الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلات معسكر السلام

18 يونيو 2010 21:29
ليس من السهل أن تولد لاجئاً، ليس فقط بعيداً عن وطنك وأرضك وإنما كذلك بعيداً عن هدف آمالك وأحلامك. ليس من السهل أن تكون مواطناً فقط في بلد الألم، حيث يقف كل شيء حولك عائقاً أمام نموّك كمخلوق بشري طبيعي. ذلك هو الواقع الذي ولدتُ فيه. أدّت بي معاناتي في بداية حياتي إلى أن أسعى لتحقيق الحرية من خلال المقاومة العنفية. هكذا وجدت نفسي أقضي أربع سنوات في سجن إسرائيلي. بعد سنوات قليلة، أدى بي سعيي إلى الحرية لأن أدعم اتفاقيات أوسلو، التي كنت آمل، مثلي مثل معظم الفلسطينيين، أن تمكّنني من استبدال هويتي كمقاوِم بهوية المواطن الجديدة، مع إنشاء دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. لسوء الحظ، لم يتحقق هذا الحلم لأسباب عديدة، وعندما بدأت الانتفاضة الثانية، سنة 2000، دمرت شيئاً كان أهم من ذلك الحلم بالنسبة لي: قتل أخي يوسف البالغ من العمر 32 سنة على يدي جندي إسرائيلي في الضفة الغربية بينما كنت أنا في المستشفى في السعودية أتعافى من جرح أصابني به مستوطن إسرائيلي. اضطررت وقتها للتوقف وتقييم خيارين اثنين: الثأر أو الأمل المتجدد؟ كان الخيار بين التأكيد على أنني كنت على حق ومبرراً من ناحية أو ناجح في تحقيق أحلامي بالحرية من ناحية أخرى. كان ذلك أصعب قرار أتخذه في حياتي. احتجت لسنة كاملة قبل أن أقرر، اخترت أن أحطّم الألم بدلاً من أن أتركه يحطمني، هكذا وجدت نفسي في معسكر السلام - مكان لم أكن أتوقع أن أجد نفسي به في يوم من الأيام. ولكن رغم نواحيه الحسنة، هناك العديد من المشاكل التي ما زال معسكر السلام يبلى بها، ويجب إصلاحها إذا أردنا أن نحقق فرقاً. أولها وقبل كل شيء انعدام التفاهم تجاه الآخر وسرده وثقافته وتاريخه واحتياجاته. ولهذا السبب، يجب أن تواكب برامج التسوية الحلول السلمية. ثانيها غياب إستراتيجية شاملة داخل معسكر السلام والنزعة للرد على الأحداث بدلاً من مباشرة عمل ما بشكل إيجابي. ثالثها أننا نتعامل مع طرفين غير متساويين، ولن تنجح الأدوات نفسها داخل المجتمعين. فالمواطن الإسرائيلي سيد نفسه تحت حكم القانون. ولكن الفلسطينيين لم يصلوا هذه الدرجة من المواطَنة بعد، ولا يخططون للمستقبل بأسلوب حرّ وعقلية منفتحة وأسلوب موجّه نحو النجاح، إما بسبب الاحتلال أو درجة السيطرة التي تملكها الأحزاب السياسية الفلسطينية على الناس العاديين. يتوجب على معسكر السلام المشترك أن يأخذ بالاعتبار المعاني الضمنية لواقعنا اليومي. أما المشكلة الرابعة، فهي أن بإمكان المبادرات السياسية المختلفة، الإقليمية والعالمية أن تحوّل المنطقة بسهولة إلى بازار من السياسات والأيديولوجيات المختلفة. وتظهر هذه التوجهات في قدرات بعض المنظمات غير الحكومية الكامنة على توجيه عملهم نحو محاباة المجتمع الدولي بدلاً من التركيز على الجذور. والمشكلة الخامسة، تتمثل في مشاكل عملية إجراء الحوار، فالحوار هو فن الوصول إلى الحقيقة وليس فن إدانة الآخر. ليس هو عداء حول من هو الضحية. إضافة إلى ذلك، يجب عدم تحويل الحوار بميزانيات كبيرة وإجراؤه في فنادق خمسة نجوم. عندما يتم الحوار في هذه الأماكن، فمن المحتمل أن يفشل في العالم الحقيقي، حيث إنه يتجاهل الطبيعة الحقيقية لواقع المشاركين اليومي. وأخيراً، يتعرض معسكر السلام لضغط هائل من كلا الشعبين. على الناحية الفلسطينية بالذات، يُتهم هذا المعسكر بشكل متكرر إما بالتطبيع، من خلال قيامه بمقابلة الطرف الآخر أو بالضعف بسبب عدم قيامه بعمل عسكري أو مواجهة العنف. وعلى الجانب الإسرائيلي، يواجه معسكر السلام اتهامات مماثلة؛ لأنه لا يتعامل مع العنف بأسلوب مناسب. يجب إيجاد حركة عامة على مستوى الجذور لتجنب هذه المطبّات، وينبغي أن تكون الخطوة المقبلة جمع ناشطين فلسطينيين وإسرائيليين من القيادات الطلابية والمنظمات غير الحكومية تحت مظلة تشكل حركة لبحث أساليب عملية للتغلب على المشاكل التي تواجه معسكر السلام. لن نستطيع في غياب مراجعة شاملة لهذا الوضع من قبل اللاعبين المشاركين كافة الاستمرار قدماً وتحقيق التغيير. علي أبو عواد ناشط فلسطيني للسلام من خلال اللاعنف ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©