الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين: البيئة وطفرة النمو الحضري

25 ابريل 2014 23:29
دانييل جاردنر أكاديمي أميركي متخصص في شؤون شرق آسيا يريد رئيس وزراء الصين «لي تشيانج» أإلغاء اعتماد الاقتصاد الصيني على تجارة الصادرات في مجال الإلكترونيات الرخيصة والملابس ولعب الأطفال والحلي الرخيصة بجميع أنواعها. وقال تشيانج: دعوا الشعب الصيني يستهلك بدلاً من ذلك المنتجات والخدمات عالية القيمة. ولكن كيف يمكنك تحويل دولة مثل الصين، التي اعتادت تفضيل الادخار على الإنفاق، إلى شعب من المستهلكين؟ يقول رئيس الوزراء إن الأمر سهل: بتحويلها إلى دولة حضرية، لأن سكان المدن يكسبون الكثير وينفقون أكثر. ويشكل سكان المناطق الحضرية في الصين حوالي 53,7 في المئة من السكان (وعلى النقيض من ذلك، فإن سكان الحضر في الدول المتقدمة يمثلون 80 في المئة في المعدل العام). وعليه، فإن «لي» ومجلس الوزراء الصيني على قناعة بأن زيادة هذه النسبة إلى 60 في المئة بحلول عام 2020 -عن طريق إسكان 100 مليون من أهل الريف في المدن- ستحدث انتعاشة في الإنفاق المحلي. وإذا سارت الأمور بشكل جيد، يأمل «لي» في زيادة هذا العدد إلى 150 مليون نسمة بحلول 2025. وهذا من شأنه أن يساعد على إعادة توطين 250 مليون نسمة -وهو ما يعادل 80 في المئة من الشعب الأميركي- في المدن على مدار 11 عاما. إنني لست خبيراً اقتصادياً، ولذلك فلدي الرغبة في قبول فرضية رئيس الوزراء الصيني بأن المزيد من سكان المدن يعني زيادة الاستهلاك، وأن زيادة الاستهلاك المحلي، خاصة بالنسبة للسلع ذات القيمة العالية، تعني تعزيز قوة الاقتصاد. وعلى رغم ذلك، فقد كانت نسبة سكان الحضر عام 1982 حوالي 20,6 في المئة فقط، وقد ساهمت زيادة هذه النسبة إلى 53,7 في المئة حالياً في إحداث نمو اقتصادي هائل، بمتوسط زيادة سنوية في إجمالي الناتج المحلي تبلغ 10 في المئة. لكن هذا التحول كان مكلفاً بالنسبة للأحوال البيئية في الصين، حيث أصبح الكثير من الهواء والمياه والتربة مرتفع السميّة. وقد رأينا صوراً من الهواء الكثيف الذي يغلف بعض المدن، مثل بكين وشنغهاي و«هاربين» ويجعلها تبدو أثناء النهار وكأنها في ليل. كما قرأنا عن الهواء الحمضي الذي يهبط بكثافة ويلوث المجاري المائية والتربة في البلاد. ومن المؤكد أن خطة الهجرة ستؤدي إلى تنشيط حركة البناء والتوسع في البنية التحتية الحضرية، وزيادة الطلب على المساكن والسيارات والأجهزة وأنظمة التكييف والتدفئة. وكل هذه تعتبر أخباراً سارة بالنسبة للجانب المتعلق بتحفيز الاستهلاك المحلي من المعادلة. ولكنها لا تبشر بخير بالنسبة للبيئة التي تحمل بالفعل آثار ثلاثة عقود من التحضر والاستهلاك العالي. ولضمان نجاح هذه الهجرة الحضرية، ينبغي اتخاذ العديد من الإجراءات لحماية البيئة، وبعض منها يكتسب أهمية خاصة: وأول ما يجب على السلطات هو وضع الخطط للمدن الأكثر كثافة، وليس المدن الممتدة. ففي السنوات الأخيرة، ترجمت زيادة التحضر إلى زحف عمراني، تمثل في إنشاء ضواحٍ بعيداً عن مراكز المدن. وعلى رغم أن هذه الضواحي سكنية، إلا أن فيها القليل من الخدمات، ولذا فإن السكان يترددون على المدن للحصول على معظم احتياجاتهم. ويعني ذلك زيادة عدد السيارات، وبناء المزيد من المسارات والطرق السريعة، وبالتالي المزيد من الزحام. وهذه الكثافة السكانية تقضي بزيادة استهلاك الطاقة والمياه، وتحسين إدارة مياه الصرف الصحي والنفايات، وتقليل الاعتماد على وسائل المواصلات الخاصة. والأهم من ذلك، أن هذه الكثافة تقلل من التعدي على الأراضي الصالحة للزراعة، التي تزداد ندرة في الصين. من ناحية أخرى، يجب أن تبدأ بكين في فرض ضريبة على الملكية المحلية. فاليوم، لا تملك الحكومات المحلية قاعدة الإيرادات الخاصة بها. ومن أسباب الزحف العمراني في الوقت الحالي التوزيع غير المنتظم وغير القانوني للأراضي، وخصوصاً تلك الواقعة على مشارف المدن. ولذلك، فإن فرض ضريبة عقارية محلية سيؤدي إلى الحصول على المزيد من الإيرادات الثابتة والمستمرة. إن ثمن نقل حوالي 100- 250 مليون نسمة من الريف يجب أن يتضمن تكاليف تصميم وبناء مدن أكثر جودة، مثل توفير وسائل للنقل صديقة للبيئة، وإعادة تدوير مياه المجاري، وإنتاج مصادر للطاقة تعتمد على وقود غير أحفوري وإقامة المباني الشاهقة، وإنشاء أنظمة لتجميع مياه الأمطار وتدعيم المرافق العامة وغيرها من الإجراءات المشابهة التي تجعل المدن مزدهرة ونظيفة وصالحة للعيش. ولكن إذا تمكنت موارد الهواء والماء والتربة في الصين من الصمود أمام الزحف الحضري الجديد، فينبغي على الحكومة المركزية التركيز بصورة لا لبس فيها على أهمية حماية البيئة التي لا تقل أهمية عن النمو الاقتصادي فيما يتعلق بتقييم الأداء، وحتى لا يحول المسؤولون المحليون أولوياتهم من السياسة إلى النمو الاقتصادي بأي ثمن. والأكثر أهمية أن تقوم الصين بإصلاح هيكلي. فلا توجد حالياً هيئة رقابية مركزية أو آلية ذات سلطة حقيقية للرقابة على الالتزام بالسياسات واللوائح البيئية. فمسؤولية الرقابة تقع على الأقل على ست وزارات وهيئات، وكل منها لديه جدول أعمال وأهداف منافسة، ثم إن السلطة البيئية في غاية الضعف، كما أن وزارة الحماية البيئية لديها موارد بشرية ومالية محدودة، ولذلك فقد حان الوقت لكي تمنحها بكين السلطة والموارد اللازمة لتصبح وكالة فعالة حقاً. إن خطة الهجرة الطموحة تهدف في الأساس إلى تنمية الاقتصاد من خلال توسيع الطبقة الوسطى الحضرية، ولكنها ستنجح فقط إذا ما حققت أهدافها الاقتصادية دون إحداث المزيد من الضرر بالبيئة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©