الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

استمرار المقاطعة «يؤلم قطر» ونظامها يبدد أمواله على الأسلحة

11 مايو 2018 23:28
دينا محمود (لندن) «المقاطعة تؤلم قطر بشكلٍ موجع، والضغوط أجبرتها على تبديد أموالها بإفراط على صفقات السلاح، وسلطاتها منهمكة في تكريس الهوس المرضي بشخصية أميرها».. ثلاث ملاحظات يستخلصها الكاتب جيسون كاولي رئيس تحرير مجلة «نيوستاتسمان» البريطانية الرصينة، من زيارة قام بها مؤخراً إلى عاصمة الدويلة المعزولة، التي يتفاقم مأزقها السياسي والاقتصادي، مع دخول العزلة المفروضة على نظامها الحاكم شهرها الثاني عشر. ففي مقالٍ نشرته المجلة المتخصصة في الشؤون السياسية، أكد كاولي فداحة الخسائر التي تلحق بـ«نظام الحمدين» مع تواصل المقاطعة التي يتعرض لها عربياً وخليجياً، بقيادة الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) منذ الخامس من يونيو من العام الماضي، والتي تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية. وأشار كاولي في مقاله إلى شح المواد الغذائية الذي عانت منه قطر فور تطبيق قرارات المقاطعة إثر توقف الواردات السعودية، واضطرار السلطات الحاكمة في الدوحة إلى اللجوء إلى إيران وتركيا لسد غالبية احتياجاتها في هذا المضمار. كما أبرز الكاتب السياسي المخضرم عدم قدرة القطريين في الوقت الراهن على دخول معظم دول الجوار الخليجي التي كانت لديهم فيها «مصالح عقارية ومالية»، وهو ما يكبد اقتصاد الدويلة المعزولة مزيداً من الخسائر بطبيعة الحال. بجانب ذلك، شدد الكاتب - الذي سبق له العمل في صحيفتيْ «الأوبزرفر» و«التايمز» البريطانيتيْن واسعتيْ الانتشار - على أن «نظام الحمدين» أُجبِرَ تحت ضغوط تعرض لها من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على «استئناف الإنفاق بغزارة على (شراء) معدات عسكرية من الغرب». ويشير كاولي هنا على ما يبدو إلى صفقة الأسلحة التي أعلنت الولايات المتحدة إبرامها مع قطر منتصف مارس الماضي، والتي تبلغ قيمتها 200 مليون دولار، والتي جاءت بعد شهورٍ قليلة من الاتفاق على صفقة مماثلة تقضي بتقديم واشنطن خدماتٍ لمقاتلات من طراز «إف 15» تمتلكها الدوحة. ويتطرق كاولي في مقاله إلى الأدلة التي تثبت صحة الاتهامات التي يوجهها «الرباعي العربي» إلى قطر، بشأن تقديمها الدعم لتنظيمات إرهابية ومتطرفة، وتوفيرها المأوى لقيادات هذه المنظمات، فضلاً عن إقامتها علاقات حميمة مع نظام الملالي الحاكم في إيران. ويقول الكاتب في هذا الصدد إن الدوحة تتشاطر مع طهران أكبر حقلٍ للغاز الطبيعي في العالم، وذلك في إشارة إلى حقل غاز «الشمال» الذي يقع في الخليج العربي وتبلغ مساحته نحو 9700 كيلومتر مربع، يوجد ثلثاها في المياه الإقليمية القطرية والباقي في المياه الإقليمية الإيرانية. ويجزم بالقول: «ما من شك في أن القطريين كانوا قريبين من (الرئيس المصري المعزول) محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان قبل أن يُطاح به.. وقاموا بتمويل جماعات جهادية متنوعة في سوريا وأماكن أخرى» من منطقة الشرق الأوسط. ولفت كاولي الانتباه إلى أن خالد مشعل القيادي السابق في حركة حماس الفلسطينية - المنبثقة عن جماعة «الإخوان» الإرهابيين - كان يتخذ من العاصمة القطرية مقراً له حتى عام 2017، وهو وقياداتٌ أخرى في الحركة، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويشير الكاتب السياسي البريطاني إلى أبرز الانطباعات التي خرج بها خلال زيارته الأخيرة إلى الدوحة، والتي حضر خلالها مراسم افتتاح مكتبة قطر الوطنية، وهو مشروع يسعى من خلاله «نظام الحمدين» - على ما يبدو - لتجميل وجهه القبيح، وتبييض سجله الحافل بالفضائح المتعلقة بتمويل الإرهاب وانتهاك حقوق العمال الأجانب. ولا يغفل الكاتب البريطاني الإشارة إلى التحالفات المشبوهة التي تقيمها الدولة القطرية ومسؤولوها مع شخصياتٍ أجنبية تحيط بها أحياناً الشكوك والتساؤلات، قائلاً إن من الأمور التي فوجئ بها في حفل افتتاح مكتبة قطر الوطنية حضور الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. ويشير إلى ما قيل له (أي كاولي) عندما سأل عن سبب وجود ساركوزي في الحفل، من أن «القطريين لا ينسون أصدقاءهم» في تلميحٍ خفي إلى خدمات أسداها الرئيس الفرنسي إلى «نظام الحمدين» خلال وجوده في قصر الإليزيه. وتأكيداً على حالة الارتباك التي تضرب قطر بمختلف مستوياتها جراء المقاطعة التي شارفت إكمال عامها الأول، ينقل كاولي عن الشيخة هند بنت حمد آل ثاني - شقيقة أمير الدويلة المعزولة قولها - إن بلادها «في مفترق الطرق». ويعقب الكاتب على ذلك بالتساؤل عما إذا كانت شقيقة أمير قطر - وهي الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع - لا تتخوف من «أن ينتاب القطريون.. الحماس للإصلاح السياسي؟»، وذلك في اتهام ضمني للنظام الحاكم في الدوحة، بممارسة الاستبداد والاستئثار بالسلطة، على الرغم من كل مزاعمه عن دعمه للديمقراطية وحرية الرأي. ويشير الكاتب في مقاله في «نيوستاتسمان» إلى مراوغة الشيخة هند في الرد على سؤالٍ بشأن محنة العمالة الوافدة التي تلاقي الأمريْن في قطر، خاصة العمال القادمين من شبه القارة الهندية «الذين أثارت المعاملة التي يتعرضون لها والظروف التي يعملون في ظلها، الغضب في مختلف أنحاء العالم»، قائلاً إن المسؤولة القطرية اكتفت رداً على هذا السؤال بالقول: «لدينا كتيبٌ إرشادي خاص بالتعامل مع العمال المهاجرين، ونحن نبذل قصارى جهودنا لتحسين» الوضع الخاص بهم. كما يلقي كاولي الضوء على الجهود المستميتة التي يبذلها مسؤولو «نظام الحمدين»، لتكريس الهوس بشخصية أميره تميم، قائلاً إنه ظل يشاهد نسخاً من رسمٍ لوجه الأمير، في كل مكانٍ يزوره في الدوحة. وسخر الكاتب من هذه الدعاية المفضوحة بالقول إنها تُظهر تميم «على شاكلة (النجم المصري الراحل) عمر الشريف»، وأنها تحفل بمداهنة أمير الدويلة المعزولة، الذي قال إنه بات محوراً لـ«ثقافة عبادة شخصية أخذة في التنامي» منذ بدء المقاطعة منتصف العام الماضي. وينهي جيسون كاولي مقاله اللاذع بتلميحٍ إلى أن أحمد المعاضيد - صاحب الرسم الخاص بوجه أمير قطر - لا بد وأنه بات ينعم الآن بأموالٍ طائلة من الميزانية الحكومية القطرية، مكافأة له على اللوحة التي تستخدمها آلة الدعاية في الدوحة، على نحوٍ مفرط ومجافٍ للذوق، لتجعل منها رمزاً للدويلة المعزولة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©