الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحرير عدن ... جاء بعد مخاض عسير

تحرير عدن ... جاء بعد مخاض عسير
6 أغسطس 2016 19:54
رعد الريمي (عدن) في ظل أجواء مشبعة بالفرح يتذكر الناس يوم نصر عدن، هذا اليوم الذي خرج فيه اليمنيون ليحتفلوا بنصر تحقق على يد المقاومة وبإسناد كلي من القوات الرجال الأشاوس للإمارات العربية الشقيقة وبقيادة التحالف العربي وبهندسة من المشير عبدربه هادي هذه الجهود التي ما فتئت تساند هذا النصر بكل ما تملك من وسائل وغايات. هذا الانتصار الذي لون السماء بألوان مختلفة جراء فرح الأهالي بهذا النصر الكبير الذي تسلل إلى أفئدة الناس بأشكال مختلفة من الفرح حتى سمعت سمعاً بكاء النساء وزغاريدهن على المستوى ذاته معبرات بذلك عن الفرح الكبير، وهم يتذكرون هذا اليوم بعد مضي عام مما جعلنا نستطلع أثر هذه الفرحة بعد عام من حدوثها، هذه الفرحة التي لن ينسها كل اليمنيين والعدنيين خاصة على مدى حياتهم بل سيحكونها لأحفادهم. انتصرنا بفضل الجميع وفي هذا الصدد تقول أزال زايد، مثقفة وطالبة جامعة: عدن انتصرت بعد عناء والنصر لم يأت إلا بعد مخاض عسير، المدينة مرت طوال أشهر الحرب بظروف صعبة ووضع متردٍ خدمياً وعسكرياً، فالمدينة كانت محاصرة من أبسط أسياسيات الحياة فانعدمت الأدوية والأغذية والمشتقات النفطية وإن وجدت فبأسعار باهظة، الحرب لم ترحم أحداً كل شيء يقتل بدم بارد، أحرقت المليشيات المنازل وقتل قناصتهم المشاة من الأفراد والمواطنين العزل، أستطيع أن أقول إن المدينة تعرضت لحرب إبادة بربرية وغير إنسانية كحال سائر المدن الجنوبية الأخرى بل أشد. ولكن رغم قسوة الحرب فإن أهلها صمدوا وقاموا رغم الفارق بالتسليح والعتاد والتدريب والتأهيل والإمكانات التي كانت تصب جميعها لمصلحة العدو.. مواطنو المدينة فدوا مدينتهم حباً فيها وتضحية من أجلها، رغم فارق الإمكانات فإن المقاومين من أبناء المدينة لم ييأسوا وقاتلوا من أجل عدن وصمدوا أمام قاذفات الهاون ورصاصات القناصة التي لم تستثن أحداً، فرحة النصر لا توصف، الكل خرج وقتها في الشوارع يكبر ويفرح لنصر عدن الكل كان يقول اليوم يومك يا عدن. أما سالم فدعق، فنان وشاعر، فيقول: عشنا حرباً ودماراً وقتلاً وفي مثل هذه الأيام كان الألم قد وصل مداه وضاق بالناس ما حل بهم من اعتداء غاشم منهم ناس عاديون ليس لهم صلة بالسياسة أو بالمناصب ووجدوا أنفسهم ضحية عقيدة زائفة واعتداء همجي وربنا لا يقبل الظلم وشاء ربي أن يستجيب لدعاء الناس الضعاف وحكمة من ربي للناس ألا يفقدوا الأمل فيه وجاء اليوم الموعود الذي نصرنا فيه ربنا في ليلة 27 من رمضان المبارك وكأنها ليلة القدر لنا وفعلاً تم الانتصار بمشيئة رب العباد ولا أستطيع أن أصف ذلك اليوم!!. ويضيف سالم: في البداية لم تكن هناك قيادات تربط المقاومين كلهم أو بتعبير آخر لم تكن هي المرة والناهية ولكن كان الهدف واضحاً وهو الدفاع عن الأرض والعرض والدين وتقسمت المديريات وكل مديرية استطاعت أن تنجب قائداً لها وفيما بعد انطلقت عاصفة الحزم بقياده الملك سلمان بن عبدالعزيز ودولة الإمارات العربية الحبيبة والتي أتت لرفع الظلم ومساعدة الأبرياء والنساء والأطفال. ويتحدث عن تجربته قائلاً: أنا وأسرتي من الأسر التي نزحت وطردت من بيتها ولكن ليس خوفاً بل لأتمم عملية أختي الصغيرة بسبب كسر بعمودها الفقري ولو لم يكن هذا السبب لبقيت ومت في بيتي كبقية الناس جسمي في حضرموت وقلبي وروحي بعدن وفعلاً لم أتوقع أن حلم الانتصار سيصبح حقيقة في يوم وليلة ولكن الله أكبر من كل شيء وما خاب من قال يا الله وعندما سمعت بخبر النصر فرحت وخرجنا أنا وبقية الشباب النازحين بمسيرة جماهيرية كبيرة وخرج معنا أبناء حضرموت الحبيبة ليشاركونا فرحتنا وفي اليوم التالي قمنا بتحضير حفل غنائي وأذكر أنني بكيت فوق المسرح عندما كنت أغني أغنية حماك الله يا أمي عدن وبكى الجمهور معي. وقال محمد عطبوس، مدون يمني: نصر عدن مثال حي وقريب وواقعي للفرح والبهجة، فقد استحكم اليأس في قلوب الآلاف من سكّان المحافظات المتضررة من الحرب عموماً، ومن عدن خصوصاً كونها المدينة الأكثر تضرُراً، وانتقل أهاليها من حالة ترقّب لفرج ربما يأتيهم بعدَ بضع سنوات إلى حالة تأقلمٍ غير صحي مع أوضاع متردّية على كافة الأصعدة، تمثّلت في قتلٍ ودمار ونزوح وأوبئة وفقر مدقع، ولاحت لهم صورة «صومال» جديدة لم يتصوروها يوماً، حتى فوجئوا بما خبأهُ لهم القدر من نصرٍ كان أقرب مِما يتوقعه حتى أكثر المحللين تفاؤلاً، ليكون خبر تحرير عدن هو الخبر الأسعد والأكبر بين سيل الأخبار الحزينة التي بات المواطن العدني ينام ويصبح عليها من مختلف وسائل الإعلام. عندما استقبلنا خبر النصر كنتُ حينئذ أحد النازحين إلى مدينة المُكلّا في حضرموت مع عشرات العائلات التي شاركت أهالي المكلا لياليهم الرمضانية، حيث فوجئ الجميع في تلك الليلة بأصوات أعيرة نارية من جميع الجهات في وقت واحد تلتها ألعاب نارية من سطوح المنازل أنارت أسواق المدينة المزدحمة استعداداً لعيد الفطر. توقعتُ مع أصدقائي أنها فرحة مهووسي الدوري الإسباني بانتصار فريقِهم المفضّل كالعادة، لكن ضجيج السوق كان أكبر، وأصوات الصراخ تعالت وتصاعدت نحونا تدرجياً رافقتها تكبيرات النصر والهتاف بتحرير عدن في مشهد من الفرحة البالغة تشاركها أهالي عدن والمكلا ولم يتمالك معها أحد دموع فرحته بهذا النصر. وتعود هذه المفاجأة بنصر عدن إلى الإيقاع البطيء الذي بدأت تنحوه المعارك على الأرض، رغم الدعم العسكري واللوجستي والغطاء الجوي الذي وفّرته دول التحالف وعلى رأسها السعودية، فإن ضعف الترسانة العسكرية للمقاومة وقلة الخبرة في مقابل تجهيزات وخبرات قوات المخلوع والحوثي، لم يبشر بخير، وكان لا بد من توافر آليات حربية ومزيد من الذخيرة لأفراد المقاومة، وهذا ما تكفّلت به الإمارات بقياداتها وكانت هذه هي نقطة التحول إلى يوم النصر. ويضيف عطبوس: أصبح لهذا اليوم ذكرى شديدة الأهمية عند المواطن، وأبرزت هذه الحرب مدى التقارب والترابط الوثيق بين نسيج هذا المجتمع، حيث إن قسوة الحرب لم تفرّق بين إنسان وإنسان لأي اعتبار، أيضاً وبنفس الطريقة قد نبّهت المجتمع لهذه الخصيصة الوحيدة التي لن تنفك عنه حتى في أسوأ الظروف وأصعبها، خصيصة أنه إنسان تماماً مثل أي فرد في المجتمع الذي يعيش فيه، هو بحاجة إلى الجميع كما هم بحاجة إليه كذلك، وأكثر ما بدا ذلك عملياً في حالة التكافل بالغة المثالية التي شاهد كل فرد من أهالي المدينة ملمحاً منها وكأنها فَرضت نفسها أخلاقياً على الجميع اضطراراً في مختلف مراحل الحرب، ليأتي يوم النصر وتبدأ ظلال الحرب بالانحسار مؤذنةً بنهاية حالة الطوارئ وانتهاء كل اضطرار، ومعلنةً عن حقيقة أن بقاء مثل هذا التكافل الاجتماعي والشعور بوحدة المصير، هو الآن ضرورة ومسؤولية أكثر من أي وقتٍ مضى. وتقول الدكتورة والروائية عبير إن نصر عدن مثال للنصر بعد أن ابتعد الفرح فقد تكالبت علينا المحن وضاقت الأرض علينا بما رحبت.. رمضان برائحة الموت والخوف والمرض.. رمضان برائحة الحرب.. الاستشهاد والحصار، شق علينا العيش.. وتراويحنا ترفع في الظلام ودعاؤنا يطرق السماء بلا توقف أو ملل، تهجدنا ورفعنا أكفاً حملت بدموع الأرامل والثكالى.. دموع المشردين والجرحى، ولم تنزل أكفنا إلا باستجابة، وفي فجر ليلة قدرية كما أملنا كان الهتاف بالنصر.. وبشائره تهل علينا.. الله أكبر. وأضافت خيوط الصباح: عانقت مشهد الكتائب المتحركة للتحرير.. رأيناها تحمل جنوداً لم يكونوا جنوداً من قبل.. هبوا لنجدة مدينة تغرق بدموع ثكالاها قبل دماء شهدائها، وانتصرت عدن، سمعنا الخبر قبل آذان المغرب، قبل أن تبتل عروقنا بالماء.. ابتلت بخبر النصر.. عانقت جباهنا الأرض سجداً لله، تراقص صغيرنا قبل كبيرنا وانطلقت فرحتنا تعانق السماء، ها قد بدأت عدن تنتصر.. تدحر العدو المغتصب وتتحرر المعلا.. كريتر.. التواهي والقلوعة.. وقالت: مساجدنا ضجت بالتكبيرات بعد شهور من الصمت.. وعادت الفرحة تزين وجوهاً كحلها الحزن لزمن، لأول مرة منذ غادرنا منزلنا بحثاً عن الأمان ننام قريري الأعين، نعلن للجميع أن عدن انتصرت.. ليس بجيش.. وإنما بفتية انتفضوا وهبوا لنجدة بلدهم بعد روع الصدمة الأولى، بمساندة أشقاء اختاروا التدخل بدل الصمت المميت.. قادة ركنوا إلى الرف منذ زمن.. عادوا ليتولوا زمام المبادرة، فرشت لهم الأرض بالألغام فانتزعوها بقوة الإصرار وانطلقوا غير مبالين وحققوا المحال، عدن والسابع والعشرون من رمضان، برائحة النصر.. الحب والإخاء، ومن هنا كانت البداية، وإن شاء الله رغم الطريق الطويل مكملين. وصمة عار للانقلابيين ويقول طه بافضل، إعلامي: الحديث عن يوم النصر يطول، فهو اليوم الذي تم فيه دحر الانقلابيين من أتباع المخلوع عفاش والحوثيين عن مدينة عدن الباسلة وهو يوم نصر وفخر لأبناء الوطن اليمني عموماً وأبناء الجنوب خصوصاً، قيمة هذا النصر أنه كان بمثابة إجهاض للمشروع الإيراني في اليمن وإحباط أحلام الحوثيين بالسيطرة على بقية أجزاء ومناطق اليمن فتصدى لهم المقاومون الأبطال من أبناء الجنوب عدن وأبين ولحج والضالع وشبوة وحضرموت، فاصطفوا كالبنيان المرصوص دفاعاً عن الأرض والعرض والمكتسبات، فكان لهم ما أرادوا من النصر المؤزر وكان الخزي والعار للانقلابيين. ويضيف بافضل: ولقد كان للتحالف العربي دوره الواضح والكبير في ترجيح الكفة ودخول الطيران الحربي ساحة المعركة فحق لأبناء عدن وحضرموت وغيرها من المناطق المحررة في الجنوب أن يذكروا وفاءً وعرفاناً ما قدمته قيادة التحالف وعلى رأسها السعودية والإمارات، ولا ننسى المتابعة المستمرة من قبل رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي.. ونتمنى أن يستمر هذا النصر بالتغلب على كل العقبات والمثبطات في طريق البناء والتنمية والنهضة في أرض الجنوب العربي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©