الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخادمة تكتب النهاية

الخادمة تكتب النهاية
13 نوفمبر 2009 01:39
نقلني زوجي من حياة إلى حياة، من طبقة إلى طبقة، وبدل كل التفاصيل فأنا فتاة نشأت في أسرة كبيرة العدد، أمي ربة منزل وأبي موظف بسيط في عمل حكومي يكد ويكدح من أجل تربية ثمانية من الأولاد والبنات، ثمانية في مراحل التعليم المختلفة واحتياجاتنا أكبر بكثير من إمكاناته المتواضعة لكنه جعلنا هدفاً أمام عينيه، يقاتل بشراسة من أجل تحقيقه وكان مثل أعرج يجري وراء سيارة يسابقها ورغم الفارق لم ييأس ولم يفقد الأمل ويكفي أن يوفر لنا أهم الاحتياجات وفي نهاية العام تأتي النتائج وننجح جميعا، كنت أشعر بالنقص فالفارق بيني وبين زميلاتي وزملائي في المدرسة ثم في الجامعة كبير لا أنعم بأساسيات ولا كماليات، لا أعرف الترفيه فعنواني في كل شيء هو الحرمان، وإن كنت غير ساخطة إلا أنني أتوق إلى الستر وتحقيق بعض ما تريده نفسي، فلا علاقة لنا بالطعام الطيب ولا الملابس الفاخرة والمصروف اليومي الذي يحصل عليه التلاميذ كان كأنه من المحرمات والفواكه تضل الطريق إلى بيتنا ولا فرق بين الصيف والشتاء وكلما تذكرت هذه الأحوال لا أصدق نفسي أننا كنا صابرين إلى هذا الحد وتحملنا فوق طاقة البشر سنوات مديدة حتى بدأ الكبار التخرج في الجامعة وإن كان ذلك لم يخفف المعاناة لكنه كان ثمرة كفاح أبي التي يجنيها بعد جهد جهيد. سليل أسرة ثرية مضت أيام وشهور وسنوات لا عدد لها حتى تخرج الجميع وحصلوا على مؤهلات عالية، وبذلك اكتمل قطاف كل الزهور والثمرات، لكن القدر شاء أن ينتقل أبي إلى جوار ربه قبل أن تقر عيناه بكل النتائج والنعم التي جاءت نتيجة عرقه وعمله وما قدمت يداه، اذ كانت هذه الشهادات الجامعية العالية هي المفتاح الذي فتح مغاليق السعادة والخير، فحصلنا على وظائف متميزة تدر علينا دخولا وعوائد مالية أعادت الأرواح إلى أجسادنا الميتة ووضعنا أقدامنا على أولى خطوات الأمل وتحقيق الأمنيات والوصول إلى المستحيلات أو التي كنا نراها كذلك. تعرفت على زوجي من خلال عملي كان سليل أسرة ثرية ولا يعرف شظف العيش، أعجب بجمالي وشخصيتي فلا أحد ممن حولي يعرف عن حياتي السابقة ولا أقل القليل، استطعت أن أحافظ عليها سراً في صندوق مغلق، لا أتطرق إلى الحديث عنها أبداً، واكتفي بأن أعيش اللحظة لأنني أعرف طبائع الناس، فلو علموا الماضي لاعتبروه نقيصة ولتعاملوا معي بشكل مختلف يقلل من قدري ومن منزلتي عندهم، بل ربما يقللون من احترامهم رغم أن الفقر ليس عيباً ولا عارا ولا ذنبا اقترفته، وعاملني زملائي وزميلاتي في العمل على أنني من ذوي الأملاك والأموال لأنني أخت لسبعة من البنين والبنات كلهم في وظائف مرموقة ومواقع متميزة وكانت هذه مسوغات الاعتماد حتى عند زوجي وبجانب إعجابه بي، أحبني بقوة ولم يكن في أيامنا الخوالي على العروس ان تتحمل الكثير من مستلزمات الزواج، فقط بعض الملابس والقليل من المجوهرات، ومساهمة رمزية في الأثاث وكل هذا لم يكن ضمن حسابات زوجي واشتراطاته، فقد كنا في زمن لا يعرف غلاء المهور والمغالاة في الشبكة والكماليات وحتى في توافه الأمور وانتقلت الى بيته. كما بدأت كلامي كانت هذه الزيجة نقلة نوعية ومكانية ونفسية ومالية حقيقية، فعلا تغيرت حياتي من النقيض إلى النقيض من الفقر إلى الغنى ومن الحاجة إلى الزيادة وصارت عندي ملابس للشتاء وملابس للصيف ونستعد لقضاء المصيف كل عام في مكان راق مختلف مع علية القوم والمشاهير ونجوم المجتمع ولدي سيارة خاصة بي بخلاف سيارة زوجي وخلعت جلد الفقر وتخلصت منه وارتديت زي الغنى والثراء واختلت فيه بخيلاء، كأنني ولدت فيه لم يكن غريبا عليَّ إذ كنت من قبل أعيشه بخيالي وأحلامي وأراه في صحوي ومنامي، وسارت حياتي هانئة هادئة مستقرة وزوجي يزداد حبه لي كل يوم ولا يعكر صفو حياتنا إلا المناوشات الزوجية والخلافات العادية، لكن النفس لا تشبع ولا تقف عن حد، فلا نهاية للطموحات أو الأطماع ودائما تقول هل من مزيد فإذا بي وأنا في هذا الوضع والترف، أجد انه لا يليق بي أن أقف في المطبخ أغسل الأطباق وأعد الطعام ولا يصح أن أكون في وضع أقل من صديقاتي ويجب ألا يتميزن عني ولو بأقل القليل. طلبت من زوجي أن يأتيني بخادمة تتحمل أعباء البيت وتقوم بأعمال النظافة والغسيل وتعد الطعام والشراب، خاصة عند وجود ضيوف عندنا، ورفض زوجي ليس بسبب أجر الخادمة فهذا لا يمثل عبئا ماليا عليه وإنما يرى أنه لا يريد لأحد أن يشاركنا خصوصية حياتنا، ويقطع علينا خلوتنا والاهم انه لا يستمتع إلا بالطعام الذي أصنعه بيدي وبعد جدال طويل توصلنا إلى أن نأتي بخادمة تتولى أعمال النظافة والطبخ والغسيل وتبقى لي اللمسات الأخيرة وألا تكون مقيمة معنا بصفة دائمة، وبعد عدة أشهر لم أرتض هذا الوضع وقررت ان تكون الخادمة مقيمة وتتولى شؤون البيت كلها، خاصة أن عندي أعباء طفلين صغيرين وليست لدي طاقة للتعامل معهما وتلبية كل مطالبهما ورفضت الخادمة مبدأ الإقامة لأن لها زوجا وأطفالا وهم بحاجة لها، وقررنا أن نجلب خادمة آسيوية فهم اكثر طاعة، وعلى دراية بأعمال البيت والتربية، ولدينا غرفة خاصة لها والاهم من هذا أنها ستضيف اليًّ وجاهة اجتماعية وهي تسير خلفي تحمل متعلقاتي وتستجيب لمطالبي وهي تنحني أمامي. خطوة مهمة كان لي ما أردت وجاءت الخادمة التي غيرت وجه مسكننا، وقد أكثرت من التردد على النادي وهي معي لتعرف صديقاتي هذه الخطوة المهمة في حياتي واستطاعت أن تغير بلمساتها كل صغيرة وكبيرة وتلبي مطالبنا جميعاً في وقت واحد بالطبع كان لزوجي من اهتمامها النصيب الأكبر، حتى إنني بمشاعر وأحاسيس المرأة استشعرت اهتمامه بها وتحوله اليها، تفضحه النظرات المختلسة من وراء ظهري في وجودي ولا أدري ماذا يحدث في غيابي ومن الطبيعي أن يساورني الشك، وتلعب برأسي الظنون وأنا أراها تتزين وتهتم بنفسها أكثر مما افعل أنا، كانت حريصة على أن تتخلص من رائحة الطعام والمطبخ فور الانتهاء من إعداده، لا تظهر إلا في كامل زينتها، حتى لم تخف عليًّ النظرات والهمسات المتبادلة بينها وبين زوجي وقد أصبح أسير البيت أكثر من أي وقت مضى، يترك غرفة النوم ويتسلل منها خلسة بحجة الشراب، واستبدت بي الشكوك حتى كادت أن تقتلني إلى أن تأكدت من أن زوجي يعيش قصة حب مع الخادمة، بل وقعت المصيبة الأكبر انه يمارس معها الرذيلة في بيتي وفي غرفة نومي. جرح كرامتي وحطم كبريائي لكن عزة نفسي تمنعني من أن أبوح بهذا السر ولا يمكنني أن أخبر به قريبا ولا صديقاً، فماذا أقول؟ زوجي يعشق الخادمة، إنني الخاسرة فلا يجوز أن أضع نفسي معها في مقارنة، فكرت في طردها وإنهاء الأمر لكن ذلك لن يرد إليَّ كرامتي السليبة، ولن يزيل آثار الصفعة التي وجهها إليَّ وإن كنت اعترف بأنني السبب فيها وأنا التي صنعت الأزمة، ولابد أن أبحث عن مخرج بنفسي، واكتفيت في هذا الوقت بتضييق الخناق عليهما، لا أدع لهما مجالا للخلوة حتى لاحظت الضيق والتذمر عليهما وعلى وجه زوجي خاصة، وركزت كل اهتمامي على الثأر والانتقام، نعم الثأر والانتقام ولن أتنازل عن حقي ولن أستسلم بسهولة. حل مفاجئ بينما بركان صدري في ثورة جاءني الحل بسهولة ويسر على طبق من ذهب، كان بالقرب مني يشرب الشاي وأنا أقلب صفحات مجلة بغير اهتمام أو تركيز وقعت عيناي على هذا الحل الذي لا أدعي أنه من بنات أفكاري وإنما جاءني هبة ونجدة فلم أضيع وقتا وفي الصباح بدأت التنفيذ وقمت من وراء ظهره بإنهاء التعاقد مع الخادمة وإعطائها كامل حقوقها وإنهاء اجراءات سفرها وخلال أيام اصطحبتها إلى المطار لتعود إلى بلدها وفي المساء أخبرته بالنبأ الذي وقع على رأسه كالصاعقة بأن السلطات قامت بترحيل الخادمة لأنه تبين أنها مصابة بالإيدز! كانت الكلمات كأنها مطرقة حديدية هويت بها على أم رأسه، تصبب عرقا ونحن في قلب الشتاء، ادعى انه يريد النوم ويشعر بالإرهاق من كثرة العمل في هذا اليوم وتوالت النتائج التي أثلجت صدري وشفي بها قلبي، فزوجي يعرف النتيجة فإذا كانت الخادمة مصابة بالإيدز فقطعا سيكون المرض القاتل قد انتقل اليه، ولا يجرؤ على البوح بهذا السر ولكن بدأ يظهر عليه القلق، قل نومه وطال ليله وانشغل فكره، نحل جسده وكاد ينقطع عن الطعام والشراب فعلا أراه أمام عيني يموت ببطء، عرضت عليه أن يذهب إلى الأطباء فرفض خشية الفضيحة. وعندما اصبح بقايا إنسان وهيكل عظمي تقدمت الى محكمة الأسرة أطلب خلعه، اطلب خلع الخائن وأتخلص من الخيانة بعد أن شفيت غليلي ولان المحكمة لا تطالبني لا بسبب ولا بمستندات في طلب الخلع كان لي ما أردت، وصدر حكم لصالحي بخلعه. ولكن في آخر نظرة بيننا على سلم باب المحكمة وضعت المسمار الأخير في نعشه وأخبرته بالحقيقة الكاملة التي ما زالت غائبة عنه أو غائبا عنها، بالكاد ابتسم ابتسامة «ضعيفة» ارتسمت على شفتيه دون أن ينطق بكلمة واحدة. لا أدري إن كنت خاسرة ام كاسبة بعد هذه المعركة وإن كنت على خطأ أو صواب، أحيانا أشعر بالذنب وأحيانا أشعر بالارتياح. حب في الجحيم أحمد محمد (القاهرة) - رغم أنها لا ترتدي ملابس خليعة، ولا تأتي بحركات ولا إيماءات خارجة، غير أن الشاب المجهول سار خلفها في الشارع يمطرها بوابل من الكلمات المعسولة وأحيانا الخادشة أو الخارجة، تتبعها لعشرات الأمتار حتى ضاقت به وبتصرفاته وهو يلاحق خطواتها ويقترب منها فاضطرت لوقف هذه المهزلة والخلاص منه، وتوقفت ووجهت إليه كلمات حاسمة تنهره وتردعه بلا شتم لكنه تمادى في غيه واستمر في عناده فكان لابد أن تعامله بنفس أسلوبه ليتحول الأمر الى مشادة كلامية حامية الوطيس مما اضطر الشرطي المتوقف في تقاطع الشارعين ينظم المرور للتدخل ومناصرة هذه المرأة وإنقاذها من السقوط في براثن هذا الشاب المتمرد الشارد حتى ترك المكان واختفى، لكن بدأت حلقة اخرى من الحوار تبادل فيها الشرطي والمرأة كلمات التعجب وهما يترحمان على الأخلاق والآداب وينعيان العادات والتقاليد الأصيلة وبالغ الرجل في شهامته بأن عرض عليها حمايتها حتى تعود الى منزلها في أمان، حيث انه أنهى عمله وسينصرف الآن عائدا الى بيته، عرف منها عنوان مسكنها وادعى انه يقيم في نفس المنطقة ليطيل الحديث معها، وكان له ما أراد اذ في نهاية المطاف استحوذ على رقم هاتفها المحمول بحجة الاطمئنان عليها حين تصل الى بيتها وأعطاها رقم هاتفه ليعرض خدماته عليها في أي وقت شاءت وفي أي مكان أرادت. فصول متسارعة بدأت الأحداث في أول فصولها اذ توالت متسارعة وجاءت اللقاءات بينهما بشكل مختلف وخرجت من نطاق الشهامة والشجاعة الى الإعجاب وتبادل كلمات العشق والغرام وأبدى استعداده للزواج منها فورا لكن كانت إجابة المرأة بالدموع الغزيرة التي كادت تخنقها وتكتم أنفاسها، قالت: لا أريد أن أخدعك فانت لا تعرف عني شيئا كي تقدم على هذه الخطوة الخطيرة، ولو عرفت لترددت كثيرا بل لهربت من أمامي وأطلقت ساقيك للريح، لكنه فاجأها بأنه سيقبلها مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال والأسباب فلن تكون هناك موانع تحول بينهما وأصر على أن يسمع منها كل تفاصيل حياتها وكل ما تريد أن تقوله. واستمرت دموعها على خديها تنساب بلا توقف وقالت: كان عمري سبعة عشر عاما عندما تقدم «احمد» لخطبتي وتم زواجنا سريعا إذ لم يكن هناك الكثير مما نريد تجهيزه، فيكفي أي أثاث بسيط في شقة متواضعة وانتقلت الى بيته واستقرت حياتنا الزوجية رغم ان زوجي صاحب دخل محدود، ورزقنا الله بأربعة من الأبناء بنتين وولدين شبوا وترعرعوا بيننا والتحقوا بمراحل التعليم المختلفة حتى زارنا زائر غير مرغوب فيه هو المرض الذي هجم على زوجي فأقعده عن العمل والحركة عدة سنوات ونحن نعاني بين المستشفيات والأطباء والأدوية والاشعات والتحاليل، وفوق هذا وذاك كان، الألم الذي ينهش جسده النحيف وسهري عليه ومعه لرعايته وفي النهاية كان القدر المحتوم وحان الأجل، رحل زوجي وترك لي الأبناء الأربعة وليس بين يدي ما يكفي بعض احتياجاتهم ولا مصروفات مدارسهم. لم يكن أمامي إلا الخروج الى العمل ولأنني لا أحمل شهادة دراسية ولا مؤهلا ولا رأس مال، لم يكن أمامي إلا البحث عن مهنة تناسبني، فعملت خادمة في البيوت وتنقلت بين بيت وآخر وأسرة وأخرى وأواصل الساعات والليل بالنهار حتى ألبي مطالب الصغار المتزايدة ورغم أنني اتشح بالسواد حزناً على زوجي، ولا أعرف مساحيق التجميل التي جعلتها عليًّ حراماً، إلا أنني لم أسلم من نظرات الطامعين وعيون الذئاب والمارقين وأنياب ومخالب الوحوش المنفلتين مما يزيدني غماً على غم وهماً على هم، تحملت كل ذلك وحدي ودفنت معاناتي وآلامي في صدري، حتى كبر الأبناء «سميرة» الآن عمرها ثمانية عشر عاما و»فاطمة» تصغرها بعام واحد و»ياسر» في الثانية عشرة و»محمد» آخر العنقود عشر سنوات وكلما كبر الصغار زادت همومهم ومطالبهم. وجاء ما لم أتوقعه في هذا الوقت إذ تقدم شابان لخطبة الفتاتين ووافقت وها أنا ذا أكابد من أجل تجهيزهما وقد اقتربت من الأربعين لم يبق بيني وبينها إلا ثلاث سنوات فهل لمثلي أن تفكر في الزواج؟ وردة متفتحة التقط سعيد سؤالها ليجيب عنه، نعم فأنت وردة متفتحة وامرأة ناضجة جميلة وما زال أمامك العمر الطويل وفيك أنوثة طاغية ولديك جاذبية وسحر أقوى من أي مغناطيس وكل الرجال يتمنون مثلك وأنا أولهم ولن أسمح لغيري بأن يسبقني اليك، وجاءت كلماته بردا وسلاما على قلبها بعدما دغدغ مشاعرها، وأسمعها عبارات الغزل التي لم تسمعها منذ سنوات وتفتقدها وهي بحاجة ماسة إليها وضرب لها موعدا لخطبتها رسميا وبعد يومين اصطحب شقيقته وتوجه إليها في منزلها لكنه فوجئ برفض الفكرة حيث تراجعت عن الوعد الذي لم تقطعه على نفسها فقد فهم أنها وافقت عندما لم ترفض مطلبه لكنها في نفس الوقت لم تعطه جواباً. وبعد شد وجذب وتنازلات وإغراءات من جانبه وافقت على الخطبة بشرط ألا يتم أي شيء ولا تتخذ أي خطوة إلا بعد الانتهاء من زواج ابنتيها، لكنه بدأ يتعجل الأمر وإتمام الزواج، فجاءه ردها الحاسم بالرفض التام. رفض العاشق الولهان الهزيمة في الحب والغرام وراح يطاردها ليل نهار أينما حلت أو ارتحلت حتى ضاقت به وكي لا يعرفها ولا يتعرض لها ارتدت النقاب للتخلص من مضايقاته، لكنه لم يتوقف عن التردد على منزلها وهي ترفض استقباله، عامان كاملا ولم يفقد الأمل في أن تعود إليه ولم يجد منها غير الصد والهجران فلجأ إلى تغيير وسائله وهددها بالقتل والانتقام فلم تهتم وكان قرارها النهائي الرفض وقطع العلاقة به، فشعر كأنها وجهت إليه طعنة نافذة ولم يتحمل وفي الصباح احضر إناء به بنزين وتوجه إلى شقتها سكبه تحت الباب وأشعل النار وشب الحريق في كل أرجائها، استيقظ الأبناء على هذا الهول الذي كان مثل قطعة من جهنم أحاطت بهم، قاموا فزعين يصرخون كسر الجيران الباب وانقذوا الفتاتين، بينما أمسكت ألسنة اللهب بالولدين وخنقهما الدخان ولقيا حتفهما، بينما الأم في عملها تبحث عن القوت الضروري وعلمت بالمصيبة فاحترق قلبها مع احتراق ولديها اللذين دفعا حياتهما دون ذنب اقترفته أيديهما، في لحظة طيش وتهور بطلها الشيطان باسم العشق والغرام فكان الانتقام وانتقل الولهان إلى السجن والسجان، والزنزانة والظلام حيث يقضي بقية عمره أو يتجه مباشرة إلى حبل المشنقة
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©