الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا لحبيبي مينودراما تتصدى لإسراف العواطف

أنا لحبيبي مينودراما تتصدى لإسراف العواطف
27 أغسطس 2008 23:39
يشكلان ثنائيا جميلا حققا بموهبتهما وعرقهما نجاحات متواصلة، فهما من جيل واحد حصدا الفرح والخيبة معا، قطفا الورود ووقعا في حقل الأشواك معا، ونهضا من جديد ليحققا حلمهما في مسرح للروائع فقط· وفي المينودراما ''أنا لحبيبي'' في عروضها الثلاثة بالمركز الثقافي الملكي بعمان طرز غنام غنام بصفته كاتبا ومخرجا وخالد الطريفي ممثلا هذه المرة عرضا مسرحيا رائعا عاين مشاعر وأحاسيس انسانية بجرأة وشجاعة واستفز الكامن فينا باسقاطات موجهة للنخبة· يقول كاتب ومخرج النص غنام غنام: هناك اشتباك بين الانسان المطلق والانسان المتعلق بذات الفنان فللقهر أشكال مختلفة منها فشله في تحقيق ذاته الفنية واستثنائه واغفال مقدرته· فالنص تصدى في الأصل لحالة من القهر ولا بد وأن نعترف بأن النفس الانسانية دائما تواقة لأن تكون متحققة وكريمة، وفي هذه الشبكة العنكبوتية وجدت أن مجال الغوص لتحليل نفسي لذات انسانية تحب وتكره تجد وتسخر تغضب وتضحك تتعب وتتقاطع مع أرواح مبدعين كشكسبير وصلاح جاهين ومحمود درويش تشكل مساحة غنية ليّ ككاتب ومخرج· القلق مقصود ويضيف غنام: أعترف بأنني تقصدت القلق والارباك أحيانا لأن العمل من وجهة نظري يستهدف مستوى ثقافيا معينا من المتلقين، وهو من أعمال عديدة أقول فيها بأنني لم آت لأمد للناس فراشا من ريش النعام بل أعطيه وسادة من الأشواك تنخزه وتقلقه وتأخذه إلى مناطق جديدة يختبر فيها مشاعره وضائقته والعرض بتركيبته غير مستكين وخارج على القوانين والأعراف المسرحية· ويتابع كما أن موضوع الغيرة والحب والخيانة والقتل الذي اعتمد عليه ''عطيل'' شكسبير يظل أكثر انسانية وسخونة وقد نقلته باختزال وتكثيف لمستوى الحياة المعاصرة وبالتالي من السهل ان يجد المتلقي نفسه متورطا في رباعية الخيانة والوشاية والغدر والغيرة وكما جاء في النص ''وقفت عاريا كأن كلمات شكسبير ريح عصف بي وبكل ما يسترني من غلائل وأغلال''· بطل مهزوم وعن حقيقة أن بطله في العرض يقول غنام غنام: هذا صحيح فالبطل سلبي ومهزوم ومهزوز ومن الصعب ان نحدد معه الواقع من الخيال، أو الحقيقة من الزيف، أو العقل من الجنون، ولأن الشخصية كذلك لا أحبها·· أنا لا أحب الشخصية السلبية في الحياة ولكن عندما أتعامل معها لا أقف ضدها بل أتحدث باسمها بصدق وأتعامل معها كحقيقة لكنها أعطتني مساحة لأرسم تقاطعات مع حالات كثيرة تنتابنا من الهزيمة واليأس والجنون والطموح· ولكن هل يتحمل الحب مسؤولية ذلك الانهزام كما يستشف من النص؟ يجيب غنام بقوله: إن الاسراف في الحب هو عقدة المسرحية فالحب ينقلب لضده بسبب المغالاة وهذا ما وقع فيه عطيل ومعظمنا، ومن هنا جاء في الحوارات ''هل تظنين أن الذي جمعنا هو الذي يفرقنا·· أعرف صاحبا أو صديقا جمعه الحب بحبيبته حتى صارا واحدا والحب فرقهما حتى صارا مفردين مثل قضيبي سكة القطار وأنا لا أريد أن أكون مفردا مثل سلك يتدلى من على حافة البيت لا تختاره عصفورة للوقوف عليه ولا دالية تجدل خصر أوراقها عليه''· ويرى غنام: إن هذا الحوار يحيل كل واحد منا عندما يتلقاه لاعتراف غير مرغوب فيه بأنه بالغ في الحب حتى قتله ونحن كنا جريئين في الاعتراف على خشبة المسرح فمن يجرؤ على الاعتراف في مسرح الحياة!· شمعة لدرويش وبسؤاله عن سر التقاطعات مع صلاح جاهين والراحل محمود درويش؟ يقول غنام: لم ندر أن عرضنا سيصادف أجواء فقدان زيتونة فلسطين لأنه ساكن في عرضنا بشعره وتقاطعه مع الحياة الانسانية وفي لحظات الوحدة والتوحد كان درويش حاضرا ''في البيت أجلس لا حزينا لا سعيدا·· لا انا أو لا أحد·· كسل خفيف الوزن يطهو قهوتي والهال يصهل في الهواء والجسد''· ومن هنا أشعلنا لروح درويش شمعة في مقدمة خشبة المسرح وقرأنا الفاتحة على روح صلاح جاهين·· انه التوسل بكرامات المبدعين· من جانبه يرى الفنان خالد الطريفي ان التجربة لم تكن امتحانا بالمعنى الحرفي رغم وقوفه للمرة الأولى على المسرح وحيدا، وقال أحب التمثيل وكل مسرحياتي مثلت بها لكنني عشقت الشخصية وأحببت أن أثير خيال الناس فالنص مكتوب بطريقة تثير الخيال والأحاسيس ويخلو من أي تجن على المرأة فهي لم تخنه لكنه قتلها دون دليل فهل تستطيع إذا أحببت وعشقت فعلا ألا تعقل وان تسرف في مشاعرك لآخر قطرة من دمك لأجل من تحب!· واعترف الطريفي أنه ينسخ دوره كما كان التلاميذ يفعلون في الصفين الأول والثاني حتى ''أحفظه وأتأمل الحروف ومخارجها وأجري تجربة أداء أثناء عملية النسخ''· رأي بدوره يرى الناقد جمال عياد أن خالد الطريفي صاحب تجربة مهمة محلية وعربية خصوصا بإنشائه للفضاء المسرحي المتأسس على جماليات من الموروث الشعبي ''الحكواتي''، وأن غنام غنام يمتلك الخيرة ذاتها وبالتالي فان اجتماع هاتين الطاقتين الفنيتين يكون لافتا لجهة نجاح المسرحية· ويضيف: نحن أمام عرض محترف بمختلف تفاصيله للنخبة من المثقفين جاء تجريبيا وقدم أحداث مسرحية عطيل في سياق مغاير لجهة تفاصيل الأحداث فكانت أحداث لم تقع في تسلسلها كما النص الشكسبيري لكن الرؤية الاخراجية حافظت على روح النص بهدف تقديم رسائل أهمها إظهار تأثير الغيرة والخيانة ونوازع الانتقام في النفس البشرية عندما تنفلت من عقالها· ويذكر أن الطريفي خاطب جمهوره في نهاية مسرحيته بالقول'' قبل أن تذهبوا وبعد أن شاهدتم وقائع الشؤم هذه أرووها كما شاهدتموها·· لا تلطفوا شيئا تحدثوا عني كما أنا·· تحدثوا عن رجل لم يعقل في حبه لكنه أسرف فيه''!!·
المصدر: عمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©