الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فاتحة مرشيد تتبع العواطف والأحاسيس في أعماق النفس البشرية

فاتحة مرشيد تتبع العواطف والأحاسيس في أعماق النفس البشرية
12 ابريل 2013 23:50
محمد نجيم (الرباط)- صدر حديثا للكاتبة والشاعرة المغربية فاتحة مرشيد رواية بعنوان «الحق في الرحيل»، وتقع في 192 صفحة من القطع المتوسط. وعن الرواية الصادرة عن المركز الثقافي العربي (الدار البيضاء، بيروت) يقول الناشر «يُطل علينا سارد «الحق في الرحيل» من خلف قضبان السجن ليحكي قصة حياته، موقعا بذلك أول رواية باسمه بعد أن كان الكاتب الشبح لسِيَر الآخرين. وككل ما يتفجر بعد فوات الأوان، تتفجر رواية «الحق في الرحيل» كنزيف لا توازي غزارته إلا جمالية اللغة الشعرية المنسابة والمبتكرة التي اعتمدتها». وعلى ظهر الغلاف نقرأ «الحق في الرحيل، رواية تحكي قصة حب عفوي، نبت كزهرة ربيع رغم أن حياة العاشقين كانت أميل للخريف من العمر. نما الأمل في قلبيهما، وتكرس في الزواج والاستقرار، لا بل في الاستمتاع بالعيش، بحسب الرغبة التي عادة ما يدفنها الإنسان لعدم سماح ظروف الحياة بتحقيقها. هذه الظروف نفسها هي التي ستفسد صورة هذا الحب. وهنا تطرح الرواية قضية إنسانية أخرى ليس من السهل التعامل معها. إنها تضع الإنسان أمام مرآة لا ترحم، يقف أمامها وكأنه لا يستطيع مغادرة النظر إلى ذاته التي يحاول إقناعها بما لا تقدر عليه. إنه طلب الموت الذي يرجوه إنسان آخر منك، فمن تكون عندها القاتل أم المخلّص؟ وكيف ستعيش صراع القيم والمشاعر بعد الرحيل الذي أنجزته أنت؟ وهل طلب الموت حقّ يطلبه إنسان من إنسان آخر؟ هل هناك موت رحيم؟». تمنح رواية «الحق في الرحيل» قارئها متعة خاصة في سبر أغوار الثقافات وخصوصياتها عبر الأماكن والشخوص وحاسة الذوق، حيث تمتزج الثقافة العربية بالأمازيغية والآسيوية بالأوروبية. كما تتيح له السفر في أعماق النفس البشرية من خلال تتبع العلاقات والغوص في مكونات العواطف الحبلى بالأحاسيس الإنسانية والأفعال وردود الأفعال والمواقف». وتعتبر فاتحة مرشيد، من بين الأصوات الشعرية والروائية المغربية الأكثر حضورا . وقد صدر لها ست دواوين شعرية، آخرها: «مالم يقل بيننا»، الحاصل على جائزة المغرب للشعر، وثلاث روايات: «لحظات لا غير»، «مخالب المتعة»، و«الملهمات». ونقتطف من الرواية من الصفحة التاسعة إلى الصفحة الثانية عشرة التالي: من الصّعب جدا أن أكتب عنها.. ومن المستحيل ألاّ أفعل. هي التي تمنّت أن تقرأ لي يوما كتابا موقعا باسمي، ها أنا أقرّر بعد فوات الأوان أن أفعل، وكأن لا بدّ للكتابة من موت حتى تتحرر من سجنها. كتبتُ عشرات الكتب ليوقعها مشاهير من نجوم ورجال سياسة ورجال أعمال.. كنت «الكاتب الشبح» أو «العبد» لذوي المال. هل كنت أكتب لأجل المال؟ قطعا لا. أنا عاشق للكتابة ولكن، هناك شيء غامض كان يحول بيني وبين العلاقة المباشرة معها. كانت تلزمني دوما ستارة أتوارى خلفها حتى أرى وأكتب ما يوجد وراء النافذة. مثل ذاك الرنّاء أستمتع بالنظر، كتابةً، إلى حيوات أخرى بكثير من الحياد متحاشيا التغلغل في أعماق حياتي الخاصة. أو ربما كانت تلزمني موت فقط، لأننا «مثل الجوزة لا بد من كسرها لتُكتشف»، على حد قول خليل جبران. أهو موتها ما حرر الكلمات بداخلي؟ أم هو حلولي بدهليز الموت؟ وهل هناك من فرق بينهما وقد فقدت نفسي بفقدها؟ لا أعلم. كل ما أعلمه، أو بالأصح ما أستشعره، هو أن كل عفاريت العالم الخارجي لا تعنيني، وحدها عفاريتي الداخلية تحركني الآن.. تجبرني على الكتابة وتعصر أحشائي كما نعصر حبات الزيتون لنستخلص زيتها. أنا الذي بزيت حبي لها أشعلت الحرائق. أهو تكفيرٌ عن ذنب اقترفته في حقها؟ أم اعترافٌ بذنب اقترفته في حقي؟ وكيف أكتب الآن والشخص الوحيد الذي أكتب من أجله لن يقرأني؟ لست خائفا، ولا حزينا. أتمنى فقط أن «يأتي الموت وتكون له عيناها» كما كتب سزار بافيس قبل أن ينتحر. كان بإمكاني أنا أيضا أن انتحر على أن أنتظر موعد إعدامي. لكنني مصر على أن أقول كلمتي قبل أن أرحل. ترتفع أصواتُ الحقوقيين أمام باب السجن مطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب ليكون أول بلد عربي يحترم الحق في الحياة. كنت دائما أعجب في الأفلام الأميركية من ذاك الذي يتقدم من المحكوم بالإعدام بضع ساعات قبل النهاية ليسأله: «ماذا تريد أن تأكل؟ اطلب ما شئت فكل رغباتك ملباة.» أية رغبة بإمكانها أن تصد الموت عمّن صدر في حقه حكم كهذا؟ وكيف لفم تصطك عضلات فكه من الرعب أن يستلذ الطعام؟ يفقد الإنسان ذكاءه أمام المواقف الحرجة، لأنه لم يخلق لكي يحسم أمورا . لا يوجد على وجه الأرض إنسان نقي بما يكفي ليصدر حكما بالموت على آخر. كلنا خطاؤون، ولهذا كلنا نتلعثم عندما نصدر أحكاما، لأن أحكامنا لا يمكن أن تكون نزيهة على نحو مطلق، لأنها ببساطة تصدر عن نقيض للكمال: الإنسان. تتعالى أصوات المناضلين خارجا. أنا معهم بالطبع. لكنني وإن كنت ضد الحكم بالإعدام بصفة عامة، إلا أنني اليوم مع إعدامي الخاص. أود أن أكون آخر المعدومين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©