الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية وفخ المحادثات السداسية

16 ابريل 2011 21:02
بعد مضي عامين على تولي إدارة أوباما، وبعد تفجير سلاح نووي، وإجراء تجارب على صواريخ باليستية بعيدة المدى، وقتل عشرات من البحارة الكوريين الجنوبيين في هجوم بالطوربيد لم يسبقه استفزاز على سفينة حربية كورية جنوبية، وكشف النقاب عن وجود منشأة لتخصيب اليورانيوم كانت قد أنكرت وجودها طويلاً، وقتل مدنيين كوريين جنوبيين في هجوم تم في وضح النهار وحظي بتغطية إعلامية عالمية، قررت بيونج يانج أخيراً العودة إلى مائدة المفاوضات السداسية. بدعم من الصين، تقوم كوريا الشمالية في الوقت الراهن بحملة نشطة لجر الولايات المتحدة إلى جولة أخرى من جولات"المحادثات السداسية الأطراف"، وهي تلك المداولات المتعددة الأطراف بشأن تفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي التي عقدت أولى جلساتها عام 2003. والمسؤولون الأميركيون يبدون استعداداً متزايداً للتجاوب مع الحملة الكورية حيث من المقرر أن تقوم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بزيارة لكوريا الجنوبية نهاية الأسبوع الحالي لاختبار الأجواء على ما يفترض مع ذلك الحليف الأميركي حول إمكانية إعادة الاشتباك مع الشمال. يخطئ فريق إدارة أوباما، إذا كان يتوقع فعلاً إمكانية التوصل لتسوية لبعض من خلافات بلاده العديدة مع الشمال حيث لا تبدي بيونج يانج أي استعداد للتصالح مع واشنطن، بل إن هناك العديد من الدلائل على أن نظام هذه الدولة ينوي استخدام الجولة الجديدة من المباحثات للحصول على تصديق على وضعها كدولة نووية دائمة، وللضغط من أجل الحصول على تنازلات استراتيجية مذهلة من واشنطن. وقد أوضحت بيونج يانج نواياها بجلاء خلال اجتماعات استغرقت ثلاثة أيام في ألمانيا بين وفد عسكري كوري شمالي ومجموعة غير رسمية أميركية كنت واحداً من أعضائها. في تلك الاجتماعات فصلّ المسؤولون الكوريون موقف بلادهم تجاه كل موضوع من الموضوعات الرئيسية الذين يرغبون في مناقشتها مع واشنطن، كما أوضحوا كثيراً من الصياغات، التي ترد في بياناتهم الرسمية والتي تبدو غامضة على الأذن الأميركية. فتعبير" نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية" يعني ليس فقط التخلص من الأسلحة النووية الموجودة في كوريا الشمالية، وإنما أيضاً تلك التي يحتفظ بها الأميركيون في القواعد العسكرية الأميركية في كوريا الجنوبية، وكذلك في القواعد العسكرية التابعة لتلك الدولة. أما ما تقصده بيونج يانج بـ" سياسة الولايات المتحدة العدوانية" وهي عبارة تعتبر محوراً أساسياً في أيديولوجية وخطاب النظام، فهو أن القيادة الكورية الشمالية لن تشعر بالاطمئنان إلا إذا تم التخلص من الأسلحة النووية الأميركية الموجودة في أي مكان بالقرب من شبه الجزيرة الكورية، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تتخلص مع حلفها الدفاعي مع اليابان حسبما يرى الكوريون الشماليون. ما يمكن فهمه من خلال ذلك أن مسألة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية لن تكون من ضمن المسائل المطروحة على الطاولة، وسوف يكون طرحها في تلك المحادثات على النحو التالي: أن كوريا الشمالية تعتبر نفسها ويجب على الآخرين أن يعتبروا أنها دولة نووية قدمت بالفعل من المؤشرات ما يفيد بأنها سوف تستمر في مراكمة ترسانة نووية إلى أن يتم تنفيذ مفهوم بيونج يانج لـ"نزع السلاح النووي" ويصبح قابلاً للاعتراف. يعني ذلك أيضاً من وجهة النظر الكورية الشمالية إنه حتى إذا تم التطرق لهذا الموضوع فإن الحديث سيكون حول إجراء خفض متبادل في الأسلحة يتم على قدم المساواة بين دولتين نوويتين في نقطة معينة من المستقبل. لن يقتصر التشدد الكوري الشمالي على هذا الموضوع فحسب، إذ يتوقع أن يتبنى النظام موقفاً متشدداً لأقصى مدى في كافة الموضوعات المطروحة على بساط البحث في المحادثات السداسية. فبالنسبة لمنشأة تخصيب اليورانيوم سوف يصر على أنها ليست سوى مشروع لتخصيب الذرة للأغراض السلمية وهو أمر مسموح به وفقاً للاتفاقات السابقة التي تمخضت عن المحادثات السداسية. ويمكن خلال تلك المفاوضات أن تعلن بيونج يانج ـ على سبيل التفضل من جانبها ـ أنها ستوقف مؤقتاً عملية تخصيب اليورانيوم بالكميات والدرجة التي تسمح بإنتاج سلاح نووي على أن يتم ذلك" نظير مقابل مناسب". أما بالنسبة لـمسائل "التعاون الاقتصادي" الأخرى، فإن كوريا الشمالية ربما تتوقع الحصول على "علاوة توقيع" تقدر على الأقل بعشرة مليارات دولار(من اليابان نظير تطبيع العلاقات معها). وما الذي سيحدث بشأن كوريا الجنوبية؟ من ضمن الانتقادات المستمرة التي لا تكف بيونج يانج عن توجيهها لواشنطن، عدم اعتراف الأخيرة بالـ"تكامل الإقليمي" لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، الذي يعني وفقاً لدستورها ووفقاً لميثاق حزب الشعب الذي يقودها" شبه الجزيرة الكورية بالكامل". سوف يذهب البعض للقول بإن بيونج يانج لا تتوقع في الحقيقة أن تحصل على كل الأهداف المبالغ فيها التي أبرزتها تصريحاتها الرسمية ودبلوماسيوها وأنها ستقبل بما هو أقل منها كثيراً في نهاية المطاف. الذين يتبنون هذا الرأي عليهم أن يتذكروا أن كوريا الشمالية في الوقت الراهن في منتصف عملية توريث للحكم، لولي عهد لم يتم اختباره عملياً بعد، وبالتالي فإن عملية تعزيز مكانة القيادة الوريثة في تلك البلد لن يتم خدمتها من خلال منح التنازلات للدول التي تتفاوض معها كوريا الشمالية، لأن ذلك سوف يتم النظر إليه كعلامة ضعف لا كعلامة قوة من طرف عدو تاريخي (الولايات المتحدة). إن الاحتمال الأكبر هو أن ينظر نظام كوريا الشمالية إلى المحادثات السداسية على أنها وسيلة يمكن خلالها الحصول على منافع أكثر ـ غير مسبوقة ربما ـ لبلده الفقير. ذلك أن كوريا الشمالية وعلى الرغم من كافة نواحي الضعف التي تعاني منها تمتلك استراتيجية متماسكة ومتسقة لمفاوضاتها مع فرقائها. والمسؤولون الأميركيون من جانبهم، وقبل أن يجلسوا مع نظرائهم الكوريين الشماليين، ربما يحتاجون لأن يكونوا واثقين من قدرتهم على قول نفس الشيء. نيكولاس إيبرشتادت استاذ الاقتصاد السياسي في معهد أميركان انتربرايز ينشر بترتيب خاص مع خدمة « واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©