الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عن إغواء «الجميل» في ملصقات «الخليج السينمائي»

عن إغواء «الجميل» في ملصقات «الخليج السينمائي»
14 ابريل 2013 00:10
جهاد هديب (دبي) - لعل أجمل ما في الملصق السينمائي لأي فيلم هي غايته الوظيفية إلى جوار الغاية الجمالية منه. تلك الغاية التي تتحدد لدى الكثيرين من المخرجين أن يشي الملصق بشيء ما من مضمون الفيلم أو إلى قبس من فكرته، مثلما هي تلك المقدمة الطفيفة التي عادة ما تتضمنها أي مطوية أو “بروشور”. وبدءا، فإن “فن الملصق” هو فن ارتبط منذ نشأته بالدعاية، السياسية منها خصوصا، في أوروبا النصف الأول من القرن العشرين، ونما وتطور متأثرا بفن الغرافيك إلى أن بات في آخر الأمر واحداً من الفنون التشكيلية التقليدية، على الرغم من استمراره جامعا بين الوظيفتين معا: التعريفية فالجمالية. هنا في مهرجان الخليج السينمائي لدورته السادسة هذه، كيف يمكن النظر إلى الملصق ودوره في الكشف لو أخذنا البعض من العينات العشوائية من الأفلام دون اعتبار لدخولها في إحدى مسابقاته من عدمه؟ من الواضح أن الصورة الفوتوغرافية باتت تلعب دورا مهما وأخّاذا في بعض الأحيان، وهذه الصورة أيضا من الواضح أنها قد استفادت من التقنيات الحديثة لبرامج الكمبيوتر المختصة بإبراز جماليات الصورة، بل والإضافة إلى هذه الجماليات إلى حدّ أن العناصر المكونة ل”لوحة” الملصق تكون أحيانا أجمل من الواقع الفيلمي نفسه. إنها غالبا صورة الممثلة الرئيسية في لقطة درامية محددة، الأمر الذي من الممكن وصفه بأنه نوع من الإغواء الدرامي الذي يؤدي دوره الوظيفي في جذب عين الجمهور جمالياً باتجاه الفيلم. الفيلم المولدافي “آنّا” يكاد يقوم برمته على هذه الفكرة: فكرة إغواء “الجميل”. وهناك أيضا إغواء من نوع آخر هو إغواء الغامض أو إغواء الغامض الواضح، كما هي الحال في الفيلم الإيطالي “قصة سونيا” حيث امرأة ما تبدو شابة وتعبر مكانا ضيّقا لعله وقد أدارت ظهرها للكاميرا، حيث المرأة بلباسها الغامض الذي ينتمي إلى موديلات السبعينيات الإيطالية الفاتنة، وحيث الواقعية الإيطالية الجديدة القذرة لمجتمع إيطاليا إبان السبعينيات. أمّا بالنسبة لصور الفيلم، فالله أعلم مَنْ سيُتاح له متابعة الفيلم حتى آخره. هذه الأفلام التي هي في أغلبها أوروبية تأتي من منطقة ثقافية أخرى مختلفة تماما بهمومها وانشغالاتها الراهنة عن سواها، ففي فيلم “أم أخرى” للمرأة في الملصق شأن آخر، إنها تبدو امرأة لصيقة بجدار وذكريات مؤلمة، وهو نوع آخر من الإغواء الذي يستهدف إثارة مشاعر من التضامن، ربما لأننا مسبقا نعرف الحكاية المؤلمة لأمهات العراق، إذ لها مطرح جليل في ذاكرتنا العربية الحديثة. أي أن “الجميل” هنا أمر يتصل بجماليات الحزن وحدها - وتحديدا الحزن العراقي في وجه امرأة شابة وجميلة ومحتشمة تبعا لمقاييس الثقافة العربية السائدة – وذلك على النقيض من صورتي المرأة في “آنا” راعية الغنم التي تتعرض للاغتصاب من رجل مخمور، ومن “قصة سونيا” المدينية الإيطالية من سبعينات القرن الماضي. وفي هذا السياق، لعل ملصق الفيلم “8 مليار” من أطرف الملصقات وأدناها جمالية، إذ إن الصورة في الملصق هي صناعة غرافيكية كمبيوترية تخلو من الخيال، وتحمل عنوان الفيلم في حين أن الصور المرافقة تبدو أكثر وفاء لفكرة إغواء “الجميل”، حيث هذا “الجميل” هو المرأة بكل تكوينها الجسدي والنفسي، وقد عبّرت عنه الصورة. غير أن الأغلب من بين الملصقات اختار أن يكون عاديا، بل ومحايدا أحيانا، وفي أحيان أخرى تقع بعض الملصقات في مطب مباشر، هو مطب الدعاية الفجة لأبطال الفيلم، فتجدهم هكذا على الملصق واحدا إلى جوار الآخر أو فوق بعضهم بعضاً إلى حد يشبه ما يسميه أهل مصر إفيشات الأفلام على ما تعني لغة السينما اليوم: ملصق الفيلم. أيضا وقع البعض الآخر في المباشرة في المعنى، وغالبا ما تتحدث هذه الأفلام عن أحداث ونزاعات تحدث راهنا في غير منطقة من العالم بأفق تخييلي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©