تجنّبه في كل الحالات. والسؤال المهم هنا: ما الذي يدفع دولة مثل إيران لاحتجاز الرهائن فوق أرضها؟ والجواب ببساطة هو لأنها تحاول إجبار اللاعبين الأكثر قوة منها، كالولايات المتحدة، على أن تفعل ما تريده هي. وبهذه الطريقة، لا تختلف الدولة التي تمارس فعل اختطاف الرهائن عن سلوك قاطع الطرق في مدينة غير مؤمّنة بقوى الشرطة عندما يختطف الرهائن لمجرد الحصول على الأموال. وفي هذه الحالة، سوف يجد الخاطف نفسه أمام نقطتي ضعف: الأولى، هي أن الشخص الذي لا يتمتع بالحماية والذي يريد اعتقاله، لا يمكن الإمساك به في أغلب الأحوال من دون إصابته بأذى. وتكمن الثانية في أن الشخص الرهين يريد أن يتحرر بكل الوسائل الممكنة، وهذا ما يريده أصدقاؤه وعائلته. ولا توجد إلا طريقتان لمنع الاختطاف ترتبطان بالنقطتين المذكورتين. تتعلق الأولى باتخاذ الاحتياطات الشخصية الضرورية لتجنب التعرض للاختطاف. وهي طريقة غير عملية على الإطلاق بالنسبة إلى كل الأميركيين الذين دأبوا على السفر حول العالم ليعرّضوا أنفسهم أحياناً للاختطاف. وتكمن الطريقة الثانية في إغفال الاهتمام بالمخطوف بشكل نهائي. وعلى المستوى الشخصي، هذا يتطلب من المخطوفين وأصدقائهم وعائلاتهم أن يكونوا مستعدين لقبول احتمال التعرض للاختطاف الدائم أو المؤقت. ومن الواضح تماماً أن هذا الاحتمال نادر جداً وغير واقعي. وعلى المستوى الوطني، يشكل عدم الالتفات إلى المخطوفين موقفاً سياسياً يقضي بقبول الاعتقال أو الموت باعتباره الثمن الذي ندفعه نحن الأميركيين جميعاً للتنعّم بحريتنا. وهذه النظرة الإسبارطية للأمور ليست واقعية في ديموقراطيتنا، وأنا أشك في أن تكون مقبولة من النواحي الأخلاقية حتى لو تحققت بالفعل. والنتيجة التي يمكن أن نخلص إليها من كل ذلك هي أن تجنب اختطاف الأميركيين أمر مستحيل. وبأن الأميركيين، بمن فيهم بعض أعضاء الحكومة، سيتم الاتجاه نحو تحريرهم لو اختُطفوا. إلا أن التساؤل المهم يتعلق بما إذا كان الالتزام بمبدأ عدم دفع الفديات في الولايات المتحدة يمثل الطريق الصحيح لبلوغ هذا الهدف. والجواب الذي لا لبس فيه لهذا التساؤل هو: لا. وذلك لأن البديل عن دفع الفدية هو فرض العقوبات الاقتصادية أو التهديد باستخدام القوة العسكرية. وهما أداتان جيدتان للاستخدام في السياسة الخارجية إلا أنهما غير عمليتين عند التطبيق الفعلي، لأن العقوبات الاقتصادية تضرّ البلد المعني بأكمله، وغالباً ما تكون مكلفة للجهة التي تطبقها. ويمكن توجيه القوة مباشرة وبشكل محدد لتحرير رهائن محددين، ولكن المحاولة الفاشلة التي أقدم عليها الرئيس جيمي كارتر يمكن أن تذكّرنا بأن من الصعب وضع هذه الطريقة موضع التنفيذ. ويمكن للأشكال الأخرى من استخدام القوة أن تضرّ بالمدنيين أو تؤجج مشاعر العداء ضد الأميركيين. وبخلاف ذلك، فإن دفع الفدية هو أسهل وأنجع طريقة لاستعادة المخطوفين، إذا افترضنا أننا نريد استعادتهم بالفعل. ولكن، ماذا نقول عن الدور الذي تلعبه هذه الطريقة في زيادة حوادث الاختطاف؟ يقول زميلي في وكالة «بلومبيرج فيو» إيلي ليك: «عندما يتعلق الأمر بإيران، يمكن القول إن دفع الفدية يعتبر طريقة معيارية متعارف عليها». وأنا أرى أن هذه المقولة صحيحة بنسبة 100%. وأضاف ليك إلى ذلك قوله إن الإيرانيين تعلموا أن اختطاف الرهائن عمل ناجح ويؤدي الهدف المراد منه، وهو أيضاً عمل يتصف بالدقة التامة. إلا أن إيران لا تحتاج من الولايات المتحدة أن تعلّمها أن اختطاف الرهائن عمل مؤثر وفعّال. لأن الحافز لاختطاف الرهائن هو أمر واضح بالنسبة إلى كل من يحاول اقتناص عنصر قوة ضد لاعب أقوى منه. وهذا ما جعل من اختطاف الرهائن فعلاً قديماً قدم التاريخ. *أستاذ القانون الدستوري والدولي في جامعة هارفارد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©