أحمد مراد (القاهرة)
هو قاضي القضاة، وفقيه الأندلس، يونس بن عبد الله بن مغيث بن الصفار، ولد سنة 338 هجرية في مدينة قرطبة الأندلسية، ونشأ في بيت علم وصلاح، حيث كان والده عالماً كبيراً، تحدث عنه الإمام الذهبي في كتابه «تاريخ الإسلام»، وقال: كان أديباً شاعراً بارعاً بليغاً كاتباً مع العبادة والتواضع والفضل وزهد في الدنيا في آخر عمره.
تلقى يونس بن مغيث علوم الفقه والحديث والأصول واللغة على أيدي كبار علماء وأئمة عصره، أمثال: أبو بكر محمد بن معاوية القرشي صاحب النسائي، وأبو عيسى الليثي، وإسماعيل بن بدر، وأحمد بن ثابت التغلبي، وتميم بن محمد القروي، والقاضي محمد بن إسحاق بن السليم، والقاضي أبو بكر بن زرب.
عُرف يونس بسعة العلم وغزارة الفقه، فضلاً عن الورع والتقوى، الأمر الذي جعل الملوك والسلاطين يختارونه للقضاء والخطابة، حيث تولى في بداية الأمر قضاء بطليوس، ثم تولى خطابة مدينة الزهراء، بعدها جمع بين القضاء والخطابة والوزارة في قرطبة، ثم ترك هذه المسؤوليات جميعها ولزم بيته، ولكنه بعد فترة عاد إلى القضاء مرة أخرى، حيث تولى قضاء الجماعة والخطبة سنة 419 هجرية، وظل قاضياً إلى أن مات.
اهتم قاضي القضاة يونس بن مغيث بالتأليف والتصنيف، وأخرج العديد من المصنفات والمؤلفات القيمة مثل كتاب «فضائل المنقطعين إلى الله عز وجل»، وكتاب «التسلي عن الدنيا بتأميل خير الآخرة»، وكتاب «فضائل المتهجدين»، وكتاب «التسبيب والتيسير»، وكتاب «الابتهاج بمحبة الله عز وجل»، وكتاب «المستصرخين بالله تعالى عند نزول البلاء».
قال يوسف بن تغري في كتاب «النجوم الزاهرة» عن القاضي يونس بن مغيث: كان من أوعية العلم، فقيها محدثاً عالماً زاهداً.
وقال عنه تلميذه أبو عمر بن مهدي: كان نفعه الله من أهل الفقه وافر الحظ من علم اللغة والعربية قائلاً للشعر النفيس في معاني الزهد وما شابهه بليغاً في خطبه كثير الخشوع فيها، ما رأيت فيمن لقيت من شيوخي من يضاهيه في جميع أحواله كنت إذا ذاكرته شيئاً من أمور الآخرة أرى وجهه يصفر ويدافع البكاء ما استطاع وربما غلبه، فلا يقدر أن يمسكه وكان الدمع قد أثر في عينيه وغيرها لكثرة بكائه وكان النور بادياً على وجهه، صحب الصالحين ولقيهم من حداثته، ما رأيت أحفظ منه لأخبارهم وحكاياتهم. توفي يونس بن مغيث في قرطبة سنة 429 هجرية عن عمر يناهز الـ 91 عاماً.
عدد اليوم
