الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرص الديمقراطية في بورما!

11 نوفمبر 2009 22:41
بعد يوم واحد فقط على الزيارة الدبلوماسية الرفيعة التي قام بها مسؤولون أميركيون إلى بورما مؤخراً، وهي الأولى منذ عام 1995، قلل أحد المسؤولين الأميركيين من إمكانية أن تفتح سياسة إدارة أوباما القائمة على "الانخراط البرغماتي"، فرصاً واعدة تقنع النظام البورمي بإدخال إصلاحات ديمقراطية، تحسن سجله في احترام حقوق الإنسان. فالولايات المتحدة، وحسب ما صرح به مساعد وزيرة الخارجية، سكوت مارسيال، في بانكوك يوم الخميس الماضي، تصر على رؤية "تقدم حقيقي" في بورما قبل توسيع علاقاتها الثنائية مع النخبة العسكرية الحاكمة. وتعكس هذه النظرة الحذرة في التعامل مع بورما، والتي برزت خلال منتدى نقاشي مفتوح حول الوضع في البلاد، وجهة نظر النشطاء البورميين المدافعين عن الديمقراطية، والذين اضطروا لمغادرة وطنهم، فهم يعتبرون أنه في الوقت الذي تملك فيه النخبة العسكرية الحاكمة مصلحة في تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، يحذرون من أن السوابق التاريخية تشير إلى حالات استقبال الدبلوماسيين الغربيين دون تغير السياسات والتوقف عن قمع الحريات. فمنذ التسعينيات ومبعوثي الولايات المتحدة يعودون إلى البلاد خاويي الوفاض بعد تجاهلهم من قبل الطبقة العسكرية الحاكمة. وعندما ضغط الصحفيون على "مارسيال" عما يعتبره تقدماً يمكن القياس عليه لتطوير العلاقات مع بورما، تهرب المسؤول الأميركي من تحديد معايير واضحة، مشيراً إلى رغبة المجتمع الدولي في إطلاق سراح زعيمة المعارضة "أونج سان سو كي" وباقي المعتقلين السياسيين حتى يتمكنوا من المشاركة في الانتخابات المقرر بدؤها في العام المقبل. وفي هذا الإطار صرح "مارسيال" الذي التقى خلال زيارته لبورما بزعيمة المعارضة "سو كي"، قائلا إن "هناك فرصة لإحراز التقدم متمثلة في الانتخابات القادمة، لكن هذه الفرصة لن تكون حقيقية إلا إذا جرت الانتخابات بالطريقة الصحيحة، ولا أرى كيف يمكن لانتخابات أن تكون ذات مصداقية وتتمتع بالشرعية إذا لم يشارك فيها الجميع، وهو ما يستدعي فتح حوار داخلي مع جميع اللاعبين السياسيين". وتأتي الزيارة الأخيرة لمسؤولين أميركيين لبورما، والتي دامت يومين لتنهي سياسة إدارة بوش القائمة على عزل النظام والسعي إلى حشد القوى الآسيوية لمعاقبته، غير أن الدبلوماسيين الأميركيين أكدوا أنه لا مفر من إبقاء الضغط مستمراً على النظام بما في ذلك شركاؤه التجاريون؛ مثل تايلاند والصين، حتى يتحقق التغيير المنشود في سياسة الحكام العسكريين. وحسب "مارسيال"، ما زالت تشكل العقوبات "أداة مفيدة" وستبقى مستمرة لتشمل تجميد الاستثمارات الأميركية ومنع إصدار التأشيرات لقادة الحكومة وعائلاتهم وشركائهم التجاريين لدخول الأراضي الأميركية. ومع ذلك يؤشر هذا التغير في السياسة الأميركية وأسلوب التعامل مع بورما اعترافاً واضحاً من قبل إدارة الرئيس أوباما بأن سياسة العزلة لم تؤثر على النظام العسكري الحاكم الذي تقلد السلطة في عام 1988، وقمع دون رحمة المعارضة الداخلية كما شن حملة شعواء على الأقليات الإثنية وانتهك حقوقها. وخلال زيارته التقى "مارسيال" ومعه مساعد آخر في وزارة الخارجية مسؤولين بارزين في الحكومة البورمية، لكنهم امتنعوا عن الاجتماع بالقائد العسكري الأعلى الجنرال، "تان شو" الذي يقول العديد من المراقبين للشأن البورمي إنه يعارض بقوة تقديم تنازلات إلى زعيمة المعارضة "سو كي" التي فاز حزبها بالانتخابات التي نظمت في التسعينيات وألغتها الطبقة العسكرية الحاكمة. وبموجب الدستور البورمي الذي أُقر في عام 2007، والمرفوض من قبل حزب "العصبة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه "سو كي"، تم تخصيص ربع المقاعد البرلمانية للمسؤولين العسكريين، في حين تعزز بنود أخرى في الدستور مكانة الجيش وتخوله تولي الأمور في حال تعرض الأمن القومي للبلاد للتهديد في ظل الصراعات المستمرة مع حركات تمرد تقودها الأقليات الإثنية المقموعة. ويرى المحللون أن الجيش البرومي والذي يعتبر الأكبر في جنوب شرق آسيا، هو طرف أساسي في أي انتقال إلى شكل من أشكال الحكم الديمقراطي، وهو ما عبر عنه "تانت مينت يو"، المتخصص في الشؤون البورمية ومسؤول أممي سابق قائلا: "يبدو أن الجيش مستعد لتقديم بعض التنازلات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تلك التنازلات ستطال قضايا سياسية". ومن الأمور التي يمكن الاتفاق عليها بين الجانبين، الأميركي والبورمي، وقف إنتاج المخدرات وإنهاء أي معاملات مشبوهة في مجال الأسلحة النووية مع كوريا الشمالية، لكن من الصعب التوصل إلى أرضية مشتركة حول مسألة الانتخابات وقواعد إجرائها لضمان شفافيتها. وأكد "مارسيال" أن الولايات المتحدة أثارت مسألة الانتشار النووي في اللقاء مع المسؤولين البورميين دون الدخول في التفاصيل، مضيفاً أن المساعدات الإنسانية الأميركية كانت أيضاً على طاولة النقاش وبأن الولايات المتحدة أعربت عن رغبتها في مواصلة تلك المساعدات على أن تصل إلى مستحقيها. وعن الأسباب التي تدفع بورما إلى تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، قال "مارسيال" إنه لا يستطيع التكهن بالأسباب الحقيقية، مشيراً إلى أن الطرفين معاً اتفاقا على تعيين مبعوثين قد يلتقون في الأسبوع المقبل على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي التي ستستضيفها سنغافورة وسيحضرها الرئيس الأميركي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
المصدر: بانكوك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©