الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كنا الأكثر جرأة في طرح أفكارنا وإبداعاتنا المغايرة

27 أغسطس 2008 23:37
خص الشاعر عبد الله محمد السبب الاتحاد الثقافي بشهادة موسعة وتفصيلية، فهو يبدأ بالمفهوم النظري، ثم يغوص في تفاصيل ما جرى منذ أواخر الثمانينات، ونترك له الإدلاء بشهادته: في سياق حديثنا عن الجماعات الأدبية وما يترتب عليها من طقوس وقوانين في فترة ما قبل التأسيس أو في الفترة اللاحقة لها·· نؤكد على أن الرابطة ـ أدبية كانت أو فنية أو ما شابه ذلك ـ وعلى المستوى الثقافي العام لا تنشأ ولا تتكون بمجرد فكرة صيفية عابرة ، تؤتي ثمارها أو لا تؤتي· وهي أيضاً لا يمكن لها أن تضم بين جنباتها من يقف عائقاً في وجه الأفكار الرامية إلى احتواء هدف ما، أو همٍّ ما، يدور في خلجات أولئك الذين نذروا فكرهم وإبداعهم من أجل أن تكون لهم مساحة من الحرية، يمارسون فيها طقوسهم الكتابية أو الفنية أو الإبداعية بشكل عام ، على أن لا تدخل تلك الحرية في النطاق الذي يتعارض أو يخدش حياء الذوق العام· جماعات وطقوس ومن واقع تجارب إبداعية خضت غمارها مع زملاء لي في الحياة وفي الممارسات الأدبية اليومية، يوحدنا هدف نصبو إلى اقتناص ناصيته، ونتعاطى سوياً لغة تتراقص على أوتارها حروف تشكل ـ بوضعها الجمعي ـ شخصياتنا الإبداعية التي وصلت بنا في لحظة ما إلى مفترق بين طريقين: طريق حافظت على امتلاك إضاءتها المكتسبة كنتيجة حتمية بسبب استمرار البعض في المسيرة الإبداعية العامة·· وطريق أخرى خيم على تفاصيلها الظلام، بسبب انطفاء جذوة بعضنا الآخر الذي انسحب رويداً رويداً مستسلماً لطقوس اجتماعية أكرهته على توديع الحياة الثقافية المباشرة، أو لاعتبارات شخصية لا يمكننا محاولة الاقتراب منها لفك شفرتها بالأسئلة التي تبدو في معظم الأحيان محرمة أدبياً وسلوكياً· على ضوء تلك التوطئة المشروعة في تناول مسألة تمس في مضمونها كتلة إبداعية ساهمت أو ما زالت تساهم في رفد الحياة الثقافية في دولة الإمارات أو في أي رقعة ثقافية على مستوى العالم، يمكنني التدليل على ذلك بالتجارب الجمعية الحية التي عشت أحداثها منذ العام 1989 وحتى هذه اللحظة من عمر المشهد الثقافي العربي الإماراتي: تجارب حية أولا، في أوائل العام ،1989 عرض عليَّ الأخ والزميل الشاعر مسعود أمر الله فكرة إصدار نشرة أدبية تضم في عضويتها كلا من الشعراء إبراهيم الملا، عبد الله عبد الوهاب، خليفة محمد خليفة (رحمه الله)، غادة الصوري، مسعود أمر الله، وعبد الله محمد السبب· وهؤلاء جميعاً زملاء درب إبداعية واحدة (بريد القراء ـ جريدة البيان)، إلا أنني، وأثناء وجودي خارج البلاد في شهر مارس ،1989 فوجئت بجريدة البيان، وفي صفحة بريد القراء تحديداً، تنشر خبر إصدار نشرة أدبية من دبي تحمل اسم (تراتيل النوارس) ـ وهي بخط يد الشاعر مسعود أمر الله ـ وتضم كلاً من الشعراء (إبراهيم الملا، مسعود أمر الله، الهنوف محمد)· حينها تساءلت عن سبب قيام الأخ مسعود بإصدارها دون وجود أثر لأسماء الأربعة الآخرين، ومع ذلك قلت ربما كانت للأخ مسعود مبرراته التي نحترمها، والتي دفعت بي ـ رغم عدم معرفتي بها ـ إلى القيام بتصوير ونشر وتوزيع النشرة (في عدديها: الأول ''تراتيل النوارس''، والثاني ''النوارس ''2) على الأصدقاء والمهتمين في رأس الخيمة وفي المناطق القريبة، لأننا مخلصون تجاه أنفسنا وتجاه إبداعنا الذي ندافع عنه بكل ما أوتينا من طاقة مشروعة· ثانيا، وفي أواخر العام 1989 أيضاً عرض عليَّ الشاعر مسعود أمر الله فكرة إصدار نشرة أدبية تضم كتابات كل الزملاء الذين كانوا يكتبون في صحيفة البيان (بريد القراء) والذين كانت لهم بصمتهم الإبداعية الواضحة المعالم، إلا أنهم تعرضوا إلى حركة تهجير جماعية من الصفحة بسبب عدم قدرة الصفحة على استيعاب تلك الأفكار الإبداعية الجديدة وكذلك لعدم تقبل الصفحات الثقافية لرئاتهم النابضة بروح المغامرة والتجريب في حقل الكتابة الحرة، الأمر الذي جعل الأخ مسعود أمر الله صاحب المبادرات الإبداعية يفكر بإصدار العدد الأول من النشرة الأدبية ''رؤى'' في نوفمبر ،1989 لتصل إلى قمة نجاحها في مارس ،1991 حيث العدد العاشر والأخير، إذ ضم العدد أصواتاً شعرية لها تاريخها الأدبي (قاسم حداد ـ البحرين، إبراهيم الحسين وأحمد الملا ـ السعودية، إبراهيم المصري ـ مصر، أحمد فرحات ـ لبنان، أحمد راشد ثاني، عادل خزام، إبراهيم الملا، وآخرين لهم ثقلهم الأدبي والإبداعي على مستوى العالم العربي)، إلا أن ''رؤى'' أعلنت انزواءها بهدوء· ثالثا، وفي العام 1989 أيضاً، وفي إمارة رأس الخيمة تحديداً، ونظراً لتآلف بعض المبدعين فيما بينهم وتقاطع أفكارهم ورؤاهم الإبداعية التي كانت تتضح يوماً بعد يوم من خلال البرنامج الثقافي (نادي المستمعين) الذي كان يذاع مساء كل يوم أحد ويعاد صباح يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ورغبة في كسر جمود اللغة الإبداعية السائدة في ذلك البرنامج وفي تلك الحقبة الزمنية بالذات، قمنا بتكوين جماعة ''الشحاتين'' الأدبية، وأصدرنا بياننا الأول في ديسمبر 1989 مذيلا بأسماء الأعضاء الخمسة الشعراء (إبراهيم عبد الله يونس ـ رحّال رأس الخيمة، أحمد عيسى العسم، أحمد منصور علي/ غريم شعم، أبوفراس/ عبد الله محمد السبب، وماهر حمد العوبد)، ولم نكن ندعي بأننا مبدعو زماننا وفلتاته، إلا أننا الأكثر جرأة تجاه طرح أفكارنا وإبداعاتنا التي كانت تغاير إبداعات تلك المرحلة الزمنية وتلك البقعة الثقافية، ونحن الأقدر على التواجد الإبداعي بشكل مكثف ومعزز بالبراهين الإبداعية التي ترسم لنا خارطة طريق إبداعية واضحة المعالم بنوايا صادقة· وإذا كان ''الشحاتين'' لم يؤرخوا لمسيرتهم الإبداعية بصفة جمعية حتى هذه اللحظة، فذلك لأننا أرجأنا الأمر إلى لحظة زمنية ترسخ لتلك الجماعة الأدبية وتمنحها قوة التوثيق، حيث سيتم الكشف عن تلك اللحظة الزمنية في حينه، لكن، نود الإشارة هنا إلى الاستمرارية الإبداعية في المشهد الثقافي المحلي والعربي على حد سواء بالنسبة للشعراء أحمد العسم وأحمد منصور وعبد الله السبب، سواء من حيث النشر ومواصلة إبداع الكتابة أو شغل المناصب الثقافية، أو من حيث الإصدارت الشعرية والإبداعية الأخرى· مشروع شعري رابعا وأخيرا، في العام 1997 برزت جماعة أدبية انبثقت أساساً من جماعة ''الشحاتين''، وضمت في عضويتها كلاً من (هاشم المعلم، أحمد العسم، وعبد الله السبب) وقد انبثقت الفكرة في نوفمبر 1997 على هامش معرض الشارقة الدولي للكتاب من خلال الباحث نجيب عبد الله الشامسي صاحب دار المسار للدراسات والاستشارات والنشر، إذ توجه الشامسي باقتراح فكرة مشروع شعري مشترك، فقبلنا تلك المغامرة، وبدأنا رحلة الإعداد للمشروع الشعري الثلاثي الأبعاد والرؤى كأول تجربة شعرية مشتركة في المشهد الثقافي الإماراتي عبر إصدار خاص بعيداً عن المؤسسات الثقافية الرسمية في الدولة، وفي نوفمبر 1998 ولدت تلك التجربة في ديوان (مشهد في رئتي)، وتفرعت من تلك الشجرة الشعرية الكبرى ثلاث شجيرات صغيرات جاء ترتيبها على النحو التالي (قبعة ـ المعلم، ضجيج ـ العسم، قميص ـ السبب)· والآن ها نحن الثلاثة نعكف حالياً على إصدار الجزء الثاني من (مشهد في رئتي) بعد مرور 10 سنوات على صدور الأول، وذلك برؤية وتفاصيل جديدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©