الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دراهم .. وقوانين

دراهم .. وقوانين
8 نوفمبر 2009 23:27
أسعدني كثيراً تفاعل كثير من القراء «من الجنسين» بما نشر حول مبادرة الاتحاد النسائي وإطلاق مشروع «اعرفي حقوقك»مع بداية نوفمبر الحالي، بهدف توعية المرأة بالقوانين والتشريعات المحلية، وما تبع ذلك من تنظيم لندوات وورش عمل ومحاضرات وحلقات نقاشية حول قانون الأحوال الشخصية الجديد. ومن الطبيعي أن تتباين الآراء ووجهات النظر، والانطباعات إزاء هذا القانون، ووصفه رجال كثيرون بأنه أنصف المرأة على حساب الرجل، وأنه أعطى للزوجة كثيراً من الحقوق، ومنحها كثيراً من الحرية، بل وذهب البعض إلى أن نتائجه ستنعكس سلباً على الزوجة؛ نظراً لأنه يشجعها على التمرد، أو استسهال الانفصال أو طلب الطلاق، أو اللجوء إلى طلب الخلع مع أول مشكلة قد تصادفها مع زوجها، لأن القانون بشكله الحالي يكفل ويؤمن لها مكاسب مادية لم تكن موجودة من قبل، أو أن المبالغة في تقدير حقوق الزوجة المطلقة وما يستتبعه من نفقة وسكن وحضانة أطفال وخلافه، يجعل من الزوج أكثر مماطلة وتهرباً حتى يضع الزوجة في خانة «الزهق» والملل من انتظار وملاحقة القضايا، وإحداث المزيد من الضغط النفسي والاجتماعي عليها، حتى تضطر مكرهة إلى طلب الخلع. هناك من النساء من تهون عليهن أموال الدنيا وجنتها أمام ذرة كرامة، أو راحة بال، وهناك من يتحملن مصائب كبيرة، وعشرة لا تطاق في سبيل الحفاظ على كيان الأسرة، أو تجنباً للوم المجتمع، وهناك من الأزواج الذين ينظرون إلى القانون على أنه إنصاف وحق للمرأة؛ لأنهم في الأصل يحترمون ويجلون المرأة الأم والأخت والزوجة والابنة والعمة والخالة والجدة، ومنهم من لا يزال ينظر إليها نظرة الجاهلية الأولى، ويرى فيما ينصفها من قوانين مبالغة وحقا لا تستحقه! بطبيعة الحال، لن يرضى الناس ولا يمكن أن يتفقوا على أمر واحد، ولن يكون بالإمكان أن تجنب الطلاق أو انهيار كيانات أسرية عديدة بفعل القانون، أو خوفًا من القانون، أو تجنباً لأعباء مادية، فالمسألة أبعد وأهم وأعمق من ذلك بكثير، فقدسية الزواج، والرباط الأسري، واحترام كيان الأنثى، والاعتراف بحقوقها، يجب أن يسبقه «إحساس» إنساني فطري بكيانها، ودورها، وأهميتها، وقيمتها في الحياة. إن «الدراهم» والقوانين تساعد وتسهل وتيسر وتحكم كثيراً العلاقات بين الناس، لكنها لن تستطيع أن تشكل وتتحكم في مشاعرهم وأحاسيسهم، ولا يمكن لها أيضاً أن تصقل نخوتهم، وتشحذ رجولتهم، ولن يكن لها دور يذكر في تهذيب واستنطاق إنسانيتهم بكل تأكيد. خورشيد حرفوش
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©