الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإحباط.. خطر معدٍ يهدد فرص النجاح ويقتل الأبداع

الإحباط.. خطر معدٍ يهدد فرص النجاح ويقتل الأبداع
13 نوفمبر 2009 01:35
مصطلح الإحباط كثير التداول في عالمنا، ولا يبدو واحداً في كل حال، يراه البعض نتيجة طبيعية لعصر يمعن كل ما فيه بالتعقيد، ويعيده آخرون إلى صعوبات العمل والتفاعل مع المحيط، فيما تجد من يحذرك من تسرب فيروسه المعدي نحوك جراء التعامل مع المصابين به، كما هناك من يتطوع لإنقاذ المحبطين من براثن المرض القاتل، تعددت الآراء والإحباط واحد يفترس إرادة المرء وقدرته على اجتياز عراقيل الحياة. أصبح وجودهم شائعاً في كلّ مكان، في المنزل، في العمل، وفي جلسات السمر.. هم أشخاص عاديون لا تظهر سماتهم على وجوههم ولا تعرفهم إلا بالحديث معهم، قد يكونون طيبي القلب رائعين، لكن عيبهم أنهم لم يتماسكوا أمام ضغوطات الحياة بسبب ضعف إرادتهم فتمكّن منهم الإحباط وأصابهم في مقتل، يعبرون عن شعورهم باليأس والإحباط عن طريق التذمّر وتصدير شكاوى ساخطة على الواقع والظروف وتفاصيل العمل، وهم في كلّ حركة من حركاتهم ينقلون ذبذبات توتّرهم إلى كلّ من يجاورهم أو يتحدث معهم. وفي الحقيقة فإنه مهما بلغت الصفات الحميدة لدى هؤلاء الأشخاص إلا أن البعض يتهرّب من محادثتهم أو قد يتشاءم من رؤيتهم، وذلك بسبب الطاقة السلبية التي يشحنون بها الآخرين، فالإحباط «فيروس»معدٍ يؤثر على مستقبل الناجحين. فيروس معدٍ «نعم، الإحباط كالفيروس، ينتقل بالعدوى من أشخاص ضعيفي الإرادة والمقاومة يحاولون التأثير به على الأشخاص الناجحين»، هذا ما تؤكده فاطمة يوسف، موظفة بنك، مضيفة: «إن ظروف الحياة قاسية على الغالبية العظمى من الناس، ومع ذلك فأنا شخصياً لا أريد أن أشعر بالإحباط أو أن أشكو كثيراً حتى لا تفتر همّتي تجاه الحياة وتجاه دوري كزوجة وأم وامرأة عاملة، كلنا نصاب بهذا الشعور بسبب عدم سير الأمور كما نشتهي واختلاف القيم وصعوبة التعامل مع الآخرين وضغط العمل، لكن يجب ألا نسمح له بأن يجرّنا والآخرين نحو الهاوية، فالشخص القويّ هو من يقاوم شعوره بالإحباط، ويكتمه عن الآخرين، لأنه شعور قاتل للنجاح والإبداع». بدورها تقول شادية علي: «التوتّر والتذمّر هما أسوأ الطباع بالنسبة لي، وأنا لا أسمح لأحد بأن يتذمر أمامي لكي لا يتسلل الشعور بالإحباط إلى داخلي، ولذلك إذا ما صادفت واحداً يتصّف بهذه الصفات فإنني أوقفه عند حدّه، فالإنسان يجب أن يكون قوياً وذا إرادة، حيث قال صلى الله عليه وسلّم المؤمن القويّ خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، بمعنى أنه يجب أن يصمد أمام ظروف الحياة ويواجهها بشجاعة، وعادة من ينجح في الحياة هم الأشخاص الأقوياء الذين لا يسمحون لليأس والإحباط بالتسلل إلى داخلهم، أما المتذمرون والمحبطون فإنهم يراوحون مكانهم». وتكمن المشكلة، بحسب أفراد عانوا من هذه السلوكيات، بأن تأثير الإحباط لا يقتصر على الشخص المحبط نفسه، وإنما يتعداه إلى من حوله وخاصة من الأشخاص الساعين إلى التقدم والنجاح رغم كلّ المحبطات، يقول سعد محسن: «هنالك محبطات كثيرة تقف أمام الساعي إلى النجاح من ظروف العمل وقلة المادة وغيرها، وكلّ ذلك يمكن تذليله بالمزيد من العمل والمثابرة، لكن أصعب شيء هو أن تعمل مع أشخاص متشائمين ومحبطين وليس لديهم أي حافز للعمل، إنهم قادرون على تدميرك بالكامل، ولذلك فأنا أبتعد عن هؤلاء قدر الإمكان لأتمكن من النجاح في عملي بدون معوقات». ويوافقه نبيل برغوث: «ما أعرفه أنَّ شعور الإحباط يصيب الشخص فترة بسبب ظرف معيّن لكن المشكلة أن هنالك أشخاصاً احترفوا هذا الشعور فهم دائمو الشكوى والتذمر بسبب أو من دون سبب، وهؤلاء الأشخاص يبعثون على التشاؤم وأحياناً «ينغّصون» عليّ يومي، أما الأشخاص الذين لهم عذر في الشعور بالإحباط فيجب علينا أن نأخذ بيدهم ونحاول إيجاد الحلول لمشاكلهم ومعاناتهم». ذبذبات سلبية ويرى أمجد أحمد، مهندس ميكانيك، أنَّ حياة الإنسان مليئة بالتجارب الحياتية بعضها ناجح وبعضها فاشل، وهنالك لحظات ضعف تمرّ على الإنسان فيصاب بها بالإحباط، وهو شعور عادي قد يحصل لأي منا، لكن يجب علينا أن نأخذ من تجاربنا الخلاصة الجيدة والنقاط الإيجابية التي تعزز فرصنا في حياة سعيدة وخالية من التعقيد وأن ننظر للمستقبل نظرة تفاؤل، أما الأشخاص المحبطون فعليهم أن ينظروا إلى تجارب الآخرين ربما تساهم في رفع معنوياتهم وتنشلهم من المستنقع الذي وقعوا فيه». يتابع أمجد: «يجب أن نتحمّل هؤلاء الأشخاص المحبطين وأن نستمع لهم وأن نعطيهم من تجاربنا الماضية دروساً وعبراً تساعدهم على الخروج من حالتهم، فكلنا معرّض للإصابة بالإحباط في يوم من الأيام، ولكن يجب أن يكون الهدف من ذلك هو الأخذ بيدهم وليس الانجرار إلى أجوائهم». من جانبه يقول أحمد عزّ الدين: «أنا لا أتأثر بهؤلاء الأشخاص المحبطين والمتشائمين، إذ أمتلك قدراً كبيراً من الرضا والسلام الداخلي فضلاً عن الإيمان بالقضاء والقدر النصيب، ولذلك فعندما أرى شخصاً محبطاً لا أهرب منه بل أتحدث إليه وأحاول الأخذ بيده عن طريق تذكيره بالمزايا والنعم التي لديه وبأن يحمد ربه عليها، وهذا من شأنه أن يخفّف عنه من مشاعر الإحباط التي يعانيها». ويؤكد خبراء في علم البرمجة اللغوية العصبية أن الإحباط كالعدوى تنتقل بفعل الذبذبات السلبية، إذ قد يتسبب التعامل المباشر مع الشخص المحبط بانتقال الشعور للطرف المقابل أو حتى التأثير عليه سلبياً. ويندرج مفهوم الإحباط، حسب لؤي عبد الله، متخصص في هذا العلم الحديث، ضمن إدراك الفرد لعائق يحول دون إشباع حاجاته أو توقع الفرد حدوث هذا العائق في المستقبل، فيتسبب بمجموعة مشاعر مؤلمة مثل: التوتر، القلق، الشعور بالذنب، والشعور بالدونية مؤدية إلى حالات غضب لدى الفرد ما يدفع به أحيانا إلى فقدان السيطرة على أعصابه وعلى سلوكه العام، وتأتي هذه المشاعر نتيجة عجزه عن تحقيق هدف ضروري لإشباع حاجة ملحة عنده. ويوضح محمد توفيق، استشاري نفسي، أن الإحباط يسقط المعنى الطبي بخروجه من التصنيف المرضي واندراجه ضمن المشاعر، مركزاً على أن الإحباط جزء من حالة الاكتئاب، يعكس خيبة الأمل، وغالباً ما يأتي نتيجة عدم التوفيق في عمل أو علاقة وربما بسبب صدمة من تصرفات بعض الأشخاص معه وسير الأحداث على خلاف المتوقع. كما يؤكد توفيق على أن طريقة التفكير السلبية والتفكير غير المنطقي يقودان إلى الشعور بالإحباط، وللخروج من حالة الإحباط ينصح بطرح المشكلة ووضع الحلول والبدائل لها، ومنها التعبير عن ظروفه لصديق أو أحد أفراد العائلة المقربين فذلك يساهم في التخفيف من الحالة. كذلك فإنه يوصي بعدم الاستسلام للمشاعر السيئة، واتباع نمط حياة سليم ومنظم، مع الأخذ بعين الاعتبار ملء وقت الفراغ بشكل ممتع وممارسة الهوايات والاسترخاء والتنفس العميق، وذلك للخروج من حالة اليأس والإحباط.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©