الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سُنة العراق... استياء من سياسات واشنطن

سُنة العراق... استياء من سياسات واشنطن
12 ابريل 2012
رغم المشاكل والصعوبات يعيش العراق في هذه الآونة فترة هي الأهدأ والأقل عنفاً خلال عقود طويلة، وذلك منذ انسحاب القوات الأميركية في شهر ديسمبر الماضي، وهو ما يعتبره بعض المسؤولين الأميركيين والعراقيين نجاحاً لسياسة أوباما في العراق، فالمخاوف السابقة التي حذرت من انهيار العراق بعد خروج أميركا لم تتحقق. ورغم استمرار "القاعدة" في تنفيذ بعض العمليات المثيرة لوسائل الإعلام، فإن حدتها ووتيرتها تبقى أقل بكثير مما كانت عليه، هذا فيما وصل ضخ النفط العراقي إلى مستويات قياسية منذ إعادة تأهيل حقول الجنوب. ويبدو كذلك أن العراق لم يرتم في أحضان إيران كما كان متوقعاً، بل عمل على اجتذاب جواره العربي مثلما دلت على ذلك القمة العربية الأخيرة التي استضافتها بغداد، لكن وبالنسبة للعديد من العراقيين فإن الهدوء الذي عم العراق طيلة الأشهر الأربعة الأخيرة جاء بكلفة عالية أخذت شكل السلوك الديكتاتوري المتزايد لرئيس الوزراء، نوري المالكي، فهذا الأخير، كما يقول بعض العراقيين، شرع في التحرك الحثيث لتعزيز قبضته على مؤسسات الدولة وقوات الأمن مع انصياع ظاهر لإدارة أوباما وعدم اعتراضها. ومنذ انسحاب القوات الأميركية من العراق في شهر ديسمبر الماضي مد المالكي قبضته لمواجهة خصومه السياسيين، وهو ما أثار اتهامات السُنة والأكراد بأنه مصمم على إقامة ديكتاتورية جديدة في العراق، فمن مذكرة الاعتقال التي صدرت بعد أيام قليلة فقط من مغادرة القوات الأميركية ضد نائب الرئيس السُني، طارق الهاشمي، إن الانتقادات التي وجهها مؤخراً إلى المنطقة الكردية في الشمال والتي رد عليها مسعود بارزاني بالتهديد بقطع العلاقات مع بغداد، كلها مؤشرات تذهب في اتجاه ميل المالكي إلى الديكتاتورية. وأمام الغضب الذي يبديه السُنة والأكراد إزاء جهود المالكي الرامية إلى إقصائهم من السلطة، توجه اتهامات مباشرة إلى الولايات المتحدة بأنها لا تقوم بما يلزم لكبح تجاوزات رئيس الوزراء، أو الضغط عليه لتنفيذ التزامات تقاسم السلطة التي تعهد باحترامها سابقاً، ورغم انخفاض مستويات العنف قياساً إلى الشهور والأعوام الماضية، يقول السُنة إنهم يعيشون في خوف دائم من أجهزة الأمن التي يسيطر عليها المالكي، كما أن العشرات- والبعض يقول المئات- من السُنة تم اعتقالهم في الأسابيع الأخيرة قبل انعقاد القمة العربية ببغداد وما زال العديد منهم قابعاً في السجون. وفيما يشتكي السُنة من تهميشهم في السلطة وإخراجهم من المشاركة في إدارة البلاد، يعبر الأكراد أيضاً عن استيائهم من تغول الحكومة المركزية مع ما يحمله ذلك من تداعيات سلبية على مستقبل الاستقرار في العراق. وعن الدور الأميركي في العراق الحالي، يقول علاء مكي، البرلماني العراقي من "كتلة العراقية" السُنية "ليست المشكلة في أن الأميركيين لا يقومون بشيء، بل في ضرورة قيامهم بالمزيد، فهدفهم المتمثل في عراق موحد وديمقراطي يواجه خطراً اليوم بسبب توجه المالكي نحو الديكتاتورية". ومن جانبه يرى "عمر مشهداني"، رئيس البرلمان العراقي السابق أن السفارة الأميركية في العراق التي تعتبر الأكبر في العالم، ما زالت تمارس نفوذاً كبيراً في العراق، قائلاً "لكن الأميركيين لا يستخدمون هذا النفوذ، إذ يبدو أنهم راضون عن المالكي، وهو بدوره حريص على عدم التأثير على مصالحهم". وقد تفاقمت المخاوف السُنية في الأسابيع الأخيرة بعد إعلان إدارة أوباما عن تعيين "بيرت ماجورك"، المحامي البالغ من العمر 38 سنة سفيراً أميركياً جديداً في العراق، رغم أنه ليس دبلوماسياً. وسبب اعتراض السُنة هو ارتباط اسم السفير الجديد الذي كان مستشاراً قانونياً في السفارة بقرار الإدارة الأميركية المثير للجدل في 2010 القاضي بدعم ترشيح المالكي باعتباره الخيار الأفضل للاستقرار في العراق، رغم أن كتلة "العراقية" التي يترأسها أياد علاوي فازت بهامش ضئيل من الأصوات على كتلة "دولة القانون". ومع أن السُنة تراجعوا عن تهديدهم بمقاطعة السفير الجديد في حال تعيينه، إلا أنهم أصروا على استيائهم من هذا التعيين الذي يعني في نظرهم استمرار الدعم الأميركي للأوضاع الحالية في العراق والوقوف إلى جانب حكومة المالكي، ويعبر عن هذا الاستياء البرلماني علاء مكي من "كتلة العراقية" قائلاً: "يشعر بعض قادة العراقية أن الخيار الأميركي يمثل تفضيلاً لاتجاه سياسي داخل العراق". لكن الإدارة الأميركية سعت من جانبها إلى الدفاع عن اختيارها "بيرت ماجورك" سفيراً لها في العراق، بحيث اعتبر المسؤولون أنه قادر على التأثير في المالكي بسبب العلاقة الوثيقة التي نسجها معه خلال مفاوضات 2008 حول وضع القوات الأميركية الذي بموجبه انسحبت أميركا من العراق، وأيضاً خلال المباحثات الفاشلة التي جرت خلال العام الماضي بشأن التمديد لعدد من القوات الأميركية في العراق... والأكثر من ذلك تقول الإدارة الأميركية إن السفير لم يكن وراء قرار الولايات المتحدة بدعم ترشح المالكي في 2010، بل كانت سياسة واشنطن. لكن وفيما يشتكي السُنة من تقاعس الولايات المتحدة عن القيام بدورها في العراق والضغط على المالكي لتغيير سياساته، يرى مشرعون آخرون من التحالف الحكومي غير ذلك، فخالد الأسدي، البرلماني من "حزب الدعوة" المرتبط بالمالكي، يرحب بعدم الضغط الأميركي على الحكومة موضحاً ذلك بقوله "جميع أنواع التدخل الأميركي في العراق قد انتهت، لم يعودوا يتدخلون في شؤوننا، وهم لا يضغطون بل ينصحون ونحن لنا كامل الصلاحية كأصدقاء في تقييم النصيحة والإصغاء إليها إذا كانت لا تتعارض مع المصالح العراقية". لكن رغم إصرار المسؤولين الأميركيين على أن نفوذهم ما زال قائماً داخل العراق حتى بعد انسحاب القوات الأميركية يرى بعض الخبراء ومنهم "كينث بولاك" من مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز أن النفوذ الأميركي تراجع بشكل واضح في العراق، وأن الإدارة الأميركية أضاعت رصيدها عندما فشلت في تأمين بقاء قوات أميركية للتدريب والإسناد العسكري بعد انسحابها. ليز سلاي - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©