الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر 2011..«إسلاميون» و«إفلاس»

مصر 2011..«إسلاميون» و«إفلاس»
1 يناير 2012
تغير المشهد السياسي في مصر 2011 على وقع ثورة فاجأت نتائجها الداخل بقدر ما صدمت الخارج.. 25 يناير لم يكن مجرد موعد للاحتجاج والتظاهر، إنما كان أشبه بكرة ثلج تدحرجت صغيرة بمطالب إصلاحات عادية واتسعت تحت سياط القمع الذي اسفر عن سقوط 846 قتيلا، تردد شعارا واحدا «الشعب يريد إسقاط النظام»، متفوقة على النظام بشرط جديد في كل مرة يقدم فيها تنازلا حتى انهار جبل الجليد وتنحى الرئيس حسني مبارك في 11 فبراير لصالح المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي التزم منذ الأيام الأولى نصرة الشعب وحمايته في وجه اتباع النظام. وإذ بدأ القضاء محاكمة مبارك ونجليه جمال وعلاء ونظامه بأكمله ولا يزال مستمرا، عانت مصر على مدار العام حالة من التظاهرات والمواجهات الدائمة التي كان كثيرها داميا لا سيما الطائفية منها متسببة باطاحة حكومتين وثالثة إنما بدأت عملها قبل أسابيع قليلة وتحديدا في السابع من ديسمبر بينما كان المصريون يدلون بأصواتهم في أول انتخابات تشريعية بعد الثورة غيرت الكثير من الحسابات بفوز الاحزاب الاسلامية المعتدلة والمتشددة لترسم ملامح صورة جديدة ينتظر أن تتضح اكثر مع إعلان النتائج النهائية مطلع العام الجديد. والى حين اتضاح الصورة يبقى المجلس الأعلى للقوات المسلحة رئيسا فعليا للسلطة إلى حين انتخاب رئيس مدني في منتصف عام 2012. لكن البرلمان سيكون له تفويض شعبي وسيجد الجيش صعوبة في تجاهله بينما يتولى الإشراف على المرحلة الانتقالية. وستكون المهمة الرئيسية للبرلمان اختيار جمعية تأسيسية مؤلفة من 100 فرد لصياغة الدستور الجديد الذي سيحدد سلطات الرئيس وصلاحيات البرلمان في مصر ما بعد مبارك. وإذ حصلت الأحزاب الإسلامية حتى الآن على نحو ثلثي الأصوات في الانتخابات، غير أن معسكرها ليس كتلة واحدة مما يعطي الليبراليين كالكتلة المصرية وحزب الوفد فرصة لتوصيل أصواتهم في البرلمان الجديد لا سيما اذا تحالفوا مع حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة «الإخوان» الحاصل على أكبر نسبة من الأصوات، وأبعدوا المتشددين كحزب «النور» السلفي الذي حل في المركز الثاني عن مركز القرار. اما «شباب الثورة» الذين نجحوا في حشد المصريين لإسقاط مبارك مطلع العام، فقد تم تهميشهم في صناديق الاقتراع، ولم يحصد الائتلاف الانتخابي لشباب الثورة «الثورة مستمرة» الذي يضم حركات من اتجاهات سياسية متنوعة سوى 3,3% من أصوات المرحلة الأولى للانتخابات. ويعزو بعض المحللين ذلك «الى ان شباب الثورة ليست لهم جذور حقيقية في بلد تصل نسبة الامية فيه الى 40% من سكانه». ويقولون «انهم يتمتعون بنفوذ في اوساط النخبة التي تتعامل مع الانترنت ولكنهم يواجهون الإسلاميين المتواجدين في الشارع منذ 80 عاما، كما انهم منقسمون وليست لديهم استراتيجية سوى الاعتراض». وإذ تحيط الضبابية بالمشهد السياسي، تبدو مفزعة في المشهد الاقتصادي وفق ما اعلن رئيس الوزراء الجديد كمال الجنزوري قائلا «إن الوضع الاقتصادي اخطر بكثير مما يظن احد، وان قطاع البترول الذي يعد في كل دول العالم البيضة التي تبيض ذهبا مدين للبنوك ب 61 مليار جنيه (نحو عشرة مليارات دولار). كما أكد ارتفاع الدين الداخلي ليراوح بين 5 و6 مليارات جنيه شهريا في حين كان لا يزال يتراوح في عقد التسعينات بين 600 ألف و700 ألف جنيه شهريا، وأوضح أن العجز في الموازنة بلغ 134 مليار جنيه (قرابة 22 مليار دولار). ويعتقد الخبراء أن تقدم الاسلاميين في الانتخابات من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد لاسيما لجهة إثارة قلق المستثمرين الاجانب والسياحة لاسيما مع تزايد تصريحات قياديين سلفيين عن منع النساء من ارتداء لباس البحر (المايوه) على الشواطئ او منع الخمور في المنتجعات. وقد ساهم انخفاض عائدات السياحة في تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي انخفض من 36 مليار دولار في بداية 2011 الى 20 مليارا في نوفمبر الماضي. بينما حذر اللواء محمود نصر عضو المجلس العسكري من أن الاحتياطي من النقد الأجنبي اصبح بالكاد يكفي لتمويل الواردات المصرية حتى نهاية فبراير المقبل. مصر تدخل 2012 نقطة تحول يصعب تحديد اتجاهها سياسيا بانتظار ما بعد البرلمان وبدء إعداد الدستور الجديد وانتخاب الرئيس المدني في ظل قطبين متضادين هما القوات المسلحة والاسلاميون الذين لم يظهروا مشروعهم الكامل بعد. وأيضا اقتصاديا حيث ستبدأ معاناة ما بعد نفاذ احتياطي النقد الأجنبي بينما المستثمرون سيرجئون أي خطوة محتملة قبل المغامرة باموالهم في ارض الكنانة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©