الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما-جينتاو... أجندة مقترحة لقمة G2

أوباما-جينتاو... أجندة مقترحة لقمة G2
9 نوفمبر 2009 23:19
زكاري كرابيل رئيس منظمة «ريفير توايس» للأبحاث ومؤلف كتاب «الاندماج الهائل: كيف أصبحت الصين وأميركا اقتصاداً واحداً» حين يجلس الرئيس أوباما هذا الأسبوع مع نظيره الصيني "هوجينتاو" في "القاعة الشعبية الكبيرة" في بكين، يتوقع أن تغطي المحادثات الثنائية بينهما مجموع المواضيع التي تدور حولها العلاقات الأميركية- الصينية: تسيير دواليب الاقتصاد العالمي، والخلافات حول العملة والتجارة، والتغير المناخي، وقمة كوبنهاجن القادمة، وبالطبع المسألة التايوانية. وكما نلاحظ فإن جميع هذه الموضوعات مهمة، غير أنه يمكن التنبؤ بها مسبقاً. والحقيقة أن الاندماج الهائل الذي حدث بين هذين الاقتصادين العملاقين يتطلب قدراً أكبر من الجرأة في التعامل معه. ذلك أن مجموعة من العوامل ساهمت في إحداث تحول كبير في العلاقات بين الدولتين، منها على سبيل المثال: عائدات التجارة السنوية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وضخامة القروض والاستثمارات البالغة تريليونات من الدولارات، فضلاً عما يقارب العقدين من اندماج اقتصادي البلدين. إلى ذلك لم تفعل الأزمة المالية التي ضربت العالم كله في العام الماضي سوى زيادة اعتماد اقتصادي الدولتين على بعضهما بعضاً. وعليه فإنه لا جدوى تذكر من مجرد عقد قمة ثنائية عادية بين الرئيسين. وفيما يلي بعض الأفكار والمقترحات الأساسية لما ينبغي لهما التحدث عنه. وأول هذه المقترحات: أنه قد حان الوقت لإنشاء بنك مركزي مشترك بين البلدين. وليس متوقعاً لهذا البنك أن ينشأ بين عشية وضحاها بالطبع، غير أن الخطوات العملية لإنشائه قد بدأت فعلياً. ويلاحظ هنا أن تدفقات القروض ورؤوس الأموال أعاقت قدرة البنك الاحتياطي الفيدرالي على تحديد أسعار الفائدة والسياسات المالية منفرداً. فمنذ عام 2001 رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي معدلات أسعار الفائدة قصيرة الأجل من نسبة 1 في المئة إلى 5 في المئة، ثم خفضها إلى درجة الصفر. وعلى رغم ذلك ظل متوسط معدل الفائدة وفقاً لأوراق الخزانة خلال العشر سنوات الماضية منخفضاً نوعاً ما، إذ تراوح بين 3.5-4.5 في المئة، مع العلم أن هذا المعدل حددته قوى السوق والمشتريات الصينية في الأساس. صحيح أن للبنوك المركزية أهميتها إلى اليوم، غير أن قدرتها على تنظيم السوق المالي تظل محدودة إلى درجة كبيرة بسبب تدفقات رؤوس الأموال وتزايد الاعتماد الاقتصادي. وهنا تتزايد أهمية إنشاء بنك مركزي أميركي- صيني مشترك. ثانياً: أهمية التخلي عن تمسكنا بحقوق الملكية الفكرية. فمن الملاحظ أن أميركا تستغرق وقتاً كبيراً جداً في تطبيق الإجراءات ضد انتهاكات الصين لبراءات الاختراع وغيرها من الملكيات الفكرية الأخرى. غير أن الاستثمارات الأميركية الناجحة في الصين، أدركت منذ فترة أن محاولة حماية الملكية الفكرية ليست سوى مضيعة للوقت والجهد، وأن الأجدى لها من تلك المحاولات هو أن تزيد من استثماراتها في مجالي البحث وتطوير المنتجات الجديدة. والحقيقة أن الشركات الصينية تبرع كثيراً في استنساخ المنتجات والصناعات، أكثر من ابتكارها. وعليه أدركت الشركات المستثمرة في الصين أن الطريق إلى تحقيق المزيد من النجاح الاستثماري هناك، ليس المحاكم والدعاوى القضائية، وإنما هو الابتكار. وعلينا أن نتذكر أن الشراكات الاستثمارية التي تبرم بين الشركات الصينية والأميركية عادة ما تنص على تنازل الشركات الأميركية عن نسبة معينة من حقوق ملكيتها للمنتج المعين. وكلما كان التنازل أكبر كلما كانت الصفقة أكثر نجاحاً. وعلى الحكومة الأميركية أن تتعلم من تجارب هذه الشركات. ثالثاً: فتح منافذ أوسع للصين في السوق الأميركية. فكلما ازدادت الصين غنى وقويت عملتها الوطنية، كلما ازدادت رغبتها في شراء المزيد من المنتجات، لاسيما من الأسواق الأميركية. ولكن كلما سعت الصين لشراء شركات التقنية مثل 3Com أو شركات الموارد مثل Unocal كلما واجهت ترسانة من القيود الحكومية الأميركية على مشتريات التكنولوجيا ثنائية الاستخدام وغيرها من عوائق الأمن القومي الأخرى. غير أن إحدى الوسائل المهمة التي يمكن بها استعادة بعض الأموال التي صدرتها الولايات المتحدة إلى الصين، هي زيادة مبيعات الأصول الأميركية لها. رابعاً: قضايا البيئة والتغير المناخي. من المعروف عن الصين وأميركا أنهما الدولتان الأكبر مساهمة في انبعاثات الغاز المسببة للتغير المناخي. ولن تكون للجهود الدولية المبذولة للحد من خطر التغير المناخي أية قيمة تذكر ما لم تتعاون أميركا والصين على خفض انبعاثاتهما. ومن جانبها تطالب بكين واشنطن بتحمل المسؤولية عن انبعاثات الشركات الأميركية العاملة في الصين، بينما تطالب واشنطن بكين بالحد من معدلات استهلاكها للفحم الحجري، مقابل مطالبة بكين لها بدعم تكلفة هذا الخفض. والسبيل الوحيد لحل هذه المشكلات المتداخلة هو توصل الدولتين إلى اتفاقيات ثنائية إلى جانب العمل على بلورة سياسات مناخية مشتركة بينهما. خامساً وأخيراً: على واشنطن التخلي عن عقليتها العسكرية القديمة. فقد ربطت اليابان وتايوان مستقبلهما بالصين، ما يجعل من استمرار نشر الأسطول الأميركي السابع في اليابان أمراً عديم الجدوى ومثيراً للاستفزاز مثلما هو حال استمرار بقاء القوات والقواعد الأميركية في ألمانيا عقب سقوط جدار برلين. وعلى أوباما و"هوجينتاو" أن يتفقا على أن اليابان قادرة على تولي أمر دفاعها بنفسها، في حين لم تعد تايوان منطقة للنزاع والمواجهة مثلما كانت عليه في حقبة الحرب الباردة. فهي الآن أكثر قرباً من هونج كونج، من ناحية كونها أكثر استقلالاً ذاتياً واختلافاً وانفتاحاً... وبالطبع أكثر ارتباطاً ببكين. وربما تبدو هذه المقترحات غير واقعية ولا سبيل لتحقيقها. غير أن لها سابقة تاريخية في تجربة الاتحاد الأوروبي. فقد كان من رأي دبلوماسي بريطاني عندما اقترحت معاهدة الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى في عام 1957 أنها مستحيلة وليس هناك من سيوقع عليها. وسيظل تطبيقها مستحيلاً حتى إذا ما تم التوقيع عليها. وها هم الأوروبيون وقد أدركوا أهمية تقديم بعض التنازلات الوطنية من أجل تحقيق المزيد من الاستقرار والأمن والرفاه الأوروبي. وفي صعود الاقتصاد الصيني ما يوفر فرصة لأميركا لتقديم تنازلات مشابهة لتلك التي قدمها الأوروبيون. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©