الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

مهندس فرنسي يقع في غرام كنوز دمشق

مهندس فرنسي يقع في غرام كنوز دمشق
19 يونيو 2010 00:13
حين اشترى المهندس الفرنسي جاك مونتلاكون أحد المنازل الشهيرة التي يرجع تاريخ بنائها إلى عدة قرون مضت في دمشق القديمة لم تكن لديه أية فكرة عن أنه يحتوي على معجزة معمارية. لكن مونتلاكون الذي اشتهر بترميم مشغولات يدوية من السفينة الغارقة (تايتانيك) وساعد في إنقاذ سلع من سفينة بحرية غارقة ترجع إلى عهد نابليون بارع في اكتشاف ما هو غير متوقع. وقال وهو يشير إلى رسم دقيق "كنت أزيل الورنيش السميك الذي يغطي الحوائط المكسوة بالخشب في الإيوان (حجرة الاستقبال) حين بدأت صور طيور غريبة ووحوش وقلاع تظهر". وأضاف مونتلاكون "يرجع تاريخ هذه الرسوم إلى عام 1789 العام الذي قامت فيه الثورة الفرنسية. طير أسود خيالي يجر زورقا. رجل يصوب بندقيته من على سطح قلعة تطل على بحر. ووحوش تحلق فوق الماء. يشبه السقف الخشبي سجادة عجمية ذات رسوم متداخلة". وجاء مونتلاكون إلى سوريا للمرة الأولى في عام 1965 وعمل مهندساً في منطقة الشرق الأوسط لأكثر من 30 عاما مع شركة "إليكتريسيتيه دو فرانس". وقال عن هذه الرسوم "إنها رواية.. لكن لم يستطع أحد تفسيرها بعد". ويطل سطح المنزل الصغير الذي اشتراه مونتلاكون قبل 6 أعوام على المسجد الأموي ويعتبر بنافورته الأنيقة أحد أسرار دمشق القديمة. ويعتقد مونتلاكون أن تاريخ بنائه يرجع إلى منتصف القرن الـ18. والخشب المنحوت والحجر والأسقف العالية هي مؤشرات تدل على المكانة الاجتماعية في المنازل الدمشقية، التي دخلها عنصر الرسوم عندما زاد التفاعل بين دمشق والفنانين الغربيين وزار المغامرون سوريا في القرن الـ19. ورغم أن المنازل التي نجت من الإهمال والدمار في دمشق الحديثة بها رسوم لمبان ومناظر طبيعية فإن الرسوم المستوحاة من الأساطير في منزل مونتلاكون فريدة من نوعها. واستخدم المهندس الفرنسي بمساعدة صديق له براعم القطن المغمورة في مذيبات وألوان مائية بسيطة لترميم الحجرة. وذكر أن العملية استغرقت 6 أشهر. وساهم مونتلاكون في ترميم مشغولات يدوية من السفينة "تايتانيك" وساعد في إنقاذ سلع من السفينة "لو باتريوت"، وهي سفينة تجارية من أسطول نابليون غرقت قبالة سواحل مصر. وقال إن "أهم مبدأ في الترميم هو أن يكون قابلا للتغيير إذا اكتشفت طريقة أفضل". ووراء القرميد البسيط الذي يرجع إلى القرن الـ20 اكتشف مونتلاكون أيضاً حوائط من الحجر المنحوت عليها رسوم عربية تشبه الفسيفساء (الموزيك). وهــو فـن كان المماليك الذين حكمــوا دمشــق أول من استخـدموه. وأضفى مونتلاكون لمسته الخاصة على المنزل وزينه بقطع أثاث دمشقيــة قديمــة مطعمة بالصدف (أرابيسك) من "سوق الحرامية" القريب. ولدى مروره إلى جوار كومة من الأنقاض ألقاها عمال في منزل قريب ذات مرة عثر على بلاطات إسلامية قيمة باللونين الأبيض والأزرق. وهــي تزين الآن أحــد جــدران منزله. وكان البيت الذي اشتراه مونتلاكون جزءا من منزل أرستقراطي، لكن الكثير من المنازل المشابهة تم تحويلها إلى مطاعم وفنادق في المدينة القديمة. ورممت بطريقة يقول خبراء إنها ربما تكون ألحقت أضرارا يتعذر إصلاحها. وجاء مونتلاكون إلى دمشق لدراسة اللغة العربية قبل 10 سنوات مدفوعاً بالرغبة في اكتشاف أسرار المنازل الأرستقراطية القديمة التي تخفي واجهاتها البسيطة من الحجر والطين اللبني الكثير من الروعة والصفاء بداخلها. ودفع الإهمال مونتلاكون وهو في الستينات من عمره إلى محاولة إنقاذ جانب أكبر من دمشق القديمة. وهو يعتزم تحويل منزل آخر انتهى من ترميمه إلى مركز للحفاظ على الحرف التراثية. وكــان المنزل المكسـوة أسقفه بالمرايا مملوكا للأمير البدوي السوري طراد الملحم الذي عاش هناك في أوائل القرن العشرين. وقد بني على الأرجح على أنقاض قصر أموي. ويقول مونتلاكون إن التطور الحديث والتلوث من مصادر التهديد الرئيسية للحفاظ على التراث السوري.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©