الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأنشطة الخفية للجمهوريين!

16 يونيو 2017 22:41
فتحت المقاهي والأماكن العامة أبوابها مبكرة في واشنطن وغيرها، يوم الخميس الماضي، ليتدفق عليها ما يزيد على 19 مليون أميركي في مختلف أنحاء البلاد، لمشاهدة البث المباشر لوقائع الشهادة المثيرة التي أدلى بها جيمس كومي، المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي «إف. بي. آي» أمام الكونجرس، عن تفاصيل جلسات التحقيق التي أجراها المكتب مع «مايكل فلين» مستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس ترامب، على خلفية شبهات أحاطت به حول اتصاله بالروس، أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة. وفيما تركز وسائل الإعلام على أخبار ترامب، يقوم الجمهوريون في الكونجرس بجهود حثيثة لتمرير تشريع سيحرم ملايين الأميركيين من مزايا التأمين الصحي، وفتح الطريق أمام موجة أخرى من الفوضى، والانتهاكات المالية في وول ستريت. ومشروع قانون الرعاية الصحية المقدم في مجلس الشيوخ، يمثل التهديد الأكثر مباشرة، ففي الوقت الراهن، يجتمع 13 سيناتوراً جمهورياً سراً لصياغة مشروع القانون الذي يتوقع صدوره نهاية الشهر الجاري، على أن يقوم «ميتش ماكونيل»، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، بعد صدوره، بالحصول على تقدير سريع لتكلفته، والآثار التي ستترتب عليه من مكتب الميزانية التابع للكونجرس، وذلك قبل حلول موعد عطلة المكتب المقررة في الرابع من يوليو المقبل، وأن يصوت أعضاء مجلس الشيوخ بعد ذلك على إصلاح قطاع يعادل حجمه سدس حجم اقتصاد البلاد تقريباً، ويشمل مشروعاً كبيراً مثل مشروع الرعاية الصحية الذي يستفيد منه 140 مليون أميركي، وذلك قبل أن يتاح للأعضاء الوقت الكافي للقراءة المتأنية لمسودة المشروع، قبل التصويت. والسبب في هذا الغموض والاستعجال، هو أن ماكونيل يعرف أن الإصلاحات، التي يريد إدخالها تفتقر إلى الشعبية بدرجة لا تصدق. وبينما حرص جمهوريو مجس الشيوخ على النأي بأنفسهم علناً عن مشروع قانون الجمهوريين في مجلس النواب، فإن جون كورنين، «حامل سوط» الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، وممثل تكساس، يقر أن نسخة مجلس الشيوخ سوف تبني على نسخة مجلس النواب في نهاية المطاف. والأميركيون معارضون لما وافق عليه مجلس الشيوخ ولديهم من الأسباب ما يبرر لهم هذه المعارضة، فهذا القانون سيحرم نحو 23 مليون أميركي من الرعاية الصحية، ويرفع أسعار العلاج إلى مستويات لا تحتمل، خصوصاً بالنسبة للعاملين الأكبر سناً، من غير المتمتعين بالتأمين الصحي من قبل جهات عملهم. وفي استطلاع للرأي أجرته مؤخراً جامعة «كوينيبياك»، رفض الأميركيون المشاركون في الاستطلاع الموافقة على خطة الحزب الجمهوري، في مجلس النواب بأغلبية 62% إلى 17%، وأن الأغلبية العظمى من هؤلاء رفضت خطة التوفير من التمويل المخصص لنظام المساعدات الطبية في الولايات «ميديك آيد» (تخفيضه بنسبة 45%)، والإعفاءات الضريبية السخية للفئات الأكثر ثراءً في المجتمع الأميركي، كما عارض المشاركون في الاستطلاع بأغلبية 65% إلى 30% تخفيض التمويل الفيدرالي لمشروع المساعدة الطبية «ميدك آيد». وتتضمن خطة الجمهوريين أن يقوم رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب جيب هينسارلينج (جمهوري –تكساس)، الصديق الوفي للوبي البنكي- في الوقت نفسه تقريباً بطرح مشروع قانون شامل لإزالة القيود التنظيمية التي تكبل أعمال البنوك، وتقديمه إلى المجلس للنظر فيه، وهذا المشروع المقترح يأتي بعد 9 سنوات فقط، من تجاوزات وول ستريت الهائلة، التي أصابت الاقتصاد بأفدح الأضرار، وكلفته 20 تريليون دولار في صورة حزم إنقاذ، ووظائف مفقودة، وبيوت عقارية محجوزة، ومدخرات تقاعد ضائعة، وما هو أكثر من ذلك. بيد أنه ليس هناك شك في أن مشروع القانون هذا، سيواجه عقبات في مجلس الشيوخ، لأنه سيحتاج إلى أصوات الديمقراطيين لضمان الموافقة عليه. لكن هذه هي المناورة الأولى للوبي البنكي القوي، وسيحتاج الأمر إلى تعبئة مدنية هائلة، للحيلولة دون تحول أجزاء كبيرة من هذا المشروع البغيض إلى قانون. ومرة أخرى، أتاح تركيز الإعلام المكثف على ترامب الفرصة لـ«هنسارلنج» لتلبية احتياجات البنوك بطريقة مغلفة بالغموض. وبسبب القانون المقترح، سيحرم الملايين من الأميركيين، خصوصاً العاملين الأكبر سناً، والمسنين، والأمهات، والأطفال الذين يعتمدون على نظام المساعدات الطبية «ميديك آيد»، وأصحاب الاحتياجات الخاصة، والفئات الضعيفة، من الرعاية الصحية. من ناحية أخرى، نجد أن البنوك الكبرى، ورغم حقيقة أنها تحقق أرباحاً ضخمة، ويتمتع مديروها وموظفوها بعلاوات كبيرة ومتزايدة على الدوام، إلا أنها تحاول خلق الظروف الملائمة لتنفيذ عملية أخرى من الجموح والتجاوزات المالية، مشابهة لما حدث في وول ستريت قبل تسع سنوات من الآن. وهذه المحاولات تتطلب المزيد من التغطية الإعلامية، حتى مع استمرار تصريحات ترامب المثيرة للجدل، كما تتطلب قيام الديمقراطيين برفع مستوى الإنذار، والعمل على حشد المعارضة لمواجهة هذه التهديدات. *رئيسة تحرير مجلة «نيشن» الأسبوعية الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©