الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الخير والنعيم والفرح والسرور.. جزاء قيام الليل

10 مايو 2018 21:30
أحمد محمد (القاهرة) كان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة، فأنزل الله فيهم قوله تعالى: (تَتَجَافَى? جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، «سورة السجدة: الآية 16»، وقال معاذ بن جبل، بينما نحن مع رسول الله في غزوة «تبوك وقد أصابنا الحر، فتفرق القوم، فنظرت، فإذا رسول الله أقربهم مني، فدنوت منه، فقلت: يا رسول الله، أنبئني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار، قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير كلها»، قلت: أجل يا رسول الله، قال: «الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله تعالى»، ثم قرأ «تتجافى جنوبهم عن المضاجع». قال السعدي، لما ذكّر الكافرين بآياته، وما أعد لهم من العذاب، ذكر المؤمنين بها، ووصفهم، وما أعد لهم من الثواب، فقال إنما يؤمن بآياتنا إيماناً حقيقياً، من يوجد منه شواهد الإيمان، وهم الذين إذا ذكروا بآيات ربهم فتليت عليهم آيات القرآن، وأتتهم النصائح على أيدي رسل الله، ودعوا إلى التذكر، سمعوها فقبلوها وانقادوا، وخروا سجداً خاضعين لها، خضوع ذكر لله، وفرح بمعرفته، وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون، لا بقلوبهم ولا بأبدانهم، فيمتنعون من الانقياد لها، بل متواضعون، تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالانشراح، وتوصلوا بها إلى مرضاة الرب الرحيم، واهتدوا بها إلى الصراط المستقيم.تتجافى جنوبهم عن المضاجع، ترتفع وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم، وهو الصلاة في الليل، ومناجاة الله تعالى، ولهذا قال يدعون ربهم في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية، ودفع مضارهما، خوفاً وطمعاً، جامعين بين الوصفين، خوفاً أن ترد أعمالهم، وطمعاً في قبولها، خوفاً من عذاب الله، وطمعاً في ثوابه.ومما رزقناهم من الرزق، قليلاً أو كثيراً ينفقون، وأما جزاؤهم، فلا يعلم أحد ما أخفي لهم من قرة أعين من الخير الكثير، والنعيم الغزير، والفرح والسرور، واللذة والحبور، كما قال تعالى على لسان رسوله: «أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، فكما صلوا في الليل ودعوا وأخفوا العمل، جازاهم من جنس عملهم، فأخفى أجرهم، ولهذا قال: «جزاءً بما كانوا يعملون». وقال القاسمي، إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها، أي وعظوا خروا سجداً لسرعة قبولهم لها بصفاء فطرتهم، تواضعا لله وخشوعاً، وشكراً على ما رزقهم من الإسلام، وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون عن الانقياد لها، تتجافى جنوبهم عن المضاجع، ترتفع وتتنحى عن الفرش ومواضع النوم، والجملة مستأنفة لبيان بقية محاسنهم، وهم المتهجدون بالليل، يدعون ربهم خوفاً من عذابه، وطمعاً في رحمته، ومما رزقناهم من المال ينفقون في وجوه البر والحسنات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©