السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايلاند.. استفتاء دستوري مثير للجدل!

6 أغسطس 2016 22:03
تنظم المجموعة العسكرية الحاكمة في تايلاند اليوم (الأحد) أول استفتاء على الدستور الجديد بعد أكثر من عامين من استيلائها على السلطة. إلا أن قرارها بمنع التظاهر وحظر تنظيم الحملات الانتخابية ترك معظم التايلانديين غير مدركين دواعي هذا الاستفتاء ومضامين الدستور الجديد. وفي هذا السياق قالت امرأة عمرها 35 عاماً أطلقت على نفسها الاسم المستعار «جينج» وتعمل في شركة تأمين في بانكوك: «لم أكن أعلم بأن هناك استفتاءً حتى أخبرتني به أختي الكبرى. وأنا لا أهتم به ولا أعلم حول ماذا يدور، وما من أحد في مكتبي يذكر شيئاً عنه». وأصرّت المرأة على تعريفها باسمها المستعار لأن القانون النافذ يمكن أن يزج بها في السجن لمدة 10 سنوات لو شاركت في أي تجمع أو لو صوتت ضد الدستور، وهو الدستور العشرون لتلك الدولة منذ عام 1932، والخامس خلال العقد الماضي. ووضعت المجموعة العسكرية التي أطاحت بالحكومة المنتخبة في انقلاب شهر مايو من عام 2014، الكثير من القيود على الحريات العامة بما فيها حرية التعبير والتجمع. وقالت صحيفة «بانكوك بوست» الناطقة بالإنجليزية في افتتاحية عددها ليوم 1 أغسطس: «إنه من الواضح أن الناخبين يفتقرون إلى أبسط المعلومات المتعلقة بعملية التصويت، إن لم نقل إنهم يفتقرون إلى معرفة الحقائق المتعلقة به». ويقول الانقلابيون ومؤيدوهم إن الدستور الجديد أصبح ضرورياً لوضع حدّ للفساد المستشري في أوساط الطبقة السياسية وإنهاء فترة الاضطرابات التي امتدت لأكثر من عقد كامل وألقت بظلالها القاتمة على ثاني أضخم اقتصاد في جنوب شرق آسيا. وفي المقابل، يرى الأكاديميون ومنظمات الدفاع عن الحقوق المدنية أن مسودة الدستور الجديد لا تهدف إلا إلى إطالة فترة حكم العسكر للبلد، وستؤدي إلى المزيد من المشاكل والاضطرابات. وإذا حظي الدستور بالموافقة فسيساعد الانقلابيين على البقاء في السلطة حتى موعد الانتخابات العامة التي يقال إنها ستُنظم العام المقبل، في حين سيؤدي رفض الدستور إلى عرقلة تنظيم تلك الانتخابات في التاريخ المقرر وبما يسمح للانقلابيين بحكم البلد إلى أجل غير مسمى. وهذا يعني أن كلا الاحتمالين سيكرّس التوترات السياسية التي تعم تايلاند. وقد صرح رئيس الوزراء التايلاندي «برايوث تشان- أوتشا» (وهو عسكري متقاعد ومن مخططي الانقلاب الأخير) قائلاً في مؤتمر صحفي عقده يوم الثلاثاء الماضي: «أنا لا أكترث بنتيجة الاستفتاء ما دمنا ملتزمين بالجدول الزمني». وكان يشير بذلك إلى الموعد الذي حدده العسكر للانتخابات أواخر عام 2017. وهو موعد تعرض للتأجيل عدة مرات. وإذا صوّت الناخبون لصالح الدستور الجديد وتم التحضير لانتخابات العام المقبل، فسيؤدي ذلك إلى تنشيط مؤقت للاقتصاد وبوتيرة نمو أقل من تلك التي تنعم بها جارات تايلاند مثل إندونيسيا وفيتنام والفلبين. ومنذ استلام الطغمة العسكرية للسلطة، انخفضت الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة والناتج الصناعي المحلي رغم أن سوق الأسهم سجلت ارتفاعاً لافتاً بلغ 17% هذا العام، ويعود ذلك بشكل جزئي لزيادة الإنفاق على البنى التحتية. وقال «فيكاس كاواترا»، المدير الإداري لإحدى شركات المضاربة بالأسهم في بانكوك يوم الأربعاء الماضي: «لا بد أن المستثمرين يشعرون الآن بالابتهاج، ليس بسبب الدستور الجديد، بل لأنهم يعقدون الآمال على الانتخابات العامة للعام المقبل». وأضاف: «ولكن، وبالنظر إلى أن السلطات التي يُنتظر أن يتمتع بها أي برلمان جديد، كائناً ما كان الموعد الذي سينتخب فيه، ستكون مقيّدة إلى أبعد الحدود، فإنه يمكن القول إن هذا الابتهاج سيكون مؤقتاً». وبما أن الغالبية العظمى من التايلانديين لا تعرف إلا القليل حول مسودة الدستور الجديد الذي يتألف من 279 فصلاً، وقد تولت صياغته لجنة معينة من طرف المجموعة الانقلابية، يمكن القول بكل بساطة إن الاستفتاء لا يهدف إلا إلى تكريس تطلعات الانقلابيين وتحقيق المصالح الخاصة لقائدهم. وبينما حرصت الحكومة العسكرية على إرسال نص الدستور عن طريق البريد الإلكتروني إلى الناخبين المسجلين في القوائم وأتاحت الاطلاع عليه على موقعها على الإنترنت، فإن ذلك كله لا يعني شيئاً ما دام الشعب التايلاندي حدد موقفه مسبقاً بالامتناع عن التصويت تماماً. وفي هذا السياق قال «كان يوان يونج» وهو المدير التنفيذي لشركة أمنية مقرها بانكوك: «لن يحاول الناس هنا تحليل مواد الدستور أو التمحيص فيه على الإطلاق. وأعتقد أنهم سيصوّتون بدافع من مشاعرهم وأحاسيسهم المبنية على تقديراتهم الخاصة للأمور. ولا يتعلق الأمر بمضامين الدستور ذاته بأي حال من الأحوال». ولقد سارع قائد المجموعة العسكرية الانقلابية المكلفة بوضع مسودة الدستور «ميتشاي روشوبان» إلى تحذير الشعب التايلاندي من أن رفضه له سيخلق حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي لأن ذلك سيقوّي شكيمة معارضيه. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©