الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرهاب البيولوجي... حرب جديدة في الطريق

الإرهاب البيولوجي... حرب جديدة في الطريق
1 سبتمبر 2008 00:16
أثار إغلاق ملف تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي حول الرسائل البريدية الحاملة للجمرة الخبيثة في عام ،2001 اهتماماً جديداً بالسؤال: هل أصبحنا أكثر أمناً اليوم بعد أن جرى توزيع الجمرة الخبيثة في الساحل الشرقي من بلادنا، ما أسفر عن مصرع خمسة مواطنين وإصابة 17 على أقل تقدير؟! المؤسف أن الإجابة عن هذا السؤال هي ''كلا'' على رغم الجهود التي تبذلها الحكومة الأميركية لتفادي هجمات إرهابية بيولوجية محتملة على أراضينا؛ والواجب القول هنا إن الإرهاب البيولوجي هو خطر يختلف عن كافة أنواع مخاطر الأمن القومي الأخرى؛ والذي يجعل من اتقائه تحدياً فعلياً هو عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين نوايا البحث العلمي الحميدة والشريرة في مجال الأبحاث البيولوجية؛ وعلى سبيل المثال، فإن في الإمكان استخدام ذات المعرفة والتقنيات والأجهزة العلمية التي استغلت في صنع العقاقير الطبية المنقذة لحياة الملايين، من قبل الإرهابيين البيولوجيين العازمين على إزهاق أرواح الملايين؛ ومع الاتساع المطرد للعولمة فإن من المرجح انتشار هذه المعارف والتقنيات على الصعيد العالمي دعماً لخطط تحسين الرعاية الصحية للمواطنين وإنقاذ حياتهم في شتى البلدان والأمم؛ ومع هذا الانتشار فإن المرجح أن تجد هذه الوسائل سبيلها إلى يد الإرهابيين المتطرفين في نهاية الأمر· وليس مستبعداً أن تواجه أميركا الخطر نفسه؛ وهذا ما أكدته حادثة العالم البيولوجي ''بروس إي· إيفنز'' حسبما كشفت عنه تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي في أحداث عام 2001؛ فقد كان ''إيفنز'' يعمل باحثاً بمركز ''فورت ديتريك'' في ولاية فلوريدا؛ ومنذ شهر سبتمبر من عام ،2001 أنفقت مختلف الوكالات والهيئات الحكومية المعنية بالأمن القومي ما تصل قيمته إلى 50 مليار دولار في سبيل مواجهة خطر الأسلحة البيولوجية؛ وقد أسفر ذلك عن نمو عدد المنظمات والمراكز العلمية العاملة في مجال أبحاث الأسلحة البيولوجية في البلاد، على الصعيدين الخاص والعام؛ والمعلوم أن هذه المنظمات والمراكز تتعامل يومياً مع مواد ومركّبات بيولوجية في غاية الخطر؛ وكما كشفت حادثة عام ،2001 فإن عجز المؤسسة العسكرية العاملة في مجال هذه الأسلحة -مع افتراض أنها المؤسسة الأكثر تشديداً في إجراءاتها الأمنية- عن منع وقوع هجمات الجمرة الخبيثة في التاريخ المذكور، يقدم مثالاً واضحاً على مدى الصعوبة العملية التي تكتنف المراقبة اليومية اللصيقة لكيفية التعامل مع هذه المواد الخطرة· ويزداد هذا الخطر أضعاف المرات حين نأخذ في الاعتبار الانتشار العالمي لتداول هذه المواد والتعامل معها؛ فوفقاً للمعلومات السرية الصادرة عن الوكالات الأمنية والاستخباراتية الأميركية، فإن تنظيم القاعدة وعدداً من المنظمات الإرهابية الأخرى، بالإضافة إلى عدة دول من بينها إيران وكوريا الشمالية، تسعى جميعها إلى تطوير برامج خاصة بها للأسلحة البيولوجية المدمرة، ومكمن الخطر أن مثل هذه البرامج -وخاصة التي تتبناها الحكومات- عادة ما تتستر تحت غطاء ''البرامج السلمية'' التي تستهدف تحسين مستوى الرعاية الصحية التي تقدمها الدول المعنية لمواطنيها· وإلى جانب الأسباب المذكورة آنفاً، فقد أسهمت الثورة البيولوجية-التكنولوجية في حفز النمو العالمي للأبحاث البيولوجية على نحو غير مسبوق، لا سيما في مجال صناعة العقاقير الطبية والمشروعات التنموية؛ فعلى سبيل المثال، بلغت عائدات سوق العقاقير الطبية الإيرانية ما قيمته 1,58 مليار دولار في عام ،2006 بينما يتوقع أن تنمو قيمة هذه العائدات بنسبة 50 في المائة من المعدل الحالي بحلول عام 2011؛ جدير بالذكر أن طهران بذلت جهوداً حثيثة في استقطاب شركات الأدوية الأجنبية للاستثمار في سوقها المحلية، باعتبار أن ذلك جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الوطنية التي تتبعها؛ وبالفعل تمكنت من إدخال تقنيات ومهارات وقدرات أجنبية جديدة إلى البلاد، بهدف تحسين مستوى الرعاية الصحية العامة المقدمة لمواطنيها؛ غير أن هناك من الخبراء من يعتقد أنه وتحت الستار نفسه، مضت إيران سراً في استخدام ذات التقنيات والمهارات في تطوير ترسانة صغيرة محدودة من الأسلحة البيولوجية مثل ''الريسين'' والطاعون وفيروس الحصبة· وفي الوقت نفسه، فتحت إيران أبوابها أمام إحدى الشركات البريطانية بهدف إجراء اختبارات علمية طبية لمنتجات تحتوي على سميات البلوتونيوم؛ وربما حوت الاختبارات التي أجرتها الشركة البريطانية، تبادل معلومات بالغة الحساسية والخطورة، تتسم بطابع الاستخدام الثنائي للأغراض السلمية والحربية معاً· وتثير رغبة الشركات الأجنبية المشروعة في تبادل المعلومات الخطيرة مثل هذه مع الدول الراعية للإرهاب -كما هي إيران- تساؤلات جدية حول مدى قدرتنا على السيطرة على تداول المعلومات والمواد البيولوجية الخطيرة· والحال هكذا، فإن في وسعنا القول بدرجة كبيرة من الثقة إننا لسنا أكثر أمناً ولا سلامة مما كنا عليه في هجمات 11 سبتمبر؛ والسبب هو عجز حكومة بلادنا عن التنافس الفعال مع سرعة انتشار التقنيات البيولوجية، خاصة فيما يتصل بفصل استخداماتها السلمية عن الاستخدامات العدوانية الحربية· وعلى ما يبدو أنه ليس من الممكن النهوض في وجه هذا التحدي اعتماداً على زيادة الميزانية الحكومية المخصصة، ذلك أن حجم انتشار الخطر نفسه قد اتسع كثيراً اليوم، نتيجة لاتساع حجم ودرجة تنظيم وعزم الشبكات والجماعات الإرهابية، جنباً إلى جنب الشركات والجهات العلمية العاملة في مجال الأبحاث البيولوجية؛ والسبيل للتصدي لخطر الأسلحة البيولوجية، هو أن تعطى في مجال السياسات الدفاعية والأمنية، ذات الأهمية التي أعطيت لخطر الانتشار النووي· برايان دي· فينالي مشارك خبير في حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©