الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخرطوم والأمم المتحدة

29 أغسطس 2008 23:22
انقضت الآن أسابيع على اليوم الذي أعلن فيه ''أوكامبو'' -المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية- قراره بتوجيه الاتهام لرئيس جمهورية السودان ''عمر حسن أحمد البشير'' بتهمة ارتكاب جرائم محددة في إقليم ''دارفور''؛ وكل يوم يمر يقربنا من يوم صدور قرار المحكمة وهو في الغالب واحد من ثلاثة هي توجيه الاتهام والبدء في إجراءاته، أو رفضه، أو تأجيل القرار لمدة عام حسب التوصية الملحقة بقرار مجلس الأمن الخاص بالأمر، والذي يشير إلى الأخذ برأي قيادة الاتحاد الأفريقي· ومع اقتراب موعد إعلان قرار المحكمة الجنائية فإن العلاقة بين حكومة السودان والأمم المتحدة تبدو معرضة للاهتزاز بل والتدهور إذا ما جاء قرار المحكمة الجنائية مؤكداً اتهام رئيس الجمهورية والشروع في تنفيذ مقتضياته؛ وهنا أشير إلى التقرير الأخير الذي رفعه ''أشرف قاضي'' -رئيس بعثة الأمم المتحدة للسلام في جنوب السودان إلى مجلس الأمن- بعد اليوم العشرين من أغسطس الجاري، ما ملخصه أنه تلقى تحذيراً من الخرطوم (لم يوضح الجهة التي حذرته) بأن عواقب وخيمة يمكن أن تطال منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها وموظفيها إذا ما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قراراً باعتقال رئيس الجمهورية، وقال ''أشرف''إن بعثة الأمم المتحدة في السودان تتخذ الآن الإجراءات الاحترازية المطلوبة إزاء هذا الخطر· ونبحث عن الأسباب التي دفعت رئيس بعثة الأمم المتحدة في الجنوب إلى ذلك الخوف، فنجد أن الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية ''علي الصادق'' أدلى بتصريحات للصحف، قال فيها: إن الحكومة ملتزمة التزاما تاماً بتعهداتها الدولية تجاه بعثة الأمم المتحدة ولكنه أضاف قوله (إننا لا نتوقع حال اتخاذ خطوة من جانب المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف رئيس الجمهورية أن تظل أوضاع بعثات الأمم المتحدة في السودان على ما كانت في السابق)؛ إذن فتخوف السيد ''أشرف'' يرتكز على تصريحات منسوبة لمسؤول في حكومة السودان· ولو عدنا إلى الوراء قليلاً، فسنجد أن ''بونا ملوال'' وهو أحد مستشاري رئيس الجمهورية وليس من أعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان رغم أنه جنوبي، نجد أن ''ملوال'' قال، إنه لو أقدمت المحكمة الجنائية على توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية، فإن حكومة السودان ستطرد بعثات الأمم المتحدة من السودان· كل هذا التحذير أو الإنذار الموجه لوجود الأمم المتحدة في السودان عبر منظومتيها الخاصتين بالجنوب (اليوناميس) أو الخاصة بدارفور (اليوناميد)، قد يكون الغرض منه الضغط غير المباشر على المحكمة الجنائية الدولية لمنعها من اتخاذ قرار ضد عمر البشير، وقد يكون الأمر أبعد من ذلك· ولو افترضنا أن حكومة السودان جادة في تحذيراتها المشار إليها، وصدر قرار المحكمة الجنائية بغير ما تشتهي الخرطوم، فإن النتيجة ستكون وبالاً على السودان، ففي حالة الجنوب فإن إبعاد الأمم المتحدة عن مراقبة تنفيذ اتفاقية السلام هناك قد يعني انهيار الاتفاقية التي يرتكز عليها كل السودان في عمليات التحول المنتظر للحكم الديمقراطي؛ أما في ''دارفور'' فإن النتيجة ستكون أن يستمر الصراع المسلح هناك بلا نهاية مرتقبة وبلا إشراف دولي على وقف الاقتتال! الخرطوم في مأزق، ستكشف الأيام المقبلة عن استطاعة السودان الخروج منه بلا خسائر تطيح بكل ما تم إنجازه في السنوات الثلاث السابقة وما ينتظر تحقيقه خلال السنوات المقبلة· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©