الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبواق السيارات في شوارع القاهرة لغة مفرداتها نغمات سمعية

أبواق السيارات في شوارع القاهرة لغة مفرداتها نغمات سمعية
17 يونيو 2010 21:02
يسير في شوارع القاهرة يومياً قرابة مليون و11 ألفاً و540 سيارة بالإضافة إلى 500 ألف سيارة أخرى قادمة من مدن مصر في مهام وزيارات مختلفة، وفقا لإحصائيات إدارة المرور بوزارة الداخلية، والتي أشارت إلى أن ذلك انعكس على سرعة السيارات التي لا تزيد في المتوسط على 19 كم في الساعة. وقالت الإحصائية إن عدد السيارات التي كانت تسير في شوارع القاهرة عام 1970 كان 167 ألفاً فقط وهو ما يعطي تفسيراً للزحام والضوضاء بالقاهرة في معظم فترات اليوم وهناك تفسير آخر متعلق بالضوضاء يكمن في ابتكار سائقي السيارات للغة تفاهم وتخاطب تعرف بلغة أبواق السيارات «الكلاكسات» يمارسها الكل خصوصاً سائقي التاكسي والميكروباص لاستدعاء أي شخص يمشي على الطريق أو ‏‏على الرصيف بوصفه مشروع راكب «زبون». استعمال عشوائي يقول أسامه السيد، سائق ميكروباص، إن يده تتحرك أوتوماتيكياً لتضغط على آلة التنبيه عند رؤية شخص يقف أو ‏ ‏يسير في الناحية الأخرى من الطريق حتى لو كانت سيارته مكدسه بالركاب ولا تتسع لوافد جديد. وقد اعتاد هذا منذ احترف تلك المهنة قبل عشرين عاماً وهي وسيلة ضرورية لعمله لاسيما في التواصل مع الزبائن بشكل أفضل من الصراخ أو المناداة. ويشير إلى أنه يتعرض أحياناً لغرامات مرورية موجعة لأن قانون المرور يجرم الاستعمال العشوائي لآلة التنبيه ويضطر إلى دفعها لكنه لا يستطيع الإقلاع عن مخاطبة الزبائن بآلة التنبيه. كما تحل آلة التنبيه محل الصراخ للتعبير عن غضب سائق من سائق آخر لاسيما وأن‏ ‏جميع السائقين يدركون أن صوتها مزعج ويصيب الآخرين بالتوتر والغضب، فيفعلها البعض أحياناً كنوع من الانتقام أو إعلان الضيق من أخطاء وجهل السائق الذي أمامه أو إلى جواره. ويقول محمد عاطف، سائق تاكسي، «مع صوت الكلاكس العالي المتواصل يفهم السائق المخطئ غلطته ويرد عليَّ بـ»كلاكس» متوسط الصوت ولمرة واحدة كنوع من الاعتذار وذلك أفضل بكثير من التشاجر أو السباب». إشارة المرور رغم التحذيرات المستمرة من وزارتي الصحة والبيئة في مصر من أن نسبة الضوضاء في شوارع القاهرة تشكل خطراً بالغاً على البيئة العامة وصحة المواطنين بعدما وصلت النسبة إلى 95 ديسبل مع خطورة ذلك على سلامة الأذن وتلف الخلايا السمعية على المدى القريب أو البعيد، فإن غالبية السائقين لا يعيرون ذلك اهتماماً لاسيما عندما يعتقدون أن انتظارهم في إشارة المرور قد طال فيسرعون بإطلاق سلسلة متصلة من الكلاكسات فيما يشبه الكورال الموسيقي ولكن بصورة منفرة كنوع من الضغط على شرطي المرور الذي يضطر إلى الإسراع في فتح الإشارة ‏ تفادياً لأن يفقد حاسة السمع. ويقول علاء عبد الفتاح، سائق ميكروباص «إشارة المرور تطول كثيراً بصورة تحترق الأعصاب لاسيما في نهار الصيف الذي لا تحتمل درجة حرارته فنسعى لتنبيه شرطي المرور». ويضيف «إذا صرخت، فسيقال إنني مجنون ووقتها أرد وألعن وأكون قليل الأدب وأدخل في سلسلة من المشاكل أنا في غنى عنها والحل هو اللجوء إلى كلاكس السيارة عدة مرات وغيري من السائقين يكمل وخلال لحظات يفهم شرطي المرور ما نرمي إليه ويفتح الإشارة». تحية سمعية يحل «الكلاكس» محل التحية لدى التقاء الأصدقاء في الطريق أو في إشارة مرور وأيضاً يستغل البعض كلاكس السيارة في معاكسة سيدة أو فتاة تسير إلى جواره وهو ما يعترف به خالد سعيد قائلاً «أحياناً أجد سيارة ملاكي إلى جواري تقودها فتاة فائقة الجمال فلا أملك إلا أن أعبر لها عن إعجابي بـ»كلاكس» على الماشي. ويبرر سوء فعلته، قائلًا القانون لا يجرم المعاكسة بكلاكس السيارة». ‏كما يتخذ البعض لاسيما من جماهير كرة القدم أبواق السيارات وسيلة للتعبير عن فرحتهم بفوز فرقهم حتى أن الأمر صار بمرور الوقت عنصراً لا غنى عنه فيخرج المشجعون بعد المباراة في مواكب سيارات تدوي أبواقها بوتيرة معتادة اقرب إلى الأنغام الراقصة، فمثلا هناك كلاكس مميز من نوعية «بيب بيب أهلي أو زمالك»، وأحياناً مصر ويصحب ذلك تلويح قائدي السيارات بالأعلام والشعارات المميزة. والأغرب أن بعض من ليس لهم علاقة بتشجيع كرة القدم قد يبادلونهم التحية بكلاكس مماثل كنوع من المشاركة وهو ما يتكرر بصورة شبيهه في مواكب «الزفة « في الأفراح فتجد كل السيارات التي تشارك في زفة العروسين تبادر إلى إطلاق الكلاكسات كنوع من الابتهاج بالحدث السعيد. وسيلة تميز ليست كل أبواق السيارات على نفس الدرجة من الإزعاج وإنما تتفاوت حسب حجم ونوع السيارة إذ تعتبر آلة التنبيه المستخدمة في شاحنات النقل هي الأكثر إزعاجاً وتأتي ‏ ‏بعدها أتوبيسات النقل العام التي يستخدم سائقوها الكلاكس بلا داع في معظم الأحيان وهناك أيضاً أتوبيسات المدارس التي تنادي الطلاب المشتركين معها بكلاكس مميز يفهمه الطالب وأسرته فيعجل بالنزول مسرعاً من البيت. وهناك شباب يرون في كلاكس السيارة وسيلة للتميز. ويقول نادر السويسي، تاجر قطع غيار واكسسوارات للسيارات، أن هناك أنواعاً‏ ‏جديدة من الأبواق يقبل عليها الشباب رغم أنها مخالفة لقواعد الذوق العام كأبواق الإسعاف وسيارات الإطفاء وصولاً إلى أصوات ‏العصافير والأسعار بين 100 – 500 جنيه وبعضها بمجرد ضغطة واحدة على زر التنبيه بالسيارة يستمر صوت الكلاكس لمدة تتجاوز الدقيقة وبعضها به عدة نغمات عالية ومنفرة والأمر يختلف بالنسبة لكبار السن فنجدهم يميلون أكثر إلى الاعتدال واستخدام البوق النمطي التقليدي. سلوك ثقافة القطيع تفسر الدكتورة عزة كريم، الخبيرة بالمركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية، لغة «الكلاكس» السائدة بين السائقين بأنها سلوك ثقافة القطيع ويمثل انعكاساً لحالة الفوضى المرورية التي تشهدها شوارع القاهرة نتيجة غياب تطبيق القانون بشكل صارم على الجميع بلا تفرقة. وتحذر من عواقب وخيمة لكثرة تعرض المجتمع لهذا النوع من الضوضاء تتمثل في شعور المرء الدائم بالتوتر والميل إلى الغضب مما يدفعه للتهور وارتكاب جريمة لأتفه الأسباب، مؤكدة أنها من خلال دراسات اجتماعية عدة عن أسباب الجريمة في الشارع المصري وجدت أن الضوضاء تلعب دوراً كبيراً في زيادة مساحة الغضب والتهور وانفلات الأعصاب.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©