السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا.. انتخابات رئاسية تحت وقع الحرب

سوريا.. انتخابات رئاسية تحت وقع الحرب
24 ابريل 2014 00:04
ألبرت أجي، وضياء حديد دمشق أعلن رئيس البرلمان السوري يوم الإثنين الماضي أن بلاده ستعقد انتخابات رئاسية في 3 يونيو المقبل، وهو الاقتراع الذي سيشارك فيه على الأرجح بشار الأسد لينتهي به المطاف رئيساً لبلد يدخل عامه الرابع من الحرب، فقد ألمح الأسد الذي يحكم سوريا منذ عام 2000، بعد أن خلف والده على رأس الدولة، أنه سيسعى لولاية أخرى من سبع سنوات، ما يعكس رغبته الملحة في إثبات شرعيته كقائد لسوريا بعد المعارك الطاحنة التي عرفتها البلاد على مدى السنوات الثلاث الماضية. ويبدو أن النظام مهد للاستحقاق الانتخابي على الصعيد العسكري من خلال الحملة التي تشنها قواته منذ عدة شهور لاستعادة المراكز الحضرية التي سقطت في أيدي الثوار على أمل أن تعود للسيطرة الحكومية قبل انعقاد الانتخابات. وكان الصراع الذي بدأ كمظاهرات سلمية احتجاجاً على حكم الأسد في مارس 2011 قد تحول إلى حرب أهلية طاحنة خلفت أكثر من 150 ألف قتيل وأرغمت ما يقرب من ثلثي سكان سوريا على النزوح من بيوتهم، ومباشرة بعد الإعلان عن الانتخابات الرئاسية أكد النشطاء المعارضون للأسد مقاطعتهم لها، معتبرين الاستحقاق مهزلة كبيرة. لكن يبدو أن هذه الاعتراضات المحتملة، والحالة الأمنية المتردية للبلد لم تمنع رئيس البرلمان السوري، محمد لحام، من دعوة المرشحين الراغبين في المشاركة إلى التقدم للانتخابات في مدة تتراوح بين 22 أبريل الجاري، و1 مايو المقبل، قائلاً «إني أدعو جميع مواطني الجمهورية العربية السورية سواء كانوا في الداخل، أو الخارج لممارسة حقهم في انتخاب رئيسهم»، وأضاف «لحام» أن المواطنين السوريين المقيمين بالخارج يمكنهم الشروع في عملية التصويت ابتداء من 28 مايو المقبل، لكنه لم يوضح ما إذا كان اللاجئون السوريون الذين يقدر عددهم بحوالي 2.5 مليون سوري سيشاركون في التصويت، رغم أن هذا السيناريو يبقى غير وارد بالنظر إلى الصعوبات اللوجستية والسياسية. ومع أن الأسد لم يحدد بعد ما إذا كان سيترشح في الاستحقاقات الرئاسية المقبلة، إلا أنه انخرط في الشهور الأخيرة فيما يشبه حملة انتخابية نشطة بزياراته المتعددة إلى المناطق المسترجعة، حيث بثت وسائل الإعلام الرسمية صوراً لمواطنين مبتهجين وهم يستقبلون الرئيس أثناء زياراته. وفي يوم الأحد الماضي ظهر الأسد في بلدة «معلولة» المسيحية في محاولة على ما يبدو لتكريس صورته كحام للأقليات في سوريا ومدافع عن حقوقها في وجه ما يعتبره النظام تطرفاً سنياً، كما سعت الحكومة إلى إظهار الانتخابات المقبلة على أنها الحل الأمثل للأزمة السورية، ولسان حالها يقول: إذا اختار الناس الأسد في الانتخابات فإنه لا مبرر لاستمرار القتال، لكن إذا خسر الأسد فسيغادر السلطة. والمشكلة أنه في ظل الفوضى والعنف اللذين يلفان البلاد من الصعب قياس مدى شعبية الأسد من خلال إحصاءات وأرقام موثوقة، لكن يبدو إجمالا أن الشعب منقسم على نفسه بين مؤيد للأسد ومعارض له يسعى للإطاحة به، فيما يظل البعض الآخر متوجس من الطرفين المتحاربين معاً، وتسيطر الأغلبية السنية على صفوف المتمردين، فيما تساند الأقليات الأخرى بوجه عام، سواء المسيحية، أو الطوائف الإسلامية الأخرى مثل العلويين، الأسد لاعتقادهم أن مجيء عناصر متطرفة إلى الحكم قد يعرض وجودهم للخطر. ويبقى السؤال الأهم الذي تثيره مسألة تنظيم انتخابات رئاسية بسوريا في ظل الوضع الراهن هو الصعوبات اللوجستية، إذ كيف للسوريين الذي يعيشون في مناطق تسيطر عليها المعارضة، أو تلك التي يتنازعها الطرفان أن يشاركوا في الاقتراع، هذا ناهيك عن المناطق الأخرى التي تحاصرها القوات الحكومية لأشهر طويلة. وعن هذا الوضع يقول الناشط المعارض للأسد، أحمد القصير، «للأسف سينظم الأسد انتخابات رئاسية فوق دماء السوريين، فإذا كنا محرومين حتى من تلقي الغذاء بسبب الحصار فكيف يذهب الناس للتصويت؟» وفي إشارة إلى التعقيدات الأمنية التي تحيط بالانتخابات فقد أعلن عن تنظيمها بعد ساعات قليلة فقط على سقوط قذائف هاون على مسافة قريبة من مبنى البرلمان في دمشق، ما أدلى إلى مقتل خمسة أشخاص، حسب ما أفاده التلفزيون الرسمي. وكان من المتوقع الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية بالنظر إلى ما يحدده القانون السوري من ضرورة عقدها قبل 60 إلى 90 يوماً من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس في 17 يوليو المقبل، وهو الأمر الذي سبقه مصادقة البرلمان السوري على قانون انتخابي جديد يفتح الباب، نظرياً على الأقل، أمام تقدم أكثر من مرشح. وينص القانون الانتخابي الجديد أنه على كل مرشح يعتزم التقدم للانتخابات الرئاسية أن يكون عاش في سوريا طيلة السنوات العشر الأخيرة، وأن لا يحمل أي جنسية أخرى، وهو ما اعتبر البعض محاولة مكشوفة لقطع الطريق أمام رموز المعارضة التي تعيش في المنفى ومنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية. وعن إصرار النظام على عقد الانتخابات الرئاسية في هذا التوقيت قال «هلال خشان»، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية ببيروت أن الموعد المرتقب في الثالث من شهر يونيو المقبل يهدف إلى إعطاء الفرصة للقوات الحكومية لاستعادة المراكز الحضرية الكبرى في حلب ومدينة حمص. هذا ويتوقع العديد من النشطاء المعارضين في حمص سقوط الأحياء القديمة للمدينة التي ما زال يتحصن فيها الثوار بسبب الإجهاد الذي أصاب المقاتلين المحاصرين واستسلام المئات منهم، فضلاً عن نقص الغذاء والمياه النظيفة والدواء، والأهم من ذلك انقطاع خط الإمداد الذي كان يربطهم عبر منطقة القلمون بلبنان، لكن على الجبهة الشمالية في حلب ما زالت المعارضة تحقق اختراقاً وتصد هجمات قوات النظام، ما يعني حسب خشان أنه «إذا استطاع النظام السيطرة على المدن الرئيسية فإن ذلك سيمنحه الشرعية، لذا سينتظر إلى غاية شهر يونيو، أملاً في أن يتمكن من تغيير الحقائق على الأرض». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©