السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جاسم المرزوقي: فوبيا انفلونزا الخنازير تغذت على التصريحات المتناقضة وتأخر ظهور اللقاح المضاد

جاسم المرزوقي: فوبيا انفلونزا الخنازير تغذت على التصريحات المتناقضة وتأخر ظهور اللقاح المضاد
6 نوفمبر 2009 22:47
مع تداعيات المرض وصعوبة حصره والسيطرة عليه بدأت وسائل الإعلام تتناقل خبر وصول كبريات شركات الأدوية العالمية لاكتشاف لقاح مضاد للمرض وفي نفس الوقت بدأت بعض المواقع الإلكترونية ورسائل الأجهزة النقالة تتناقل تحذيرات من تناول لقاح الانفلونزا الجديد بدعوى أنه يسبب أمراضاً خطيرة، فصار الهلع من المرض ومن لقاحه على حد سواء. “دنيا الاتحاد” التقت الدكتور جاسم المرزوقي استشاري وممارس إرشاد وصحة نفسية ورئيس جمعية الإمارات النفسية للحديث عن الآثار النفسية المترتبة على مرض انفلونزا الخنازير، وكيفية التعامل مع هذا المرض نفسياً. يقول المرزوقي شارحاً الصورة الحقيقية النفسية للمرض :”تعتبر الأحداث والتغيرات الدراماتيكية السمة الأساسية في العصر الحالي، فالتغيرات التي طالت نمط الحياة أحدثت شرخاً واضحاً في نوعية الخدمات ما أثر في البشرية بشكل كبير كنتيجة طبيعة لمضاهاة هذه السرعة، والثمن دائماً على حساب جودة الخدمات”، مشيراً إلى أنه في الماضي كان التركيز على ضعف الخدمات الصحية كسبب رئيسي لارتفاع حالات الوفيات، في حين أصبح التركيز على نوعية الأمراض والأوبئة التي رغم التطور الهائل في مجال الطب والصحة مازالت أعداد الوفيات في ازدياد. ويضيف: “يمكن إرجاع الأسباب إلى تلك التغيرات الدراماتيكية التي أثرت وبشكل كبير في عجز البشر عن حل مشاكلهم وعلاج أمراضهم والسبب سوء الخدمات والتي هي أيضاً من صنع البشر. فمرض جنون البقر، ومرض انفلونزا الطيور وغيرها من الأمراض الخبيثة لم تكن معروفة في السابق وفي ظل الأمراض السابقة فإن منظمة الصحة العالمية لم ترفع مستوى خطر الانتشار إلا للمستوى الخامس وكان ذلك المستوى من الإنذار بمثابة خطر شديد يهدد حياة البشرية”، مبيناً أن منظمة الصحة العالمية وقفت عاجزة مع بداية انتشار مرض انفلونزا الخنازير (H1N1)، ودليل ذلك تجاوز مستوى الخطر الدرجة الخامسة، وللمرة الأولى تصرح منظمة الصحة العالمية بخطورة مرض انفلونزا الخنازير وبلوغها المستوى السادس ما يعني أن البشرية معرضة للإصابة بهذا المرض للعديد من الأسباب أهمها سرعة الانتشار، وتعدد الأعراض التي قد تتسبب في الوفاة بشكل سريع، خاصة في ظل غياب الدراسات والمعلومات الكافية عن المرض من ناحية، وعدم وجود اللقاح لمعالجة هذا المرض من ناحية أخرى. حالة ترقب مع مرور الوقت بدت حدة الترقب في ازدياد خاصة في ظل تزايد انتشار المرض بشكل سريع وظهوره في دول أخرى وغياب المعلومات الكافية عن نوع الفيروس وغياب تركيبة اللقاح المقاوم لهذا المرض، كل هذه العوامل أثرت وبشكل كبير في ردود أفعال الناس. إلى ذلك، يقول المرزوقي: “كغيري من أفراد شرق هذا العالم كنت أشاهد الأخبار عبر مختلف وسائل الإعلام وأراها بعيدة كما كنت أرى خطورتها أبعد. فأين الغرب من الشرق بينهما مسافة شاسعة، وهنا بالتحديد أود التركيز على مستويين من البشر، فالغربون بحكم قربهم من منشأ المرض يفترض أن يسود مشاعرهم الخوف أما الشرقيون في هذه المرحلة كانوا مشاهدين لردود هذه الأفعال، وهنا كان الانقسام طبيعياً في ردود الفعل، ونقطة التحول المحورية في تطرف ردود فعل الشرقيين بدت مع ظهور الحالات الأولى من المرض في الشرق الأوسط من حيث الإصابة، وبداية الإعلان عن حالات الوفيات الأولى عند الغرب، وهذه الأحداث غيرت مشاعر العالم بأسره إلى خوف حقيقي تطور مع الأيام إلى حالة من الهلع لدى الكثير من الناس ما أثر في الحالة النفسية لسكان العالم”. ويوضح أن انتشار مثل هذه الأحداث أو الأمراض يشكل مرتعاً خصباً لتكاثر مختلف الأعراض النفسية كنتيجة طبيعية لردود فعل الناس المبالغ فيها خاصة في ظل غياب الأطر والمفاهيم والمعلومات الكافية من جهة الصحة العليا على مستوى العالم (منظمة الصحة العالمية)، مبينا أن “الاكتئاب والقلق والضغط النفسي تشكل النسب الأعلى من هذه الأعراض كعوامل رئيسية لبروز العوامل الثانوية سواء كانت على مستوى المشاعر أو السلوك، فالخوف والحزن والهلع والتردد والشك والتوتر والإجهاد الذهني من كثرة الأفكار هي أكثر المشاعر تأثراً بانتشار هذا المرض، بينما الانعزال، وعدم ممارسة الأنشطة والهوايات وفقدان التواصل الاجتماعي مع العالم الخارجي والمغالاة في السلوكيات الاحترازية والتصرفات في التعامل مع الآخرين هي أهم الأعراض السلوكية تأثراً بالمرض”. فقدان الثقة يشير المرزوقي إلى فقدان ثقة الناس في منظماتها الصحية خاصة في ظل غياب قدرتها على إدارة الأزمة كنتيجة طبيعة لهول المرض وانتشاره بشكل سريع وعدم وجود اللقاح المضاد لهذا المرض وتزايد أعداد المصابين به ووفاة أعداد كبيرة به حيث يقول “كل هذه الأحداث أثرت بشكل كبير في الحالة المزاجية العامة للناس وكدليل على ذلك التأثير الواضح في الوضع الاقتصادي خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، فكثير من الناس ونتيجة لانتشار المرض وقرب موسم الصيف وتزايد الرحلات السياحية قد غيرت من قرارها بالعدول عن السفر وهذا كان واضحاً من خلال تقارير وكالات السفر والسياحة التي أظهرت هبوطاً كبيراً في نسبة الحجوزات من ناحية وإلغاء عدد كبير جداً منهم حجوزاته كنتيجة لحالة الخوف والذعر التي سادت أوساط الناس، وهذا بلا شك دفع أعدادا كبيرة جداً من الناس للتعبير عن خوفها من المرض بممارسات خاطئة تطورت لدى البعض بشكل مبالغ فيه. ويوضح أن المختصين اختلفوا في تفسيرهم لردود الفعل المتباينة بين موافق ورافض لهذه التصرفات والسلوكيات خاصة في ظل تصريحات منظمة الصحة العالمية رفع مستوى الخطر للدرجة السادسة الأمر الذي لم يحدث مع أي مرض آخر لدرجة أنه أصبحت خطورة المرض وباء عالميا. ويتابع: “رغم هذه التصريحات إلا أنني أعتقد أن التحول الذي شهده العالم بشفاء بعض المصابين أحدث تبايناً أكبر في ردود الفعل ما أحدث نقلة نوعية. فبدأت المخاوف لدى الكثيرين في الزوال وسقط البعض في الحيرة بسبب التناقض في تصريحات منظمة الصحة العالمية حول خطورة المرض ورفع مستوى الخطر للدرجة السادسة وتزايد الإصابة بالمرض والوفيات من ناحية وتزايد أعداد المرضى الذين تم شفاؤهم من المرض، وظهور أنباء عن اكتشاف لقاحات لعلاج المرض من ناحية اخرى وهذا أدى إلى انشطار العالم الى شطرين، وهذا الانشطار كان طبيعياً نظراً لمضي وقت على ظهور المرض واتضاح ملامحه بشكل كبير وتزايد الأنباء عن حالات الشفاء وقيام منظمة الصحة العالمية بالإعلان عن اكتشاف اللقاح واعتماده من قبل بعض الشركات العالمية وتجربته على بعض المتطوعين لضبط تأثيراته الجانبية التي لم يكن لها أي أثر، بحسب تصريحات منظمة الصحة العالمية، ولعل التباين السابق في ردود الفعل بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن اكتشافها لقاح المرض قد أراح العالم وبلا شك أن هذه الردود تضاءلت عما كانت عليه في بداية ظهور المرض.” الخوف من اللقاح يرد المرزوقي على الشائعات التي تناقلت أنباء عن خطورة تعاطي لقاح المرض بقوله إن “خطر انتشار الوباء تجاوز نطاق المرض ليطال نطاق الخوف من اللقاح، إذ تزامنت مع الحملات الإعلامية عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي تناقلت عدداً ضخماً جداً من الأخبار والبرامج التلفزيونية والتقارير والرسائل الإلكترونية التي تناولت اللقاح بطريقة علمية منهجية تحليلية لطبيعتها وخواصها المركبة وتأثيراتها الجانبية والتجارب السريرية والمدة الزمنية اللازمة لأي لقاح للتأكد من فعاليته وهذا ما لم يتحقق مع اللقاح المكتشف الأمر الذي أخلق هلعاً حقيقياً في الأوساط الطبية”. ويضيف: “الغموض الذي أحاط باللقاح والتناقض في التصريحات وتناقل الرسائل التي نددت بخطورة اللقاح أثر بشكل سلبي على ردود فعل الناس ما زاد الأمر تأزماً خاصة في ظل تباطؤ الجهات المعنية في الرد على مثل هذه الرسائل التي أكدت خطورة اللقاح”. فكرة المؤامرة “التناقض بين التصريحات والتقارير المؤيدة للقاح والرافضة لها امتد إلى أذهان الناس ليوحى للكثيرين وجود فكرة المؤامرة من قبل الشركات الطبية الكبرى لتحقيق أرباح هائلة من مبيعات اللقاح دون الالتفات إلى الشعارات المزيفة التي تنادي بها، ولو افترضنا صحة هذه الادعاءات نتيجة الشك فإن الانصياع خلف دهاليز الأفكار يقود إلى ضياع حتمي”. وخلص المرزوقي إلى أن “الحل هو الاستسلام لقياداتنا الرشيدة الذين هم أكثر حرصاً منا علينا، فقراراتهم واقعية ومبنية على دراسة علمية، هكذا لم تأت المصادقة على قرار شراء اللقاح المضاد لمرض انفلونزا الخنازير من فراغ، لأن البشر من ضعاف النفوس سواء كانوا المعنيين بإنتاج اللقاح أو المعنيين بإصدار التقارير والمعلومات الصحية المضادة للقاح لأي سبب كان سواء كانوا على حق أو باطل، لا نستطيع نحن أفراد المجتمع العادي استيعاب نطاق هذه الدائرة المغلقة والمتسترة بدوافع الحرص على سلامة البشرية لذا الأسلم ألا نلتفت لهذه الادعاءات والاستسلام للجهات المعنية في الدولة لأنها الأقدر على اتخاذ القرار الصحيح”
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©