الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرشوة.. أسهل الطرق لإنجاز المعاملات في لبنان

الرشوة.. أسهل الطرق لإنجاز المعاملات في لبنان
18 يونيو 2010 20:40
استخدام الرشوة من أجل تسهيل أمور العيش والعمل ظاهرة رائجة في لبنان، وتنفع في كل مكان: للحصول على رخصة بناء أو رخصة قيادة لتسريع معاملة لغض النظر عن مخالفة للتهرب من دفع الضرائب أو للحصول على وظيفة. ويروي ايلي المهندس المعماري الناجح أنه مضطر في كل مرة يبدأ مشروعاً جديداً إلى توزيع مغلفات “اسبيرين” أو “بنادول”، وهو الاسم الذي يطلق في محيطه على الرشوة المقدمة إلى الموظفين والمسؤولين الذين يفترض أن يوقعوا المعاملات الخاصة بالمشروع. ويقول ايلي رافضاً الكشف عن اسم عائلته “نحتاج إلى الكثير من البنادول لتوزيعه على موظفي البلديات والقوى الامنية والمفتشين وكل من هو معني بالمشروع لنتمكن من المضي قدماً في البناء”. وأضاف: “في حال عدم القيام بذلك، يجدون أعذاراً لتأخير المشروع لأشهر أن لم يكن لسنوات”. وأوضح أن “كمية البنادول الموزعة مرتبطة بحجم المشروع وموقعه الجغرافي ودرجة المسؤولين الذين يحصلون على الرشوة”. وتصنف منظمة “ترانسبارنسي انترناشونال” غير الحكومية التي تتخذ من برلين مقرا، لبنان كإحدى اكثر الدول فساداً في العالم، وهي يحتل المرتبة 130 مع نيجيريا وليبيا، بين 180 دولة تناولها تقرير المنظمة لهذا العام. وفي العالم العربي، يحتل لبنان المرتبة 14 بين عشرين دولة من حيث انتشار الفساد. ويزيد من صعوبة ضبط الفساد، النظام اللبناني القائم على المحاصصة الطائفية مما يعطي زعماء الطوائف نفوذاً حتى ضمن إدارات الدولة، لا سيما في ضوء توزيع الوظائف على أساس طائفي وسياسي أكثر منه على أساس الكفاءة والقدرات. والسؤال الطبيعي عندما يتحدث شخص ما عن رغبته بالتقدم إلى وظيفة في الدولة يكون إجمالاً: “هل انت مدعوم؟” أو “هل عندك واسطة؟”. وجاء في تقرير “ترانسبارنسي انترناشونال” أن “الفساد في لبنان موجود على كل المستويات في المجتمع والدولة، وهو يشمل المحسوبية والمحاباة وشراء الأصوات واستخدام النفوذ”. وساهمت في انتشار الفساد على هذا النطاق الواسع الأزمات السياسية المتعاقبة، إضافة إلى تخاذل العائلات السياسية والأحزاب الموجودة في السلطة عن القيام بأي شيء لتغيير واقع تستفيد منه. وتقول المستشارة القانونية جينا شماس مراد التي عملت سابقاً في القطاع العام “الفساد يبدأ من أعلى المستويات في الحكم، وهو يزداد سوءاً يوماً بعد يوم”. ولا يتردد السياسيون اللبنانيون في الإقرار بالواقع. فقد أعلن وزير البيئة محمد رحال في تصريح صحفي أن “هناك موظفين داخل الدولة يتقاضون الرشاوى من أجل حماية الكسارات”، في إشارة إلى كسارات لاستخراج الحصى والرمال في جبال لبنانية تشوه البيئة وتقضي على المساحات الخضراء. كما لم يتردد النائب وليد جنبلاط في مقابلة تلفزيونية في القول إن “ضباطاً مسؤولين عن الأمن يتقاضون الرشى لحماية مخالفات ولا أحد يستطيع أن يحاسبهم”، مضيفاً “مثلاً ضباط محسوبون على وليد جنبلاط حتى لا أتكلم عن غيري، لا أحد يتجرأ على المس بهم”. وتقول جينا مراد إن استشراء الفساد انعكس غياباً للثقة في النظام وانهياراً لهيبة القانون. ويروي الطالب الجامعي جورج (22 عاماً) أنه حصل على رخصة قيادته من دون أن يقدم امتحاناً، وأنه تمكن أخيراً من الإفلات من “مخالفة كان شرطي يريد تحريرها في حقي بعد أن أخبرته أن “والدي مسؤول في جهاز أمني”، علماً أن الأمر ليس كذلك. ويؤكد رامي وهو مهندس كهربائي لديه التزامات في لبنان والخارج أن “المغلفات تصل إلى الموظف العادي في الوزارة إلى المدير”. ويضيف “في كل موازنة مشروع علينا أن نلحظ مبالغ للرشى وإلا تضيع الأوراق بين مكاتب الإدارة ولا يتم إنجاز شيء”. ويوضح رامي أنه يعرف أن الوقت حان للدفع عندما يتلقى اتصالاً هاتفياً من موظف يدعوه إلى “تناول فنجان قهوة”، مضيفاً “عندها اعرف أن المغلف يجب أن يكون جاهزاً”. ويقول إن ثلاثين دولاراً يتم دسها إلى موظف تحرك الملف. “وقد يصل المبلغ، اذا كان الموظف أعلى، إلى آلفي دولار”. ورغم فداحة المشكلة لم تثمر محاولات اصلاح الوضع التي قام بها بعض المسؤولين والإدارات خلال السنوات الأخيرة حتى الآن في المعالجة. وتقول وزيرة المال ريا الحسن “نحتاج إلى تغيير ذهنية جميع اللبنانيين، وليس فقط إلقاء اللوم على الإدارة”. وتؤكد أن إحدى الخطوات الأساسية لمكافحة الفساد تتمثل في مكننة كل مؤسسات الدولة، لتتم كل المعاملات إلكترونياً، ما يقلل من إمكانات التزوير. ويقول رئيس الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية فادي صعب “نحتاج إلى مقاربة تبدأ من الأسفل إلى أعلى، إلى تحضير الأرض وإلى تكوين خلفية تقوم على أن القوانين تطبق على الجميع”.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©