استمرت الضغوط على موسكو أمس، ودعا الغرب روسيا إلى تجنب حرب باردة وإلى التراجع عن قرار الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، محذرين من أن تكون أوكرانيا محطتها المقبلة، بينما نفت روسيا وجود تهديد بحرب باردة معربة عن أملها بعدم حصول مواجهة في البحر الأسود·
وجاء في بيان صدر إثر اجتماع لسفراء الحلف الأطلسي الـ26 في بروكسل أن ''مجلس حلف شمال الأطلسي يندد بقرار روسيا الاتحادية الاعتراف بمنطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ويدعوها الى التراجع عن قرارها''·
وأضاف البيان أن ''قرار روسيا ينتهك قرارات عديدة لمجلس الأمن الدولي تتعلق بوحدة أراضي جورجيا''، وتابع أن ''تصرفات روسيا تثير التساؤلات بشأن التزامها بالسلام والاستقرار في القوقاز''·
واعتبر سفراء دول الحلف أن ''العودة الى الاستقرار والأمن في جورجيا مهم بالنسبة الى الحلف''، ودعوا ''روسيا الى احترام وحدة أراضي جورجيا''، وحذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أمس موسكو من بدء حرب باردة جديدة، وقال في كييف التي يزورها: إن ''الرئيس الروسي قال إنه لا يخشى حرباً باردة جديدة، نحن لا نريدها، وتقع عليه مسؤولية كبيرة في عدم إثارة مثل هذه الحرب''·
من جهته طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي روسيا بسحب قواتها من جورجيا دون تأخير مؤكدا ان حلف الاطلسي ليس غريماً ولكن شريكاً لروسيا ولا أحد يرغب في عودة الحرب الباردة·
بينما صرح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بأن روسيا ''خارجة عن القانون الدولي''، وقال لإذاعة ''أوروبا''1 الفرنسية إن لروسيا ربما بعد أوسيتيا الجنوبية وابخازيا ''أهدافاً أخرى'' بينها ''القرم واوكرانيا ومولدافيا''، مؤكداً أنه أمر ''بالغ الخطورة، وقد تتسبب روسيا في زعزعة استقرار دول أخرى، مشيراً إلى المخاوف من حدوث ''تطهير عرقي''· وأضاف: ''لا يمكننا أن نقبل هذه الانتهاكات لكل القانون الدولي والاتفاقات الأمنية والتعاون في أوروبا وقرارات الأمم المتحدة واستيلاء جيش على أرض بلد مجاور للمرة الأولى منذ فترة طويلة''·
ومن برلين، اعتبرت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أمس القرار الروسي الاعتراف باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا ''لا يتوافق مع القانون الدولي''، وقال المتحدث باسمها اولريخ ويلهلم إن ميركل تشاورت صباح أمس مع الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف
و''أدانت المستشارة الألمانية بشدة قرار روسيا الاعتراف باستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية، وشددت على وجوب أن تنسحب روسيا فوراً الى المواقع التي كانت فيها قبل السابع من أغسطس''، وأضاف: ''إنه لا يتفق مع القانون الدولي لاسيما مع قرار مجلس الأمن الدولي الذي وافقت روسيا عليه بوضوح، ولا مع خطة السلام الفرنسية''·
وفي كييف، وصف الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشنكو اعتراف روسيا باستقلال أوسيتيا الجنوبية وابخازيا بأنه ''غير مقبول''، وأضاف أن أي انتهاك لمبدأ وحدة الأراضي الجورجية يشكل ''تصعيداً لا يقتصر على القوقاز''، و''قد يجر تعقيدات في مناطق أخرى في العالم''· واعلنت كييف عزمها مناقشة زيادة التكاليف التي تدفعها روسي لاستئجار قاعدة بحرية مطلة على البحر الاسود في خطوة قد تؤدي لتوترات بالمنطقة·
وفي اوسلو، قال وزير الخارجية النرويجي يوناس جار ستوير إن النروج ترى أن الاعتراف الروسي ''ليس له أي اساس قانوني''، محذراً من ''الانعكاسات الدولية'' لهذه الخطوة· فيما اعتبر وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أن روسيا ستخسر اذا ما سعت مجدداً الى مواجهة مع الغرب، داعياً الى ''تجنب حرب باردة جديدة''·
وصرح المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع الفنلندي اولي رين أمس في هلسنكي بأن على الاتحاد الأوروبي أن يؤكد بوضوح دعمه انضمام اوكرانيا اليه لكي لا تصبح هذه الدولة الهدف المقبل لروسيا، وقال: إن ''أوكرانيا قد تصبح الهدف المقبل لضغوط سياسية روسية''· وأضاف: ''يجب أن نبعث رسالة سياسية واضحة مفادها أن دمج أوكرانيا في الاتحاد ممكن اذا استمرت بتطبيق الإصلاحات''، رغم أنه ''غير مطروح حالياً·
من جانبها، نفت موسكو وجود تهديد بحرب باردة وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس ان بلاده لا ترى ''تهديداً باندلاع حرب باردة جديدة'' مع الغرب، وأضاف أن ''روسيا كانت وستظل اخر بلد في العالم يريد تكرار الحرب الباردة''· وتابع المتحدث إن ''حرباً باردة، بالمفهوم القديم للكلمة، مستحيلة تماماً، لقد كانت حربا مبنية على صدام الإيديولوجيات''، وأكد أن الدول الغربية التي تريد تقليص تعاونها مع موسكو ستكون خاسرة ·
وأعلن أن روسيا تتخذ ''تدابير وقائية'' حيال وجود القوات البحرية للناتو في البحر الأسود وتأمل ألا يؤدي ذلك الى ''مواجهة''، وقال إن ''ظهور سفن للحلف في البحر الأسود وعلى مقربة من السواحل الجورجية، إضافة الى قرار ايصال مساعدات إنسانية في سفن حربية هما أمران من الصعب تفسيرهما، ونأمل ألا نشهد مواجهة مباشرة''·
عدد اليوم
