الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألف باء الألوان للكبار والصغار

ألف باء الألوان للكبار والصغار
27 أغسطس 2008 23:28
يضم المرسم الحر، المركز الفني النشيط في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث طاقات إبداعية واعدة تأمل ان تدخل عالم الفن من خلال الخبرة والتعلم في مختلف الفنون ''الرسم والخط العربي والتصوير الفوتغرافي والسيراميك والرسم على الحرير والنحت'' وهو في كل ذلك يستقبل من يريد ان يتعلم بعيدا عن عمره وجنسيته وما يمتلك من طاقات كبيرة كانت أو صغيرة· ينتظم فيه الآن أكثرمن 300 متدرب وهو يشغل فعلا حيزا من فراغ الكثيرين الذين يطمحون الى تغيير حياتهم من العادي واليومي والمألوف الى ما يجعلها أكثر غنى بالفن والإبداع· تأسس المرسم الحر منذ سنوات طويلة ولا يزال يمارس دوره في استقطاب المئات من المتدربين الذين يأتون اليه تحدوهم الرغبة الحميمة في التعلم، وبذلك غدا مركزا مهما يكرس أهمية تعلم الفنون ضمن تواصل اجتماعي خلاق بين الجاليات التي تعيش في أبوظبي بروح التسامح الذي يعتبر من أولويات أهداف الفن· توجه ''الاتحاد الثقافي'' الى مركز المرسم الحر وتجول بين أركانه المبهجة التي تعج بالمشتغلين والتقى بإدارته وبمدرسيه وبالمتدربين بين أحضانه من عرب وأجانب ومن مختلف الجنسيات فوجد الألفة والتعاون قائما فاستطلع الرؤى التي تريد ان تقدم الابداع اولا في الحياة: الكبار والصغار تقول سوسن خميس مسؤولة المرسم الحر في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عن طبيعة عمل المرسم الحر: إن مهمة المرسم الحر الأساسية هي إعطاء دورات في الفنون التشكيلية وما يرافقها من فنون يدوية أخرى وهي الرسم والخط العربي والتصوير الفوتغرافي والسيراميك والرسم على الحرير والنحت· وتضيف: إننا نركز عادة على الجانب الفني في الرسم وبمختلف الأنواع من مثل الرسم بالزيت والرسم بالألوان المائية· وتقول عن عدد المنتسبين: يختلف الانتساب الى المرسم الحر من شهر إلى آخر، فهو يصل في بعض الأشهر الى حوالي 250 الى 300 متدرب وخاصة في فترات الصيف عندما توفر العطلة للمتدرب فرصة من الوقت كي ينتسب فيها الى المرسم من أجل إرضاء طموحه ورغباته في تعلم الفن، ويصل عدد المتدربين في بعض الأشهر الى أقل من ذلك ولكن شريحة المتدربين تتغير باستمرار حيث نجد أن فئة كبار السن يأتون الينا شتاء، اما الناشؤون فيأتون صيفا· وعن تفاوت أعمار المتدربين في المرسم وطبيعة اهتماماتهم تقول سوسن خميس: إن أقل عمر للانتساب هو 14 سنة ويتدرج صعودا الى ما لا نهاية، ونحن لا نخول أنفسنا بأن نمنع التعلم عن أي شخص، إذ ربما لم تتوفر لأي متدرب لدينا في شبابه فرصة للتعلم وعليه فإنه يلجأ الى المرسم كي يحقق رغباته التي لم تتحقق من قبل ومن هنا فإن واجبنا الحقيقي ان نغرس فيه هذا الطموح ونحققه له· نسبة متفاوتة وتضيف سوسن خميس: إن المنتسبين من النساء أكثر بكثير من الرجال والفتيان ونحن نحاول جاهدين ان نعدل من هذه النسبة المتفاوتة كثيرا والتي تصل الى 90% من النساء في الرسم والى 60% من النساء في التصوير الفوتوغرافي والخط العربي· وعن كيفية معالجة تعديل هذه النسبة تقول: هذا الأمر ذو طبيعة اجتماعية، فالشباب يبعدون أنفسهم عن التوجه الى ممارسة هذه الفنون لأنها ذات طبيعة خاصة ومنها كثرة تلوث ملابس المتدرب على سبيل المثال· وتضيف: إننا نعرف ان الخطوات في ممارسة الفن تبدأ بالرسم بالقلم الرصاص ثم استخدام الألوان وعندنا من الشباب من يظل في مرحلة استخدام القلم الرصاص لفترة طويلة كيلا ينتقل الى استخدام الألوان خوفا من ان تتلوث ملابسه، هذه صفة رجالية كما يبدو، أما النساء فهن أكثر جرأة في هذا المضمار· وعما يمنحه المرسم من شهادات في نهاية دورة المتدرب التي تستمر شهرا عادة أوقد تستغرق وقتا اطول من ذلك بكثير عند بعض المتدربين رغبة منهم في التعلم المستمر تقول سوسن خميس: ان المرسم لا يمنح شهادة رسمية كوننا مرسما حرا وليس معهدا أكاديميا او كلية فنون وبالتالي هذا ينعكس على إقبال الناس والراغبين في تعلم الفن على المرسم، بالرغم من ان المستوى الفني الذي يقدمه المرسم عبر أساتذة متخصصين في الفنون الإبداعية المختلفة يعتبر مستوى عاليا قد يضاهي الكليات والمعاهد الفنية المتخصصة· وتضيف: لدينا طلاب يدرسون الفنون المختلفة في جامعاتهم ولكنهم بالرغم من ذلك فإنهم يأتون الى المرسم للتعلم على ايدي المختصين من الأساتذة لدينا· ثم تقول: ولتأكيد ذلك الاقبال الآن تحديدا فإننا نجد ان عدد المتدربين في المرسم يصل الى حوالي 300 متدرب ينتظمون في أوقات متفاوتة ومحددة وفقا للبرنامج المعد لهم وعليه تجد ان المشغل في حركة دائبة صباحا ومساء لأن فترات التدريب لدينا منقسمة الى قسمين احدهما في صباحا والآخر في المساء· صورة اجتماعية وتوضح سوسن خميس: ان هناك ظاهرة نشعر بالاعتزاز بها وهي اننا نجد مجموعة من المدارس الخاصة التي تهتم بالجانب الفني وعندما يذهب المتدربون من مرسمنا بعد تعلمهم الفنون المختلفة الى تلك المدارس فإنهم يجتازون الامتحانات التي تقررها تلك المدارس بدرجات عالية حقا، وهذا موضع اعتزاز وفخر لنا، وبخاصة عندما يأخذون أعمالهم المنجزة في مرسمنا ليطلع عليها الآخرون· وتضيف: اما من حيث جنسيات المتدربين فإن جميع الجنسيات تأتي للتعلم في مرسمنا، لأن مبدأنا هنا هو التعامل بالمثل فلا فرق بين متدرب وآخر لأن اختلاف الجنسيات والأعمار سوف يقوي من طبيعة العلاقات الاجتماعية فيما بين الناس، ونحن نلاحظ الاحترام المتبادل وتعلم العادات بين بعضهم البعض، ومن هنا نجد ان مرسمنا صورة اجتماعية عالمية، إذ نلحظ ان هناك اعمالا فنية مرسومة تمثل بيئة بلد المتدرب الذي نشأ فيه والتي سيطلع عليها زميله وبذلك سيتعرف على بلد الآخر، هنا في مرسمنا نجد العالم في لوحة· وعندما تتحدث سوسن خميس عن الخط العربي تقول: من الرائع جدا ان نجد لدينا طلابا يتعلمون الخط العربي من قوميات وشعوب ليست عربية، من اليابان والمانيا وكندا فهم يمضون الشهور الطويلة في تعلم هذا الفن الراقي الذي يخص لغتنا العربية لا غير، وفي هذا الاطار فإننا نجد فنون الخط، الرقعة، النسخ، الكوفي، الثلث على ألسنة الطلاب الأجانب وهم في تخرجهم من المرسم لا بد من انهم سيصبحون سفراء للغة العربية عبر الفن الذي تعلموه في مرسمنا· اكتشاف الأسرار اما المتدربة في الرسم بالزيت أماني شحاتة فتقول: جئت الى أبوظبي منذ سنة وكانت بالنسبة لي نقلة مهمة في حياتي، وبالتالي فإن المكان يبدو جديدا تماما وأحسست بعدم قدرتي على التكيف في هذا الوضع المختلف بسهولة فكان الحل الأمثل أمامي هو في انتسابي الى المرسم الحر الذي وجدت فيه ما يحقق رغبتي الفنية وتوازني النفسي السليم من عدة جوانب هي الجانب الفني والاجتماعي والنفسي عبر التعرف على الاصدقاء والناس والاندماج بالمنظومة الاجتماعية· وعن سبب اتجاهها الى الرسم تقول : منذ زمن طويل كانت رغبتي في ان أتعلم الفنون الجميلة ولكنها لم تتحقق وأحسست حينذاك بأنها مكبوتة في داخلي لذا فإنني وجدت الفرصة هنا سببا في تنميتها وإخراجها والاهتمام بها· وعن فترة انتسابها الى المرسم تقول أماني: أمضيت سنة كاملة في التعلم وقد استفدت كثيرا حقا، لقد انجزت على يد مدرسة الرسم ''جينا'' التي بدأت التعلم على يديها عبر مزج ورؤية ألوان بدقة لم تتعود عيني من قبل على تفحصها بهذا الشكل المبهر والرائع واكتشاف أسرارها، ولذا فإنني أنجزت لحد الآن 4 لوحات اعتبرها بداية حقيقية لي، انها لوحات عزيزة عليّ وبمثابة أولاد جدد ينتسبون الى عالمي الجديد· الإحساس المرهف ويقول المتدرب ابراهيم محمد عبدالمالك من ليبيا: جئت الى المرسم من أول هذا الصيف اي ما قبل ثلاثة أشهر ودفعني الى ذلك حبي للرسم كي أحقق رغبتي في تعلم هذا الفن المدهش و خلال هذه الفترة تعاقب على تدريسي 3 مدرسين وهم مدرس الرسم أمجد ثم هشام والآن جينا، وكل واحد منهم تعلمت منه شيئا مفيدا· وعن توقع تخرجه يقول: انني لا اضع حدودا لتعلم الفن وسوف استغل كل عطلة صيفية في الانتساب الى المرسم الحر وأشكر أمي على تشجيعها لي كما انني لاحظت رقي التعامل من قبل إدارة المرسم مع المتدربين واعتبره في منتهى التحضر، حيث وجدت الاهتمام والرعاية اللازمين لانشداد الطالب الى المكان الذي يريد ان يتعلم به وبخاصة الفن الذي لابد ان يكون القائمون عليه بمستوى من التعامل الراقي والإحساس المرهف بأهمية الفن الذي سوف يعلمونه وسوف يتقبله المتدرب· مسك الفرشاة من جانبها تقول مدرسة الرسم الفنانة التشكيلية جينا شريف خريجة فنون جميلة من جامعة القاهرة والتي أمضت ما يقرب من 11 عاما في تدريس فن الرسم بالمرسم الحر: سبق وان التقيت بالكثير من المواهب الإبداعية وبالكثير من الطاقات التي استطاعت ان تؤسس لنفسها مكانة في فن الرسم عبر انطلاقتها من المرسم الحر· وتضيف: ابتدأت بتدريس الرسم للحالات الخام التي لم تمسك الفرشاة مطلقا وهذا شكل لي صعوبة كبيرة بحيث كنت أبذل جهدا نفسيا وفنيا في تعليم تقبل المتدرب للعملية الفنية عبر صبره على الجلوس أمام اللوحة البيضاء ليسطر أفكاره فيها· وتقول ايضا: جاءني اناس لم يكتشفوا مواهبهم أبدا وخرجوا من المرسم وهم في أرقى حالات الإبداع، انهم فنانون يعيشون بيننا الآن وكل ذلك بفضل تاريخ وإنجاز واهتمام المرسم الحر في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث· وتضيف جينا: كما تدرب تحت يدي أناس موهوبون بالفعل وحصلوا على جوائز على مستوى الإمارات وهذا حقق لهم توازنا اجتماعيا في علاقاتهم مع أهلهم وأسرهم والآخرين، عبر تشجيعهم في الاستمرار للوصول الى تحقيق منجزهم الإبداعي حيث كان المرسم حريصا على تطوير إمكانات هؤلاء الموهوبين وإعداد المعارض الخاصة بهم وكان اشتراكهم بأعمالهم في المسابقات داخل الإمارات وخارجها ممثلين للمرسم الحر خير انجاز· وعن نسبة اقبال الفتاة الإماراتية على التعلم في المرسم الحر تقول جينا: تكاد تكون نسبة الفتيات الإماراتيات اكثر من الشبان ولكن هؤلاء الشباب بالرغم من عددهم القليل إلا انهم يستمرون في المرسم الحر لدينا· وتضيف: ان جهدي المضاعف يتركز اكثر على الحالات الصعبة التي قد اصفها بأنها غير متدربة سابقا وغير موهوبة الى حد كبير· التعامل الإنساني اما عن تعامل ادارة المرسم مع المتدربين فتقول جينا: منذ تأسيس المرسم أشعر بأنني داخل أسرتي بما يمتلك المرسم من توازنات إنسانية بين الإدارة والمدرسين والطلبة الذين يشعرون جميعا بأنهم في إطار اجتماعي واحد، وإلا ما كان لبعضهم ان يستمر لحوالي 7 سنوات ولايزالون متدربين في المرسم ويملكون علاقات اجتماعية رائعة مع إدارة المرسم ومع معلميهم· وتضيف جينا: من مميزات المرسم الحر انه لا يرفض ابدا أي حالة من الحالات الخاصة التي تأتي إلينا لدواعي إنسانية وأخلاقية مادمنا نتعامل بالفن فإننا ننقل هذا التعامل الى الحياة· وعن تجربتها مع حالات ذوي الاحتياجات الخاصة تقول: لدي بعض الحالات التي فقد فيها المتدرب النطق والسمع، حيث لا توجد لغة بيننا نتعامل من خلالها إلا لغة الإشارة، ومن هنا تأتي صعوبة التعلم وإيصال الفكرة حيث يصبح جهدنا مضاعفا· وتؤكد: ان هناك حالات من الضعف الذهني التي تريد أن ترضي رغبات داخلية في أعماقها، شباب في عقول أطفال بريئين لابد ان نقدم لهم الفن بكل ما استطعنا من طرق، حيث نعلم أنفسنا ان نجد الطرائق التي تعيننا على كيفية تعليمنا الفن لهم، ومن أهم الإنجازات التي استطاعت مسؤولة المرسم الحر سوسن خميس انها تتابعها هي الحالات الخاصة وهي تعرف تماما قدرات كل متدرب من هذه الفئة وما يعيقه وكيفية اختيار المدرس المناسب له الذي لابد ان يمتلك صفة الصبر، وسبق ان اخترنا طالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة وهي ''مها شاهد'' وأقيم لها معرض أثار إعجاب الجميع، وهذا دليل على مدى اهتمامنا واهتمام إدارة المرسم بالحالات الخاصة من ذوي الاحتياجات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©