الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سلام الشرق الأوسط··· إشارات الوداع الأميركية

سلام الشرق الأوسط··· إشارات الوداع الأميركية
27 أغسطس 2008 00:11
بعد مضي تسعة شهور على استضافة الرئيس الأميركي ''جورج بوش'' ووزيرة خارجيته ''كوندوليزا رايس'' لمؤتمر ''أنابوليس'' للسلام في الشرق الأوسط -حظي وقته باهتمام إعلامي كبير، وتعهدت فيه كافة الأطراف المعنية بالعمل من أجل التوصل إلى تسوية للنزاع في المنطقة بنهاية عام 2008- تأتي ''رايس'' شخصياً إلى المنطقة للدفع باتجاه الوصول إلى صفقة ما، قبل انتهاء فترة ولاية ''بوش''؛ والزيارة الحالية لـ''رايس'' إلى المنطقة التي بدأتها يوم الأحد الماضي، تعد زيارتها الثانية والعشرين للمنطقة والتي دأبت خلالها جميعاً على القيام برحلات مكوكية بين الطرفين المتنازعين، دون أن يتوصل الطرفان إلى الاتفاق على شيء واحد سوى الشعور بخيبة الأمل· إن الفشل في إحراز تقدم على مسار السلام يرجع إلى المفاهيم المغلوطة المبكرة عن المنطقة، والافتقار إلى جهد مستمر لحل الصراع، بالإضافة إلى ضعف القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية؛ وهنا قد يقفز إلى الذهن سؤال: هل ما قام به ''بوش'' لا يعتد به كثيراً فضلاً عن أنه جاء متأخراً بأكثر مما ينبغي كما يذهب إلى ذلك البعض؟؛ فحسب ''مايكل أورين'' الأستاذ الزائر بجامعة ''جورج تاون''، فإن ''بوش'' أمضى خمسة أيام بلياليها في مكتبه يستمع ويقرأ ويفكر حول الصراع العربي- الإسرائيلي، كما زار المنطقة مرتين، واستضاف مؤتمر ''أنابوليس'' الذي استغرق يومين، وهو جهد لا يمكن وصفه بأنه ''لا يعتد به''؛ كما انه وعلى مدى سنوات حكمه، ضغط ''بوش'' على الإسرائيليين لتفكيك المستوطنات، والانسحاب من غزة، كما ضغط على الفلسطينيين من أجل تكوين حكومة ديمقراطية· مع ذلك يذهب الكثيرون هنا إلى أن الجهد الذي قام به ''بوش'' لم يكن كافياً، وأنه لا يقارن بالجهد الذي بذله الرئيس السابق ''كلينتون'' والذي كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى حل بين الطرفين، بعد مفاوضات ماراثونية في منتجع ''كامب ديفيد''؛ كما لا يقارن كذلك بالجهد الذي بذله الرئيس الأسبق ''جيمي كارتر'' والذي ساعد على التوصل إلى أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية؛ ويلخص الرد على هذا الكلام بالقول: انه عندما يكـــون الرؤساء ضعفـــاء فلا بد لأي مفاوضات أن تتعثر· يقول ''أورين'' الذي يرى أن أكبر مشكلة واجهت الإدارة الأميركية في السنوات الأخيرة، هي مشكلة ضعف كفاءة القيادة على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني: ''من الأشياء المعتادة، أن نسمع من يقول: إن الرئيس ''بوش'' قد أضاع فرصاً للحل من خلال استخدامه للفرضيات الخاطئة· ولكنني لا أتفق مع ذلك؛ فالعنصر الحيوي في عملية صنع السلام في المنطقة هي وجود قيادة قوية لدى الإسرائيليين والفلسطينيين وهذا ما نفتقده في الوقت الراهن''· على الجانب الإسرائيلي، نرى أن رئيس الوزراء ''إيهود أولمرت'' متورط في فضيحة مالية، دفعته تداعياتها وأمور أخرى إلى إعلان أنه سيتخلى عن منصبه في سبتمبر؛ أما على الجانب الفلسطيني فنجد أن الانشقاق الخطر، والآخذ في الاستفحال، بين حركتي فتح وحماس، لا يزال يساهم في تقويض سلطة الرئيس الفلسطيني ''محمود عباس''؛ يقول ''محمد الدجّاني'' -مدير ''معهد الدراسات الأميركية'' في جامعة القدس-: ''لم يعد هناك وقت كاف لعمل أي شيء الآن··· فأيّ من اللاعبين، ليس في حالة تسمح له بصياغة أي سياسة، كما لا يوجد لدى أيهما أي طاقة للاشتغال على عملية السلام''· يوافق ''داني آيالون'' -السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن حتى عام 2006- على ذلك حيث يقول: ''الشيء الوحيد الذي يمكن أن نأمل فيه الآن، هو تلافي حدوث انهيار كامل في الحوار بين الطرفين، وإبقاء لهب صغير للحوار مشتعلاً كي تعمل الإدارة القادمة عليه''؛ ويؤكد السيد ''آيالون'' أنه لا يوجد مطلقاً أي أمل للتقدم في المنعطف الزمني الحالي، وأن الغاية الآن هي إبقاء الأجزاء الهشة مضمومة سوياً والاحتفاظ بواجهة للزخم''· وإطلاق سراح 198 فلسطينياً سجيناً يوم الأحد الماضي كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الفلسطيني ''محمود عباس'' لم يؤد إلى تحسين المزاج العام القائم هنا؛ فقد أدى هذا إلى إثارة غضب العديد من الإسرائيليين خصوصاً لجهة أن اثنين من المفرج عنهما قد قاما بعمليات أسفرت عن مقتل مدنيين إسرائيليين؛ ومن الناحية المقابلة يقول الفلسطينيون إن هذه البادرة ليست كافيـــة مطلقــــاً، لأن هنـــاك ما يقـــارب 9 آلاف سجين فلسطيني، لا يزالوا موجودين في السجون الإسرائيلية! عندما أقلعت طائرة ''رايس'' عائدة إلى بلادهــــا أمــــس لم يكـن واضحــــاً لدى أحـــد ما إذا ما كانت ستعود إلى المنطقة مرة أخرى كوزيرة للخارجية أم لا؟ ولكن زيارتها كما يرى ''آيالون'' كان لها تأثير مهدئ على الطرفين؛ ولكن الأكيد هو أن تلك الزيارات لم يعد ينظر إليها على أنها تحمل معها بشارات السلام؛ ليس هذا فحسب بل إن الحقيقة هي أن زيارتها هذه المرة قد حظيت باهتمام محدود من وسائل الإعلام في المنطقة، على الرغم من أنها كانت تتصدر نشرات الأخبار والصفحات الأولى للصحف فيما مضى· ينهي ''آيالون'' حديثه بالقول: ''لم يعد لدينا ما يمكن أن نفعله سوى الانتظار، وليس مهماً من يفوز ومن يخسر في الانتخابات القادمة، ولكن ما نعرفه هو أن الإدارة القادمة سوف تحتاج إلى عـــدة شهـــور حتى تستقر؛ وليس من المتوقـــع حدوث شيء على الأرض هنا خلال هذه الفترة وعلينا -على أدنى تقدير- أن ننتظر حتى الصيف القـــادم''· دانا هارمان - تل أبيب ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©