الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تطبيق ضريبة الاستحواذ يهدد تنافسية السوق المصرية

تطبيق ضريبة الاستحواذ يهدد تنافسية السوق المصرية
13 ابريل 2013 23:33
محمود عبدالعظيم (القاهرة)- حذر خبراء اقتصاديون من خطورة اتجاه الحكومة المصرية إلى تطبيق ضريبة الاستحواذ بأثر رجعي على عدد كبير من الصفقات التي تمت خلال السنوات الخمس الأخيرة، على تنافسية السوق المصرية في مجال جذب الاستثمارات الخارجية. وتتوقع دوائر الأعمال أن تشهد القاهرة صيفا ساخنا مليئا بالمنازعات بين المستثمرين والحكومة إذا جرى تنفيذ ضريبة الاستحواذ على نطاق واسع، لاسيما أن بعض أطراف هذه الصفقات غير موجودين بالسوق حاليا، أو لم تعد لهم علاقة ملكية بهذه الكيانات وبعضهم عبارة عن صناديق استثمار أجنبية باعت حصصها في الكيانات التي تم الاستحواذ عليها، وقامت بتحويل استثماراتها وأرباحها إلى خارج البلاد، ولم يعد في الإمكان مطالبتها بسداد أي ضرائب وسوف تتحمل الأطراف المحلية المشاركة في هذه العمليات قيمة الضرائب كاملة وهو ما لا يسمح به القانون. ورغم اقتراب التوصل إلى تسوية فيما يتعلق بأزمة صفقة بيع ذراع صناعة الإسمنت التابعة لشركة “أوراسكوم للإنشاء والصناعة” لمجموعة “لافارج” الفرنسية بين اوراسكوم ووزارة المالية المصرية، تدفع بمقتضاها الشركة نحو 7 مليارات جنيه للخزانة العامة بنسبة 10? تقريبا من الصفقة البالغ قيمتها 69 مليار جنيه، فإن هناك مخاوف من أن تطال الضريبة عددا كبيرا من الصفقات التي تمت في السنوات الأخيرة، خاصة لحساب شركات عالمية نجحت في الاستحواذ على شركات مصرية. وتشمل قائمة الصفقات المعرضة للخضوع لهذه الضريبة بأثر رجعي صفقة استحواذ مجموعة “إلكترولكس” السويدية على مجموعة “أوليمبيك” المصرية واستحواذ “اليابان توباكو” على “أدخنة النخلة”، واستحواذ “أبراج كابيتال” على شركتي معمل “البرج والمختبر” اللتين جرى دمجهما مؤخرا في كيان استثماري، وصفقة استحواذ “كيو إنفست” القطرية على المجموعة المالية “هيرمس” القابضة. إلى جانب صفقات تمت في القطاع المصرفي تشمل بنوك الوطني للتنمية الذي استحوذ عليه بنك أبوظبي الإسلامي والبنك التجاري البحري الذي استحوذ عليه بنك “الاتحاد الوطني”، وبنك “مصر رومانيا” الذي استحوذ عليه بنك “بلوم” اللبناني - لبنان والمهجر - وبنك “القاهرة الشرق الأقصى” الذي استحوذ عليه بنك “عودة” اللبناني أيضا، وأخيرا صفقة استحواذ بنك “قطر الوطني” على البنك “الأهلي سوستيه جنرال”. وتقدر مصادر استثمارية حجم الضرائب المستحقة على هذه الصفقات بنحو ثلاثة مليارات دولار، حيث إن قيمة ضريبة صفقة استحواذ قطر الوطني على “الأهلي سوستيه جنرال” تبلغ نحو 385 مليون دولار. وتسعى وزارة المالية إلى إيجاد آلية للتفاوض مع هذه الكيانات الاستثمارية الكبرى للتوصل إلى حلول مرضية بشأن الضرائب تجنبا لتفجر خلافات بين مختلف الأطراف. الإصلاح الاقتصادي وأكد رائد علام رئيس إحدى شركات التمويل أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المعدل الذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي مؤخرا، يستند بالدرجة الأولى في زيادة الموارد العامة إلى تحصيل المزيد من الضرائب بدلا من الاعتماد على خفض الإنفاق الحكومي الذي يتضخم رغم عجز الموازنة. وقال “أصبح هناك عبء كبير على مصلحة الضرائب لزيادة الحصيلة بغض النظر عما إذا كانت هذه الحصيلة ناتجة عن نشاط اقتصادي وإنتاجي حقيقي أم لا، ومن ثم لم يعد مستغربا تطبيق ضريبة الاستحواذ بأثر رجعي، بل إنها تطبق على حالات لم يعد لديها سوى أيام معدودة وتسقط عنها المطالبة بالتقادم، نظرا لمرور خمس سنوات على إتمامها وهو ما حدث مع شركة أوراسكوم للصناعة”. وقال علام إن فكرة “التفتيش في الدفاتر القديمة” سوف تخلق حالة من التربص بين الحكومة وكبار دافعي الضرائب، لاسيما أن ضريبة الاستحواذ تتعلق بكيانات استثمارية كبيرة وبالتالي فإن النتيجة الطبيعية هي حالة من الصراع بين وزارة المالية ومجتمع الأعمال، مما ينعكس سلبا على الحصيلة ذاتها على المدى البعيد حيث ستحاول هذه الكيانات تعويض ما دفعته بطريقة تراها متعسفة من خلال إجراءات عديدة للتحايل، وإخفاء الأرباح أو تضخيم مصروفات التشغيل وغيرها من الألاعيب المحاسبية المعروفة. قيمة الصفقات بدورها، أكدت الدكتورة أمنية حلمي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن ضريبة الاستحواذ ليست مشكلة، حيث تفرضها بعض الدول لكن ليس على إجمالي قيمة الصفقات بل على الأرباح المحققة بين تاريخي الشراء والبيع، ومع ذلك فإن المشكلة هي تطبيق هذه الضريبة في مصر بأثر رجعي، الأمر الذي يفتح باب الملاحقات القضائية وصراعات المحاكم بين المستثمرين والدولة. وقالت إن بيئة الأعمال تتعرض هذه الأيام لضربات متلاحقة نتيجة غياب الرؤية الاقتصادية الشاملة، وافتقار بعض الإجراءات للموضوعية مما يثير شكوك ورفض الكثيرين في مجتمع الأعمال لمثل هذه الإجراءات، مشيرة إلى أن الحل الأمثل هو تحصيل المتأخرات الضريبة التي تزيد على 60 مليار جنيه، حسب الأرقام الرسمية بدلا من السعي لتحصيل ضرائب على صفقات أبرمت منذ سنوات بعيدة ومن أطرافها مستثمرون أجانب سوف يتلقون هذه الرسائل السلبية بانزعاج شديد مما سيحول دون عودة الاستثمارات مستقبلا. ويرى الخبراء أن الحكومة المصرية تطبق سياسة “الجباية الضريبية” من دون الأخذ في الاعتبار الآثار الجانبية لمثل هذه السياسات على أوضاع الاقتصاد الكلي، وعلى تنافسية السوق المصرية في مجال جذب الاستثمارات الخارجية، وهو ما سوف يؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع. ويؤكد الخبراء ضرورة اتباع سياسات ضريبية أكثر رشدا في هذه الفترة الحرجة التي يعاني فيها الاقتصاد المصري ضغوطا متزايدة، لأن تطبيق الضرائب بشكل متعسف سوف يؤدي إلى مزيد من الاختناق وشعور المستثمرين بسلبية المناخ وقد يفكر الكثيرون في الخروج من السوق المصرية إلى أسواق أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©