الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء دين: التسامح منهج إسلامي وخلق عظيم

علماء دين: التسامح منهج إسلامي وخلق عظيم
4 أغسطس 2016 23:32
حسام محمد (القاهرة) انتشر كثير من الخلافات بين الناس، وغالباً تبدأ خفيفة في الرأي وتتحول سريعاً إلى خلافات حادة يقاطع بعضهم بعضاً دون سبب واضح، وفي ظل التعاملات اليومية لا يصبر أحدنا على تصرف خاطئ من الطرف الآخر حتى لو كان من دون قصد، مما يوغر الصدور، رغم أننا لو قمنا بتفعيل قيمة التسامح الإسلامية لاختفت تلك الخلافات وهو خير علاج لكل من يسيء، وفضيلة تربوية لعلاج الخلاف. الإمارات قدوة بدايةً أشاد الدكتور أحمد عمر هاشم، أستاذ الحديث بجامعة الأزهر عضو هيئة كبار العلماء، بدولة الإمارات كإحدى الدول التي أوْلَت ثقافة التسامح أهمية كبيرة ونجحت في ترسيخها في المجتمع كله بحيث أصبح كل من يحيا على أرضها يتصف بصفة التسامح والتي ظهرت بوضوح في كل مكان، في الأسواق والمجمعات التجارية والجهات والمؤسسات الحكومية وفي الشوارع، وكل هذا يؤكد بوضوح مدى وعي قيادتها الرشيدة وعمق نظرتها الثاقبة وإيمانها الراسخ بضرورة نشر ثقافة التسامح والتراحم والسلام والتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد وبين مختلف الدول والشعوب. يضيف د.هاشم: «وكان للإمارات دورٌ بارزٌ في دفع مسيرة حوار الحضارات قدماً من خلال مشاركتها في معظم المحافل المحلية والإقليمية والدولية ودعوتها إلى إقامة المؤتمرات والمنتديات التي تسعى لترسيخ قيم التواصل والتعايش بين مختلف الشعوب على مستوى العالم كله، ولا بد أن نعي أهمية التسامح كفضيلة وقيمة عليا تنشر ثقافة السلام وتنبذ العنف وأن التسامح واجب سياسي وقانوني، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان لأنه يتضمن في جوهره الإقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوقهم وحرياتهم الأساسية». قيمة وفضيلة الدكتور عبدالمقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، يقول: «إن غياب التسامح في أي مجتمع مسلم يعني تغييب القيم الإسلامية الصحيحة فالإسلام يدعو إلى القيم الرفيعة وأهمها العفو والتسامح وقبول الآخر في الفكر والرأي والدين والعقيدة وحتى في حالة الخصام بين الناس فإن الإسلام يدعو إلى الصفح والعفو فيقول الله عز وجل «فاصفح الصفح الجميل»، «الحجرات: 85»، ويقول الله تعالى في سورة «التغابن الآية 14»، «وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، فالإسلام يحثنا على التسامح في كل وقت وحين، وهذا التسامح لا يعني أبداً الاستسلام والهزيمة كما قد يروج البعض بل ينطلق من القوة والمقدرة، وكما هو معلوم أن العفو يكون عند المقدرة فالله سبحانه وتعالى يقول: «وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ»، فالذي يعفو يكون قوي العزيمة كاظم الغيظ حيث يقول تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» فالقرآن الكريم يحث على العفو والصفح والتسامح والهدف من ذلك بناء مجتمع صالح تُعالج الخلافات فيه بالتسامح وبالتالي فقد أوجدت الشريعة الإسلامية التسامح كفضيلة أخلاقية وضرورة مجتمعية وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها وهو دليل عملي على أن الإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها، تلك الرسالة التي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتُرسي دعائم السلام في الأرض وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء بين الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم. شيم العظماء يقول الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء إن التسامح هو شيمة من شيم العظام وخلق عظيم للغاية وهو أحد أهم مناهج الإسلام، وحرص الله تعالى على الحديث عنه كثيراً في القرآن الكريم حتى أصبح ضمن مناهج آياته عز وجل، والمقصود به العفو عن أي زلل والتغاضي عن الخلل إذا وجد في المحيطين بالإنسان، وقد وصف الله تعالى المتسامحين بأنهم الذين أحبهم الله وجعلهم من المقربين إليه لأن نفس المسامح سامية كريمة فالمتسامح لا يسامح إلا من ظلمه وأخطأ في حقه وهذا الخلق لن يقدم عليه إلا من تعلم القرآن وتدبر فيه واتصف بالأخلاق القرآنية وقد جاء في الأثر أنه ينادي منادٍ يوم القيامة قائلاً: «أين الذين أجرهم على الله فليقوموا، فيقوم الكاظمون الغيظ والعافون عن الناس»، فالتسامح من أعظم أسباب دخول الناس في هذا الدين. ولقد أثبت المسلمون الأوائل أن التسامح مع الآخرين هو الأصل في التعامل معهم، وشهدت معاهداتهم وسيرتهم بذلك، فقد صالحَ أبوعبيدة ابن الجراح أمين الأمة، أهل الشام على الإبقاء على معابدهم من الكنائس والبيع، داخل المدن وخارجها مصونة لا يهدم منها شيء، ولا يغيَّر من معالمها شيء، وصالحهم على حقن دمائهم وحفظ حياتهم، وصالحهم على الدفاع عنهم وحمايتهم من أي اعتداء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©