الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

عمال الشوارع ·· سوق عمل سوداء يحكمها العرض والطلب

عمال الشوارع ·· سوق عمل سوداء يحكمها العرض والطلب
30 أغسطس 2008 01:17
يفضل كثير من الناس اللجوء إلى العمال المنتشرين على ناصيات الشوارع، بغية إنجاز أعمال بسيطة، بدلا من دفع مبالغ باهظة لإتمامها عبر شركات متخصصة· ويثير انتشار العمال الذين يغلب عليهم حاملو الجنسيات الآسيوية مخاوف من وجود متسللين بينهم، وهو ما نفاه مدير إدارة الجنسية والجوازات في أبوظبي بالإنابة العميد ناصر المنهالي بقوله إن ''المتسللين لا يتواجدون في الشوارع بهذا الشكل العلني''، لكنه اعتبر أن العمال الذين يعملون بصورة فردية ''مخالفون للقانون''، رافضا تسميتهم بـ''العمال غير المتفرغين''· ويعد انتشار العمال في الشوارع ظاهرة مستمرة منذ إنشاء الاتحاد عام ،1971 ما حدا بخبراء للمطالبة بقوننة هذه الظاهرة وتنظيمها بدل منعها· ويتجمع هؤلاء العمال صباحا وعصرا في أماكن معروفة مثل مدينة زايد وشارع النجدة، ويهرعون إلى أي سيارة تصطف بالقرب منهم، عارضين استعدادهم لأداء أي مهنة مؤقتة، أو إصلاح أي أعطال طارئة، أو إبرام اتفاقيات مع سائقي الشاحنات الصغيرة والمتوسطة لنقل الأثاث المنزلي أو المكتبي· ولا يحمل بعض هؤلاء العمال جوازات سفر، وبعضهم فقد مهنته فلجأ إلى الشارع للبحث عن لقمة عيشه، في حين هناك من يعمل في وقت فراغه دون إبلاغ الكفيل· ويشدد المنهالي أن ''عدد هؤلاء قلّ عن السابق نتيجة الحملات التي تقوم بها إدارة متابعة المخالفين''، مضيفا أن ''بعض العمال يعتقد بأنه غير مخالف، بمجرد حصوله على إقامة أو تأشيرة دخول، وهم مخطئون· فإقامة العمل تتيح لهم العمل مع كفيلهم وليس بصورة فردية، أما التأشيرة فلها أنواع ولكل منها مسمى''· ويرحّل كل متسلل بشكل غير شرعي إلى الدولة، في حين تفرض غرامات وأحكام على العمال المخالفين لقانون العمل· وخوفا من تبعات مخالفة القانون، يبدي هؤلاء العمال تخوفهم من التصريح بأسمائهم أو هواتفهم، لكن بعضهم يغامر من أجل طلب الرزق· فحشمت، وهو عامل باكستاني الجنسية، يسارع إلى قرن اسمه برقم هاتفه للاتصال به في حالة الحاجة لنقل أثاث منزل· ورغم ركاكة لغته الإنجليزية، يتولى حشمت دور المنسق والوسيط والمترجم بين صاحب الحاجة وزملائه العمال، لحل معضلة الخلط بين رقمي 16 و،60 هي الدراهم التي يطلبها العامل نظير عمله· بعد إبرام الاتفاق بين صاحب العمل والعمال، يقرر حشمت أن نقل أثاث منزل مكون من حجرة وصالة لا يحتاج أكثر من عاملين· ولا تتعدى كلفة نقل الأثاث 350 درهما داخل مدينة أبوظبي، تتضمن تأمين شاحنة متوسطة وأجرة الحمالين، دون أن يشمل ترتيب الأثاث أو التأمين عليه في حال حدوث أي ضرر· ولا يتدخل سائقو الشاحنات الصغيرة في المفاوضات بين العمال وصاحب العمل، ويكتفون بانتظار إتمام الصفقة وتحديد السعر وحجم الشاحنة والموعد، ليعرضوا خدماتهم· ورغم أن حشمت ورفاقه يؤكدون أنهم سيتحملون مسؤولية نقل الأثاث كاملة، إلا أن هذا ''التعهد الشفوي'' لا يخول صاحب العمل باتخاذ أي إجراء في حال إتلاف أي من متعلقاته· يقول سامي، وهو رب منزل، إن هؤلاء العمال لا يمتلكون ترخيصا لنقل الأثاث، وليس هناك مرجعية قانونية بوسع المالك اللجوء إليها، على قاعدة ''القانون لا يحمي المغفلين''· ورغم معرفة سامي بعدم قانونية هؤلاء العمال، إلا أنه يفضل اللجوء إليهم أحيانا، ''فأجورهم متدنية لأنهم لا يدفعون إيجارات، وهم فقط يستخدمون قوتهم الجسدية لنقل الأثاث، أو مهارتهم البسيطة لإنجاز أعمال الصيانة''، كما يقول سامي· ويضيف أيضا أن عامل الوقت له دور في لجوئه لهؤلاء العمال في الحالات الطارئة، بدلا من انتظار قدوم عمال من شركات الصيانة لساعات طويلة· وتطلب الشركات الخاصة بنقل الأثاث مبالغ تتراوح بين 1500 و4000 درهم، وتشترط معاينة حجم الأثاث قبل تحديد السعر النهائي· وتشمل هذه المبالغ أجر العمال الذين يتطلبهم العمل، كما تتضمن عملية ترتيب الأثاث وتجهيزه، إضافة إلى تعويض المالك في حال إلحاق الضرر بأية قطعة، كما تشمل التأمين على القطع الثمينة، من خلال إبرام عقد مع إحدى شركات التأمين· وكما أن عملية المفاوضات أساسية في حالة ''عمال الشوارع''، فإن المسألة لا تختلف كثيرا في حالة الشركات المتخصصة· يروي سامي أنه اتفق مع شركة متخصصة لنقل أثاث منزله مقابل مبلغ محدد، وبعد أن تم نقل جزء منه إلى شقته الجديدة طلب منه المسؤول منح كل عامل 15 درهما إضافية، ''لأنه لم يكن يتوقع أن الأغراض ثقيلة إلى هذه الدرجة''· ولا تعتبر شركات متخصصة ''عمال الشوارع'' منافسا لها· يقول بوسكو بول، وهو منسق في إحدى شركات نقل الأثاث، إن انتشار هؤلاء العمال بكثرة في الشوارع ''لا يؤثر على عمل الشركة، ولا يشكل وجودهم أي منافسة لها''· ويضيف إن ''الشركة تقدم ما لا يوفره هؤلاء العمال· فعمالنا مدربون ومؤهلون في ترتيب الأثاث، ونقله بطرق فنية مدروسة، بأسلوب يحافظ على أنواع القطع كافة''· وتلجأ بعض شركات المتخصصة إلى الاستعانة بـ''عمال الشوارع'' في أوقات ذروة العمل لفترات محددة، كما يؤكد مصطفى المتعهد في شركة بأبوظبي الذي يبرر هذا الإجراء متسائلا ''لماذا أوظف عاملا لا أحتاج إليه إلا في أوقات محددة، ثم يصبح بعدها عالة عليّ وعلى الشركة في فترات العمل العادية؟''· ويرى خبراء أن ظاهرة العمل بصورة فردية ستستمر بشكلها ''الفوضوي'' ما لم تنضبط في إطار قوانين ناظمة· ويعتبر المحلل الاقتصادي والأستاذ في جامعة الإمارات الدكتور محمد الرميثي ''أن لهذه الظاهرة سلبيات وإيجابيات''· فسلبياتها تتمثل في أن غالبية هؤلاء العمال من غير المهرة، ومن إيجابياتها توفير استقدام عمالة وافدة إضافية، لذا فالواجب قوننتها ووضع ضوابط لها بدلا من منعها، بشكل يعود بالفائدة الاقتصادية والاجتماعية على الدولة، بحسب رأيه· ويقترح الرميثي إدخال نظام العمل الإضافي غير المتفرغ إلى قانون العمل''، مستشهدا بمهنة الطب، حيث يقول إن ''الطبيب يعمل في مستشفى حكومي، ولديه عيادته الخاصة في الوقت ذاته، فلم لا يسري العمل غير المتفرغ على مهن أخرى؟''· بيد أن المنهالي يرى أن ''قوننة عمل مخالف لا يحل الأزمة''، منبها من تداعيات تشغيل العمال غير المرخص لهم على المشغّل نفسه، في حال حدوث أي نزاع أو مشكلة· ويؤيد الرميثي إدخال نظام الإعارة بين الشركات، بحيث يلجأ رب العمل إلى استعارة عمال من شركة ثانية حين يواجه ضغطا إضافيا في عمله، وهو ما تسمح به إدارة الجنسية والجوازات في أبوظبي· ويقول المنهالي إنه يجوز أن يقوم كفيل بإعارة عامله إلى كفيل آخر في حال عدم توفر عمل له لمدة ثلاثة أشهر، على أن يعود العامل بعدها إلى كفيله السابق· ويلفت إلى أن ''هذا النظام يحتاج إلى موافقة الكفيل الأساسي، وإنجاز أوراق النقل، ودفع رسوم للإدارة، وإصدار بطاقة تجيز العمل بصورة قانونية، وإنجاز عقد بين الكفيل الجديد والمستخدم''· ويشير المنهالي إلى أن هذا النظام يتيح العمل للوافدين في إمارة أبوظبي إذا كان الكفيل الجديد فيها، حتى لو كان الكفيل الأساسي في إمارة أخرى·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©