السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

موسم الهجرة من الصحافة.. لماذا؟!

10 مايو 2018 02:48
أحمد مصطفى العملة جرب «القلم»، فلم ينفع. ثم جرب «الحذاء»، فلم يفلح.. الآن يحاول مع «المقعد». عن منتظر الزيدي نتحدث.. هل تذكرونه؟!. بالتأكيد كثيرون لن ينسوا الصحفي الشاب الذي رشق بالحذاء الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن في مؤتمر صحفي ببغداد عام 2008... منتظر يخوض بعد غد السبت معركة جديدة في الانتخابات البرلمانية، فهل يكسب أخيرا قضيته؟! ربما، لكنه ليس الصحفي العربي الوحيد الذي يجرب حظه السياسي. سبقه الأحد الماضي إعلاميون لبنانيون بارزون مثل بولا يعقوبيان وتوني خليفة وجمانة حداد وجيسيكا عازار، خاضوا الانتخابات النيابية (بدون سابقة رشق رئيس دولة عظمى بالحذاء). والتحدي في الحالتين صعب للغاية، ودونه حسابات طائفية وإقليمية معقدة جداً، مما يطرح التساؤلات حول الأسباب القاهرة التي قد تدفع صحفيين أو مذيعين ناجحين لخوض معترك السياسة، تاركين وراءهم مهنة كانت لهم منبراً للدفاع عن قضايا الشعب ومنحتهم دور الرقيب على السلطة. منتظر قال إنه يريد «القضاء على السياسيين الفاسدين»، والآخرون تحدثوا مثله عن ظواهر سلبية مشابهة يريدون علاجها. فهل يعني ذلك اعترافاً من أبناء المهنة بأنها فقدت فعاليتها، على الرغم من تعاظم قدراتها بفعل التكنولوجيا الجديدة، أم أنها عدم ثقة في صناع السياسة أو أن وراء الأمر شهوة النفوذ والحصانة.؟!. لا أحد يعرف الإجابة على وجه التحديد. لكن بالتأكيد الظاهرة ليست جديدة تماماً. فالبرلمان المصري يكاد لا يخلو يوماً من صحفي أو أكثر، منذ عباس محمود العقاد في ثلاثينيات القرن الماضي، وكذلك الأمر في بعض المجالس التمثيلية العربية. لكن هذه الوتيرة المتصاعدة الآن تأتي في إطار تحولات أوسع نطاقاً يشهدها قطاع الإعلام منذ سنوات. فمع انتعاش الاقتصاد أخذ الصحفيون يهجرون الصحف المطبوعة إلى شركات العلاقات العامة أو يعملون كمتحدثين إعلاميين لهذه الجهة أو تلك، ومع تطور التكنولوجيا فر البعض للفضائيات التلفزيونية أو الفضاء الإلكتروني.. وعندما لم يسعهم الفضاء بنوعيه، صاروا يحاولون دخول معترك السياسة. وللقضية وجوه عدة. فقد يرى فريق أن تنقل الصحفيين بخبراتهم المتراكمة بين قاعات التحرير والبرلمانات يدعم العمل الإعلامي والسياسي، فيما يرى آخرون أن المزج بين الأمرين خطير أحياناً وربما يهدد موضوعية ومصداقية وحيادية الصحفي، خاصة عندما يتولى أو يسعى لتولي سلطة سياسية. ويعد محمد حسنين هيكل نموذجاً استثنائياً، في هذا الصدد، فقد رفض مراراً تولي الوزارة في عهد عبدالناصر،(على الرغم من قربه الشديد من السلطة)، ثم قبلها مضطرا لفترة وجيزة جدا كمهمة قومية أوائل السبعينيات. وفي الغرب ثمة نماذج شهيرة وكثيرة. ربما كان أبرزهم ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الذي قادها للنصر في الحرب العالمية الثانية. وكان في بداية مسيرته مراسلاً لصحيفة «ذي موريننج بوست»، لمدة عام خلال حرب البوير. ثم هناك بنيتو موسوليني الطاغية الإيطالي الذي كان مسؤولاً عن تحرير اثنتين من صحف الحزب الاشتراكي، قبل أن يقود بلاده للجحيم في الحرب العالمية الثانية أيضا. فأي النموذجين يختار الصحفيون العرب الباحثون عن بريق السلطة؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©