الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

?الإسلام? ?يدعو إلى? ?العمل وينبذ التسول? ?

?الإسلام? ?يدعو إلى? ?العمل وينبذ التسول? ?
24 ابريل 2014 20:55
الإسلام دين يُقَدِّس العمل ويدعو إليه، لأن العمل هو عصب الحياة وسبيل التقدم وطريق العزة والفلاح، لهذا فقد أمر الله عباده بالعمل وحثهم عليه، فقال سبحانه وتعالى: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، (سورة التوبة الآية 105). يوافق يوم الخميس القادم الأول من شهر مايو «أيار»، ذكرى يوم العمال العالمي، تكريماً للعامل، وتخليداً لثورة العمال في أميركا عام 1887م، حيث كانوا مستعبدين، حقوقهم منقوصة ومهضومة، وظروف عملهم سيئة، وأجورهم زهيدة. ومن المعلوم أن الإسلام يأمرنا بأن نطبق إيماننا عملاً وسلوكاً، حيث إن آيات القرآن الكريم التي تحثنا على الإيمان جاءت تحثنا بعده مباشرة على العمل، والتي تذكر وصف الإيمان فإنها تذكر بعده العمل وتبين جزاء العاملين المخلصين، فالإيمان والعمل الصالح متلازمان، والمؤمن لا يعمل إلا صالحا، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً)، (سورة الكهف الآية 107)، ولكي يفوز المسلم بالجنة لابدَّ وأن يسلك سبيل الصلاح في تصرفاته وأعماله كلها، ومن الجدير بالذكر أن الإسلام قد صان حقوق العمال قبل أن تجعل الدول المعاصرة للعمال يومًا يحتفلون به، وقبل أن تقوم المنظمات الدولية بالمطالبة بحقوقهم، فقد قام ديننا الإسلامي بذلك قبل أربعة عشر قرناً، حيث أعطى توجيهاته للأمة بضرورة العمل والحرص على صون حقوق العمال والعاملين، فالإسلام يطالب أبناءه بالمحافظة على أوطانهم وتطوير مجتمعاتهم كي تكون أفضل المجتمعات وأجدر بالحياة وأقدر على النجاح، وكل ما يعين على ذلك فهو واجب، وكما يقول علماء الأصول: «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب»، فالإسلام يحث على العمل وَيُرَغِّب فيه، كما قال رسولنا – صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) (أخرجه البخاري). إن العمل في الإسلام لا ينحصر في العبادات الروحية فقط، بل يشمل كل سعي مفيد وعمل مثمر يعود على البشرية بالفائدة الدنيوية والأخروية، فقد حثَّ الإسلام أبناءه على العمل والسعي والكدّ في سبيل تحصيل معاشهم، وحذَّرهم من السلبية والانزواء عن معترك الحياة، فقال سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، (سورة الملك الآية 15)، فالمسلم منذ صلاة الفجر إلى أن يدركه النوم يتحرك في ضروب الحياة ليعلي كلمة الحق والعدل. الإسلام يحارب التسول حذر ديننا الإسلامي من انتشار ظاهرة التسول، فمن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر، كما جاء في الحديث الشريف: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (... وَلا فَتَحَ عَبْدٌ بابَ مَسأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بابَ فَقْرٍ)، (أخرجه أحمد والترمذي)، ومن المعلوم أن الإسلام نهانا عن التسول وأمرنا بالابتعاد عنه، كما جاء في الحديث عن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما -قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (لا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) (أخرجه البخاري)، كما وجاء في حديث آخر عن الزبير بن العوام –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ) (أخرجه البخاري) مكانة العامل أنظر أيها العامل الكريم إلى منزلتك الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث، أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ) (أخرجه البخاري). فالإسلام يعتبر العمل شرفًا، فهذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول في شابٍ خرج يبغي قوته كما جاء في الحديث عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ : لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”) إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّه، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ) (أخرجه الطبراني). وعندما نقرأ سِيَرَ الأنبياء الكرام –عليهم الصلاة والسلام- نزداد إيماناً بقيمة العمل وإدراكاً لمنزلة العاملين، فالأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- كانوا يعملون، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر أن سيدنا داود -عليه الصلاة والسلام- كان حداداً، وسيدنا نوح -عليه الصلاة والسلام- كان نجاراً، وسيدنا موسى -عليه الصلاة والسلام- كان راعياً للغنم، وكذلك كان سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-. ولقد اقتدى الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- برسولهم الكريم- صلى الله عليه وسلم -، فلم يركنوا إلى الكسل أو يقعدوا عن طلب الرزق، بل كانوا جميعاً يعملون، فقد كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- تاجر قماش، وكان الزبير بن العوام - رضي الله عنه- خياطاً. الأمة الإسلامية.. والعمل إن الأمة الإسلامية – بفضل الله سبحانه وتعالى- تملك من خيرات الله الشيء الكثير، حيث تملك الأرض الخصبة في السهول والوديان، وتملك الجبال والهضاب، وتملك البحار والبحيرات والأنهار العظام، وتملك العيون والآبار، وتملك مخزوناً كبيراً من المياه الجوفية، وتملك معظم المعادن التي يحتاجها العالم المعاصر، وتملك أكبر مخزون في العالم من النفط، كما أنها تملك أيضاً الأموال والسوق والعقول المفكرة والأيدي العاملة. لذلك يجب على الأمة الإسلامية أن تستغل أوقاتها أحسن الاستغلال في الخير، وفي المخترعات العلمية التي تعود بالنفع على أبنائها، وفي سبيل النهوض الحضاري والتقدم العلمي. لقد اغتنم رسولنا- صلى الله عليه وسلم - كل لحظة من حياته، وعلَّم أصحابه ذلك، فما مضى قرن من الزمان حتى دخل الناس في دين الله أفواجًا بفضل الله أولاً، ثم بجهدهم وعملهم وإخلاصهم. إنَّ أجدادنا استغلوا أعمارهم في الخير، فكانوا العلماء النابغين الأفذاذ، الذين تتلمذ على أيديهم أهل الشرق والغرب في شتى المجالات. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©