الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استخدام «المجاراة العاطفية» طريقة فعالة في التعامل مع مرضى الخرف

استخدام «المجاراة العاطفية» طريقة فعالة في التعامل مع مرضى الخرف
13 ابريل 2013 21:26
أفاد تقرير أميركي حديث أن نحو 4,1 من الأميركيين مصابون بالخرف، وأن مرض الزهايمر الذي يعد أحد أنواع الخرف هو أكثر أمراض الشيخوخة تكلفة في نظام الرعاية الصحية بالولايات المتحدة، إذ يكلفها ما بين 157 إلى 215 مليار دولار سنوياً أكثر من أمراض القلب والسرطان. ويقول باحثون أجروا دراسة عن أمراض الخرف بتمويل من المعهد الوطني للشيخوخة إن هذا الوضع يحتم الاستعانة بعدد من التقنيات التي ثبتت قدرتها في تقليل إحباط المسنين المصابين بالخرف من جهة، وإنشاء طرق جديدة للتواصل معهم من جهة أخرى. ومن بين هذه الطرق وأنجعها «المجاراة العاطفية» التي تقوم على التجاوب مع المسن فيما يقوله ويمر به من تجارب، واستعمال الموسيقى واللمس ولغة الجسد في حالة المصابين بالخرف الذين يفقدون القدرة على التواصل اللفظي. تقول الدكتورة ناعومي فيل إن المجاراة العاطفية للمسن المصاب بالخرف تساعد في تعزيز التواصل معه ومساعدته على الشعور برضا أكبر وبأن له دوراً ما في المحيط الذي يعيش فيه. وتُعد مقاربة المجاراة العاطفية سائدة من حيث استخدامها في معظم دور المسنين الأميركية، والبالغة أكثر من 15 ألف دار، كما أنها تُدرس لكل الطلبة الذين يدرسون طب الشيخوخة وتمريض المسنين أو مساعدتهم وعلاجهم. فتفهم مشاعر المسنين المصابين بالخرف عبر استخدام تقنية المجاراة العاطفية يجعلهم يستشعرون معنى أكثر لحياتهم، ولا يفقدون الرغبة في العيش، بمن فيهم أولئك المصابون باضطرابات متقدمة في الذاكرة. فلو قالت لك مسنة مثلاً إنها رأت ثلاث زرافات في الحديقة الخلفية لمنزلها، فلا تسخر منها، بل قُلْ لها مثلاً «جميل! وكم كان طول كل واحدة من هذه الزرافات؟ وما نوع الشعور الذي أحسسته في تلك اللحظة؟» الاستماع الفعال تقول استشارية الأسرية بسان فرانسيسكو الدكتورة جوو ماكورد إن استراتيجيات التحدث إلى المصابين بالخرف ليست مختلفة كثيرة عن تقنيات الاستماع الفعال. فيكفي للإنسان أن يتخيل نفسه في مكان المصاب بالخرف ليقتنع سريعاً أنه يستحق من الآخرين الإصغاء لما يقوله، بصرف النظر عن محتواه. وتضيف «إن مجادلة المصاب بالخرف وتكذيب ما يقوله أو السخرية منه يضر كثيراً بصحته النفسية ويدمر شعوره بتقدير الذات». وترى جوو أن المتعامل مع المصاب بالخرف ينبغي له أن يكيف الخطاب الذي يستخدمه والمصطلحات التي يستعملها بما يصب في مصلحة المصاب، والبيئة التي يعيش فيها والسلوكات التي يألفها. من جهتها، ترى فيل أن الأسر التي ترغب في المحافظة على التواصل مع المسنين المصابين بالخرف، أو تحسين التواصل مع ذويهم المصابين بمشكلات إدراكية أو فقدان جزئي أو كلي في الذاكرة، عليها أن تستخدم مبادئ من استراتيجية المجاراة العاطفية، فهي تساعد على التعامل مع العبارات المتكررة التي تصدر عن المسنين، وأسئلتهم ونوبات غضبهم واتهاماتهم الملفقة، أو حتى نوبات بكائهم رغبة في العودة إلى البيت، بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في دور للمسنين، وليس مع أبنائهم. وتنصح الدكتورة فيل أعضاء كل أسرة يعيش معهم مسن خرف يُكثر من طرح أي سؤال بأن يواجهوه بعكس السؤال إلى ضده. فإذا أكثر مثلاً من طرح سؤال «متى سنغادر البيت؟»، فيمكن إجابته بسؤال من قبيل «وماذا سيحدث إن لم نغادر الآن؟ هل سيزعجك ذلك؟ هل تعتقد أننا سنكون متأخرين؟». وتوصي فيل بتجنب الأسئلة التي قد تجعل المريض يشعر بأن عليه تبرير مشاعره، كأن تقول له «أعلم أنك لا تريد أن تتأخر، وأنا أيضاً لا أريد ذلك. وسأحرص على أن نخرج من البيت في الوقت المحدد». استراحة ضرورية تقترح فيل الرد على السؤال المتكرر للمسن الخرف بالقول «ما هو أسوأ ما قد يحدث إن لم نفعل؟». وعند الاستماع لردة فعله، ينبغي النظر إلى ما وراء جوابه. أي معرفة ما يغضبه ويقلقه، وبمجرد معرفة ذلك، يمكن العمل على تبديد بواعث قلقه. وتقول الدكتورة فيل إنه قد يأتي على الشخص الذي يرعى المسن، سواءً كان ابناً أو ابنة أو غيرهما، أن يشعر بضيق الصدر أو ملل أو انزعاج، بأن يأخذ فترة استراحة لدقائق معدودة والقيام بشيء ما لتنفيس ضيقه وتوتره عبر المشي أو ممارسة تمرين رياضي ما أو أي شيء يرغب في فعله، ثم يعود إلى المسن بعد أن تكون أعصابه قد هدأت، فذلك يساعده أكثر على التعامل الإيجابي مع المصاب بالخرف واستيعاب تقلباته الشعورية والمزاجية. كما تنصح كل من يعتني بمسن خرف بأن يكون له صديق أو حبيب يفضي إليه بما يحزنه ويساعده على حل مشكلاته والتنفيس عن الضغط الذي يتعرض له في التعامل مع المصاب بالخرف من حين لآخر. وعندما يصدر عن المريض نوبة صراخ أو ما شابه، يمكن للشخص المعتني به أن يُلهي نفسه بما يجعله يخفف من ردة فعله تجاه نوبة كهذه، وذلك عبر النظر عن قرب إلى عيني من يصرخ، وعضلات وجهه، أو فعل كل ما من شأنه أن يشغله عن إتيان ردة فعل مضادة قوية. وقد يستاء الشخص الذي يرعى المسن بدوره من بعض الأفعال، كأن يتهمه المريض بالخرف بأنه سرق أغراضه أو خبأها عنه، وهذا شيء طبيعي، لكن الأمر غير الطبيعي هو أن يرد الراعي على تلك الاتهامات بصب جام غضبه على المسن وتحميله مسؤولية كل المشكلات الشخصية أو الأسرية التي يعيشها، أو التعاسة التي يستشعرها. وتقول فيل إن ما يجب فعله في مواقف كهذه هو إتاحة الفرصة كاملة للمسن بالصراخ والتعبير عن نفسه كما يشاء، ثم مساعدته على إيجاد الأغراض التي يريد استعادتها أو الحصول عليها بهدوء. دور المسنين تقول الدكتورة فيل إن العاملين في دور المسنين يقومون بجهد اجتماعي جبار ويستحق التقدير. وتنصح من يتعرض منهم مثلاً لموقف إلحاح المسن المقيم في الدار في طلبه بالرجوع إلى بيته بسؤاله «إلى أين تريد الذهاب؟ ومن أكثر من تريد أن تراه؟ وما أول شيء ستقوم به عند خروجك من هنا؟»، فأسئلة كهذه تكون بمثابة الجسر العاطفي الذي يقود إلى تهدئته واحتضانه. وفي حال طال حزنه على وفاة صديق في الدار، فيمكن أيضاً سؤاله «متى كانت آخر مرة رأيته فيها؟ وما الذي قلته له حينها؟»، فهذا التعامل يجسد المجاراة العاطفية التي تؤتي ثمارها وتجعل المسن يشعر بتحسن وارتياح نتيجة النجاح في تفريغ مشاعره السلبية. وفي الحالات المتقدمة التي يفقد فيها المريض القدرة على التواصل، تنصح فيل باستخدام الموسيقى واللمس. وليس واضحاً بالضبط كيف يساعده ذلك، باستثناء معرفتنا البدهية بأن الموسيقى واللمس يخاطبان النوازع الفطرية الأساسية لكل إنسان. كما يمكن استخدام لغة الجسد في التخاطب معهم، فهم يفهمون هذه اللغة، خصوصاً عندما تكون مفعمة بالمشاعر الإيجابية والإشارات الداعمة. وتنصح فيل بالذهاب إلى المسن العاجز عن التواصل، وليس الانتظار أن يأتي هو لطلب شيء ما، فذهابك وسؤالك عنه هو ما يجعل لحياته معنى. ولعل جوهر مبدأ «المجارة العاطفية» يقوم بالأساس على التواصل المتواصل مع المسن الخرف بصرف النظر عن مكانه ومدى حاجته. هشام أحناش عن «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©