الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سحرة

سحرة
1 سبتمبر 2008 23:57
رغم أن فرعون وهامان كانا من أمهر السحرة وأنهما بسحرهما استوليا على الناس، فإن فرعون بعث يجمع السحرة لديه وأمرهم بمعارضة موسى (عليه السلام) في الأجل المضروب· قالوا له: أيها الملك قد علمت أنه ليس في الدنيا أقدر منا على السحر، فإذا كانت الغلبة لنا على موسى، فما الذي يكون لنا عندك في الجزاء؟ ''قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين'' (الشعراء: الآية 42) أدنيكم مني وأشارككم في ملكي· ثم قالوا: وإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أن ما جاء به ليس من السحر ولا حيلة لنا عندئذ إلا أن نؤمن به ونصدقه· فقال فرعون: إن غلبكم موسى صدقته أنا أيضاً معكم· ولكن أجمعوا كيدكم وحيلتكم· وأخيراً حان يوم الموعد وكان يوم السبت وهو يوم سوق لهم· ووافق أنه أول يوم في السنة عندهم وكانوا يحتفلون به ويتخذونه يوم الزينة - وقيل: إن المكان كان في الاسكندرية، فاجتمع في الموعد حشود الناس والآلاف المؤلفة، حتى ضاقت بهم البلدة وساحتها· وكان لفرعون تجاه تلك الساحة منصة فوقها قبة من حديد يطل منها على الجموع وينظر إليهم· ولما ارتفع النهار أقبل فرعون في زينته وقد حفت به أشراف قومه، وأشرفوا على الجموع، وأقبل السحرة تحمل ستون بعيراً عصيهم وحبالهم، وامتلأت الساحة بالجموع التي لا تحصى· ثم أقبل موسى (عليه السلام) متكئاً على عصاه ومعه أخوه هارون لا غير، حتى انتهى إلى المجتمع الهائل· وبعد أن توقف هنيهة جعل ينظر إلى السماء فهال الناس ذلك وجعلوا يتساءلون عن معناه وأثره· ولما تقابل مع السحرة ''قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيُسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى'' (طه: الآية 61)· فازداد السحرة في كلامه رغبة ودهشة· وأخذوا يتناجون بينهم فيقول بعضهم لبعض: ما هذا قول ساحر· ويقول آخرون: إن الرجل ينظر إلى السماء ونحن لم يبلغ سحرنا السماء· فكاد شملهم يتشتت وجمعهم يتفرق· وأبى فريق منهم إلا الجحود والإصرار· ''فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون'' (الشعراء: الآية 44)، ''قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يُخيل إليه من سِحرهم أنها تسعى'' (طه: الآية 66)· فأوحى الله تعالى إلى موسى ووعده النصر والغلبة وأمره بإلقاء العصا فقال له: ''وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يُفلح الساحر حيث أتى'' (طه: الآية 69)، ''فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين'' (الأعراف: 107)· فهجم الثعبان بعدما استوى على جميع ما في الميدان مما يراه الناس حيات وأفاعي وجعل يتلقفها بكل سرعة حتى أتى على آخرها، ولم يترك منها شيئاً أصلاً كما قال تعالى: ''فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغُلبوا هُنالك وانقلبوا صاغرين'' (الأعراف: الآيات 117 - 119)· ولما ظهر ثعبان موسى (عليه السلام) واتجه يبلع أفاعي السحرة، انهزمت جموع الناس وأفواج الخلائق هاربين وقد انخلعت أفئدتهم فزعاً ورعباً وتسابقوا إلى الفرار ووطئ بعضهم بعضاً· وانهزم معهم فرعون بمن معه وقد انقطع فؤاده وعزب عقله، خاصة فأوحى الجليل إلى رسوله العزيز: ''خُذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى'' (طه: الآية 21)· فتقدم موسى (عليه السلام) وأدخل يده في فم الثعبان فعاد عصا من خشب عادية· أما السحرة فلما عاينوا ذلك وهم اثنان وسبعون شيخاً من علماء السحرة ورؤسائهم المهرة الذين أفنوا أعمارهم في إتقان مهنتهم· وكان رؤساؤهم أربعة، فأسرعوا فوراً بعدما تبين لهم الهدى ''وألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون'' (الأعراف: الآيات 120 - 122) وتبعهم بقية السحرة فآمنوا كلهم، وآمن معهم جمع كثير من الناس وشهدوا لله تعالى بالوحدانية ولموسى بالنبوة وانصرف بقية الناس مدهوشين مما شاهدوا يتذاكرون في محافلهم ذلك·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©